الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
خطوط مصرية حمراء فــــى قضية سد النهضة

بــــلاش هـــري

خطوط مصرية حمراء فــــى قضية سد النهضة

بلاش هرى يا مصريين.



الفترة الأخيرة كثر الهرى، والكلام «الأى كلام» فى قضية سد النهضة، رغم أن قلق مصر لا يليق كما قال الرئيس فى استاد القاهرة الأسبوع الماضى.

لا القلق يليق، ولا الهرى مفروض، مصر قادرة.. ومصر كبيرة، مصر دولة رشيدة أيضا، وللدول الرشيدة معايير هى الأخرى رشيدة فى إدارة الأزمات على الرقعة الدولية والإقليمية.

أول معايير الرشد هو السلام ورغبات التعاون ويد ممدودة للجميع. رغم القدرة على الردع والجاهزية للقوة الغاشمة، فإن الدول الرشيدة تعتمد مبدأ سنابل القمح وغصون الزيتون، قبل اختبار قدرات الرافال والميج 35.

(1) 

رسم عبدالفتاح السيسى خطوطًا حمراء فى اتجاه  الجنوب، قال إن قضية النيل خط أحمر.

مصر قادرة على انتزاع حقوقها، جاهزة لوأد أى محاولات تهدد أمنها القومى أو الاستراتيجى بما تراه مناسبًا من بدائل.

للآن بديل مصر وخيارها الاستراتيجى هو السلام، تنفرد مصر بأنها تعمل كما تقول.. وتسلك من المسالك مع ما يتفق وحضارة كبرى وعراقة تكونت على ضفاف النيل قبل أن تتكون الدول.

مصر أول دولة بالمفهوم الحقيقى للدولة تظهر على ضفاف النيل قبل أكثر من 7 آلاف عام.

تكونت دولة مصرية كبرى على ضفاف هذا النهر الكريم قبل أن تبدأ دول أخرى فى الظهور بآلاف السنوات.

لا يمكن لأحد أن يتصور أن هناك من يستطيع منع هبة مصر الإلهية فى النيل.

حقوقنا ثابتة بالتاريخ وبالجغرافيا، بإرادة الإله، ورغم محاولات بعضهم الدس، ومحاولات آخرين لإثارة البلبلة والتشكيك.

ومع قدرة مصر الفائقة على الاختيار من بدائل متعددة، فإن الدول الرشيدة قادرة على انفاذ كل بدائلها على الأرض عندما تريد.

على مقياس الدول الرشيدة مازالت مصر تسعى لحلول الأزمة بما يتفق مع المبادئ الحاكمة لأكبر دولة فى المنطقة والإقليم.. وبيد ممدودة بالسلام حتى اللحظة الأخيرة.

إذا كانت رغبات السلام أساسًا أخلاقيًا مصريًا، ومبدأ تاريخيًا فإن مفهوم السلام لا يمكن أن يعنى أبدا عدم القدرة على اللجوء لما قد تفرضه مستجدات الأحداث أو ما تستوجبه الظروف عند المقتضى.

(2)

ثقة كاملة فى القيادة السياسية المصرية فى الوصول بمسألة سد النهضة إلى حلول.

لا تعارض مصر حقوق إثيوبيا فى التنمية.. لا تعارض طموحات إثيوبيا فى توليد الكهرباء، تطلب مصر فقط التزامًا قانونيًا بالتعاون فى ملء وتشغيل السد مع أديس أبابا.

بالاتفاقات الدولية وبالمعاهدات وحسب القانون الدولى وطبقا للاتفاقيات المنظمة للعلاقة بين الدول المتشاطئة للأنهار المشتركة.. مصر تكسب.

بالمفاوضات طويلة النفس.. مصر تكسب.

لا أميل إلى استعمال مصطلح «أزمة» المتداول فيما يتعلق بمسألة السد الإثيوبى, فهى ليست إلا محاولات ما فى كواليس السياسة فى الإٍقليم للإثارة.

ليست إلا محاولات لصرف نظر مصر عن التنمية، وربما هى محاولة للدس بين مصر ودول القارة السمراء، أو ربما هناك من يتصور بفكر قاصر أن من السهل لمصر أن تقدم على ما يهدد استقرار الإقليم كله.

أيادى مصر بيضاء على دول القارة السمراء. تمتد أيادى مصر بالخبرات والمساعدات لكل أفريقيا.

من قال إن مصر لا تدعم التنمية فى القارة السمراء؟!

الكلام على السوشيال ميديا وحسابات الإرهاب الإلكترونية ليس صحيحًا ولا واقعيًا.. ولا ذا نية خالصة.

على خريطة أفريقيا تتوزع نقاط تواجد الخبرات المصرية من تنزانيا لأوغندا، من السودان لجيبوتى، ومن تشاد للكونغو.

تسهم مصر فى دول القارة بتنمية مستدامة، وبعثات تعليم، وتدريب خبرات ونقل تراكمات السنين فى مجالات مختلفة لأجيال أفريقية تثق فى رغبات العطاء المصرية وتعمل على الاستفادة منها.

السنوات الماضية، حملت مصر على عاتقها عبء مسئولية التواصل مع الغرب ومع أوروبا ومع بلدان الشرق الكبرى باسم القارة السمراء ولأجل مصالح القارة السمراء.

دلائل مصر على رغبات التنمية مؤكدة, انطلاقا من مسئولية تاريخية ودعمًا لعلاقات حسن الجوار.

لكن مع رغبات التعاون فإن لدى مصر عينًا حمراء عند المقتضى وخطوطًا حمراء رسمها عبدالفتاح السيسى فى الجنوب، كما سبق أن خطها فى الغرب عند اللزوم.

(3)

النجاح فى تدويل قضية سد النهضة إضافة إلى جهود مصر الدبلوماسية وفق مبادئ النفس الطويل.. والإيمان بعدالة قضية، لن تتهاون مصر فى الحصول على حقها فيها «ثالث ومثلث».

فى عالم السياسة، تبقى سنوات التفاوض العشرة التى خاضتها مصر مع إثيوبيا رقمًا قياسيًا.

تتفاوض مصر وفق مبادئ حاكمة، ووفق اتفاقيات دولية ملزمة ووفق قانون دولى هو الآخر ملزم للجميع.

على العكس، دخلت إثيوبيا حلقة المفاوضات بلا معايير حاكمة، ولا ارتكاز على قانون، وبتعنت واضح وبإصرار على موقف وسط تساؤلات كثيرة عن قدرتها على الاستمرار فيه.

تخاطب مصر العالم وفق الاعتبارات القانونية، فيما تسعى العنتريات الإثيوبية لمخاطبة رواد الفيس بوك وتويتر رواد مواقع التواصل.

لاشك وبلا مبالغة فإن أديس أبابا فى مسألة السد لا خيارات أمامها إلا الانصياع لرغبات مصرية لها مرجعياتها التاريخية والقانونية.

فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ينازع آبى أحمد اقتصادًا منهارًا، وحربًا أهلية على الأبواب، إضافة إلى أوضاع داخلية معقدة.

تبالغ أديس أبابا فى رسائلها عن قدرات السد، وعن الخطوات الإنشائية التى وصل إليها السد، وعن القدرات التشغيلية للسد.

تستخدم أديس أبابا رسائل السد لتخفيف احتقان جبهتها الداخلية أحيانًا، ويستخدم آبى أحمد كثيرًا مسألة السد للمناورات السياسية داخل بلاده أحيانًا أخرى.

فى مسألة السد خلفيات إقليمية أخرى، تسعى من تحت «الترابيزات» فى محاولات للإضرار بمصر، أو الإيهام بأن هناك من يمكن أن ينجح فى تهديد الأمن القومى المصرى.

لذلك ومن استاد القاهرة الأسبوع الماضى أكد عبدالفتاح السيسى بوضوح: «ما حدش هيقرب من النيل».