الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
أن نفهم ونتفهم.. ما عشناه وما نعيشه!!

أن نفهم ونتفهم.. ما عشناه وما نعيشه!!

مع قدوم الجائحة كان من الطبيعي أن يزداد الاهتمام بالعلم والاطلاع على كل ما له صلة بصحة الإنسان إلا أن اللجوء إلى الكثير من الخرافات والتشبث بها سيطر أيضًا على مساحة كبيرة من اهتمام الناس وحوارهم الدائر.. والحائر والمحير بالطبع عبر السوشيال ميديا. 



وحتى لا تختلط علينا الأمور فنكتفي باتهام النت وشروره (كما جرت العادة) علينا أن نتذكر وننتبه بأن من يروج الأكاذيب والحقائق المغلوطة (الموصوفة أحيانًا بالبديلة) من جهة ومن يتبناها ويصدقها ويدافع عنها بشراسة من جهة أخرى هم وهن من وراء ما نعاني منه.. هذا الوباء المعلوماتي الكاتم على أنفاسنا!!

 

مع بدء خطوات الخروج من زمن الوباء (واللهم اجعله خير) نجد في المشهد الأمريكي هذه الذهنية أو النفسية الطارحة للتساؤلات حول ما يجب اتخاذه من خطوات للتأقلم مع ما استجد وصار واقعًا نحاول أن نعيشه.. وهو ليس نسخة طبق الأصل لما كان من قبل. وأيضًا أن نتساءل كالعادة ـ  ماذا حدث من أخطاء يمكن تحديدها بحيث لا يتم تكرارها.. أو إن تكررت (لا قدر الله) يمكن التعامل معها بناءً على ما حدث في الماضي القريب. 

الكاتب الأمريكي الشهير لورانس رايت في كتابه The Plague Year (عام الوباء) الصادر مؤخرًا يتعامل مع كوفيد ـ 19 بهذا المفهوم الشامل ذاكرًا: «هذا الوباء ليس فقط حول مرض أصابنا.. وليس حول صحة الإنسان. إنما حول مجتمعنا الأمريكي وكيف تغير في مواجهة هذه الهجمة الشرسة. كما أنني أريد أن أبحر عبر النواحي المختلفة في مجتمعنا بحيث أرى كيف تغيرنا كبلد».. رايت يتساءل عبر صفحات الكتاب الـ 332 ومن خلال متابعة استقصائية شاملة ودقيقة .. وأيضًًا فاحصة ومحللة كيف حدث ما حدث في أمريكا.. ولا بد من التأكيد هنا أن اختياري للأوصاف التي استخدمتها مع تعبير المتابعة الاستقصائية ليس كرمًا مني بقدر ما هو توصيف لما يتميز به هذا الكاتب القدير ( 73 عامًا) وتاريخه الثري وكتبه المتميزة سواء كانت عن أحداث 11 سبتمبر ( بعنوان البروج المشيدة) أو عن مفاوضات كامب ديفيد الخاصة بالسلام بين السادات وكارتر وبيجن (بعنوان 13 يومًا في سبتمبر). وكتابه الجديد يعكس التساؤلات التي رافقت أغلب من تعاملوا مع الوباء بقلق وغضب ـ لماذا يفنى نصف مليون من البشر في بلد يعد صاحب أقوى اقتصاد في العالم؟ كيف فشلت الولايات المتحدة في التصدي لهذا الوباء منذ البداية؟ وهل حاولت وفشلت أم أنها هونت من خطورة كوفيد ـ 19 وانتشاره فحدث ما حدث؟ وكم كانت إدارة ترامب السابقة تعلم عن الوباء وهل تقصيرها كان في البداية فقط أم انه كان على طول الخط؟ وماذا عن هذا الحديث المستمر منذ البداية حول أصل الوباء وهل هو فيروس مختلق في المعامل.. ومن ثم تسرب من الصين سهوًا أو قصدًا ليصل العالم لما وصل إليه؟ 

إن مناقشة هذه الأمور.. ومنها الأمور العلمية تحديدًا تتطلب القدرة والرغبة معًا على طرح الأسئلة والاستعداد للبحث عن إجابات محتملة مهما كانت قساوتها.. وليس إجابة واحدة نموذجية تريح البال. ولأن المتغيرات ـ مثلما اتضح في عام الوباء ـ كانت متلاحقة وغالبًا سريعة فإن العلماء كانوا في حيرة. البعض منهم اعترف بذلك والبعض الآخر في المقابل أفتى بما هو ليس بالأمر المحسوم ـ فكان ما كان. ولا شك أن العلماء والأطباء وخبراء الصحة في أمريكا وفي العالم يواصلون أبحاثهم ودراساتهم العلمية (ومنها تشريح المخ ضحايا الكوفيد) من أجل فك ألغاز ارتبطت بالفيروس وانتشاره وشراسته في اقتحام أجساد البشر.

ولم يتردد الأطباء والعلماء الذين كانوا في مواجهة مباشرة مع كوفيد 19 فى القول بأن الأسابيع والشهور التي مضت علّمتهم الكثير عن الفيروس وأعراض الإصابة به وعن طرق التصدي له وتحجيم شراسته وتلجيم انقضاضه على جسد المريض.. وما تركه من آثار في البشر.

ما يمكن قوله بالنسبة لمن أصابهم الفيروس أن الأعراض شملت اضطرابات بصرية وسمعية بتبعاتها.. البعض فقد حاسة الشم.. ورؤيته صارت مشوشة.. كما أن المصاب بالفيروس بعد أسابيع وشهور من ظهور الأعراض الأولية صار لديه ما يمكن وصفه بـ«ضبابية المخ»..

رحلتنا في البحث عما حدث.. وفهمه والتعايش معه مستمرة!