الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«ليـه لأ 2» .. قضـايـا المــرأة والطفــل بمنـــظور عصــرى وجـديــد

مشهد من الجزء الثنى لمسلسل ليه لأ
مشهد من الجزء الثنى لمسلسل ليه لأ

بعد نجاح الجزء الأول من مسلسل «ليه لأ»، الذى عرض عبر منصة شاهد الإلكترونية خلال العام الماضى وقامت ببطولته الفنانة أمينة خليل، طرحت المنصة الجزء الثانى من المسلسل مؤخرًا، والذى تبنى بدوره طرح قضايا إنسانية جديدة من زوايا مختلفة.



يشارك فى بطولة مسلسل «ليه لأ 2» كل من منة شلبى وأحمد حاتم ومراد مكرم ومها أبو عوف وسارة عبدالرحمن، وهو من تأليف ورشة «سرد» تحت إشراف السيناريست مريم نعوم، وسيناريو وحوار دينا نجم ومجدى أمين وإخراج مريم أبو عوف، وينتمى لنوعية مسلسلات الـ 15 حلقة.

ويتناول الجزء الثانى عدداً من القضايا الإنسانية،  ومنها قضية الاحتضان أو التبنى من قِبل أم عزباء لم يسبق لها الزواج من قبل، بالإضافة لعرض نموذجين مختلفين من دور الرعاية، لتسليط الضوء على قضايا الأيتام من زاويتين متناقضتين.

تأخر الزواج

وفى قضية مشابهة لما تبناه المسلسل فى الجزء الأول، تطرق الجزء الثانى  لقضية تأخر الزواج التى أصبحت من القضايا المطروحة فى الدراما بشكل مكثف خلال الفترة الأخيرة، ولكن  هذه المرة من منظور مختلف إذ تقرر البطلة «ندى» التى تعيش وحيدة بسبب وفاة والديها وسفر شقيقها الوحيد للعمل خارج البلاد، ألاّ تقع فى فخ القبول بأول عريس يراه المجتمع مناسباً لها، وبالرغم من نجاحها كطبيبة عيون، ووجود الشخص الذى يتمنى موافقتها على الارتباط به، لا تقبل به، لأنها تبحث عن شخص تستقر معه فى حياة تسير بالتوافق بينهما، وليس شخصا يسعى لفرض سيطرته عليها.

البطلة هنا مستقلة، ناجحة ومن طبقة ميسورة الحال، وتأخر سن زواجها اختيارياً بإرادتها الحرة، وهو ما نراه فى أعمال قليلة، حيث تعرض القضية فى أغلب الأوقات من زاوية واحدة وهى الفتاة المغلوبة على أمرها التى تعانى من الفشل فى أغلب أمور حياتها، حيث تسيطر عليها فكرة واحدة وهى الهروب من وصفها بصفة «العانس» التى تضايقها.

يضع القدر فى طريق «ندى»، طفلة لقيطة، تحاول التخلص منها وإعادتها لوالدتها غير أنها تفشل، وبعد أن تعيش معها لمدة يومين، تحاول تسليمها للنيابة ولكن تخشى عليها من طول الإجراءات الروتينية فتخرج مسرعة، وتحاول تسليمها فى دار رعاية لتقابلها صرخات الأطفال المقيمين بها، فتنسحب لتبحث عن دار رعاية آمنة وتسلمها هناك، لتعلن بعد أيام افتقادها للطفلة واشتياقها أن تصبح أمًا دون الحاجة لزيجة لا تلائمها، فتمضى فى اتجاه واحد وهو تبنى هذه الطفلة التى وجدت فيها ضالتها، وتتبدل الأمور حين تتعلق بطفل آخر أكبر سنًا،  فتقرر احتضانه بدلا منها.

من جانبها، توضح الدكتورة سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس لـ«صباح الخير»، أن ‏المجتمعات الشرقية غالبًا ما تنظر لغير المرتبطين من الجنسين، نظرة تحمل نوعًا من الغرابة ‏والشك، فتجد الأهالى يحذرون أبناءهم من الشخص الذى يقيم بمفرده، مفترضين أنه قد يحمل سرًا غامضًا ‏خلف بقائه وحيدًا.

ثقافة الاحتضان

قضية التبنى أو الاحتضان طرحت فى العديد من الأعمال الدرامية، وهى قضية مألوفة بالنسبة للباحثين عن كفالة الأيتام لأسباب متنوعة ومختلفة، لكن فكرة قيام فتاة عزباء فى سن متوسط، ناجحة فى عملها ويمكنها الزواج فى أى وقت، بتبنى طفل، كانت مختلفة على الدراما المصرية.

ويؤكد الناقد الفنى أندرو محسن أن هذه الفكرة جريئة وجديدة وغير تقليدية، خاصة أن سنها لا يعتبر كبيرًا، وهى تجربة نراها لأول مرة على الشاشة، مشددًا أنه لا يستطيع الحكم بشكل دقيق حاليًا على شخصية البطلة، فما زالت الحلقات فى البداية، ولم تتضح ملامحها بعد، لذلك فهو غير متأكد ما إن كانت البطلة ستكسب تعاطف الجمهور أم لا.

وتشير الدكتورة سامية صالح،  إلى أن النظرة السيئة من المجتمع لفتاة عزباء تود احتضان طفل يتيم، ليست مقتصرة على المجتمعات الشرقية فحسب، بل فى الخارج أيضًا يفضل أن يتم احتضان الطفل بين أبوين وليس أم عزباء مثلا أو أب أعزب، حتى يتم تعويض الطفل عن الجو الأسرى اللازم لإنشاء فرد سليم بين أفراد أسرة كاملة.

وتضيف أستاذ علم الاجتماع أنها ليست ضد تبنى فتاة أو أم عزباء لطفل يتيم، إذا أثبتت الدراسات والتحريات من جانب الإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين داخل مؤسسات الرعاية، أنها أهل وكفء لهذا الاحتضان، فالأمر لا يجب أن يتم اعتباطًا بدون دراسة للحالة، لأنه يتعلق بمصير ومستقبل طفل، يجب وضعه فى بيئة آمنة حتى ينشأ نشأة طيبة، وحتى لا يقع فريسة لشخص قد يعانى من عقد نفسية معينة، فتنعكس على الطفل من خلال تربيته.

 دور الرعاية

قدم مسلسل «ليه لأ 2» تجربتين مختلفتين فى إظهار التباين الإنسانى فى المعاملة مع الأطفال داخل دور الرعاية، ففى مشهد خاطف نجح صناع العمل فى إبراز صورة دور الرعاية التى تسيء للأطفال ويتعرضون داخلها للقسوة غير المبررة، وهذا المشهد على الرغم من كونه لم يتعد دقيقة واحدة، إلا أنه طرح قضية شائكة حول معاناة الأطفال المهمشين مع مربيين ومشرفين هذه الدور.

وفى صورة مختلفة، على النقيض من الصورة الأولى تماماً، استطاع المسلسل أن يقدم شكلا موضوعيا وإنسانيًا عن دار الرعاية التى قد تصبح نموذجًا للمعاملة الجيدة لقاطنيها، حيث لا تعتمد أساليب التربية فيها على العنف والقسوة فى حق هؤلاء الأطفال، لما يشوبها من حسم واقعى نراه فى بعض المشاهد.

وفى سياق متصل، أوضحت الدكتورة سامية  صالح، أن دور المختصين بمؤسسات الرعاية محورى ومهم فى مسألة التبنى،  مشيرة إلى أن المطلوب من هذه الدور، أبعد من أن يقتصر على مرحلة إنهاء الإجراءات الروتينية فى عملية الاحتضان أو التبنى،  بل يجب عليهم متابعة الأسرة المستضيفة للحالة بصفة دورية والإشراف على دورهم وأدائهم.

 أضافت أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، أن التأثر بالتجربة الغربية فى هذا المنحى يعد تأثرًا طيبًا، حيث تتابع دور الرعاية أطفالها بشكل دائم، وتعقد جلسات مستمرة مع الطفل والأسرة المستضيفة لمعرفة تفاصيل الحياة الجديدة التى يعيشها، وما إن كان سعيدًا ومنسجمًا أم يود العودة إلى الدار مرة أخرى، كما يعطون النصائح للأسر حول كيفية التعامل مع الطفل، وهو أمر لا بد من الاتفاق على أهميته، لمعرفة مصير الطفل المحتضَن ومتابعة حالته النفسية وأسلوب معيشته وتفاصيل تعليمه وتربيته.

 وعن هذا المحور تحديدا، يوضح «أندرو محسن» أن هناك عدة تجارب درامية سابقة، لتقديم شكل دور الرعاية بطرق مختلفة، مؤكدًا أنه يتابع المسلسل باهتمام لرغبته فى معرفة الشكل الكامل للتجربة فى مسلسل «ليه لأ 2»، خاصة مع طرح صناع العمل لشكل دار الرعاية التى استقبلت الطفلة «أحلام» بطريقة إيجابية، وهى تجربة نادرًا ما نراها فى الدراما.

تابع أن تجربة تقديم دور الرعاية بصورة سلبية فى الدراما، راجع إلى أسباب تتعلق بالعمل الدرامى وشخصية البطل، الذى فى الغالب تدور القصة حول مستقبله وحياته التى يعانى فيها كشخصية غير سوية نتيجة سوء معاملته فى دار الرعاية، بينما هنا ومنذ بداية الحلقات يستشعر المشاهد رغبة صناع العمل فى تقديم تجربة متزنة بصورة جديدة فى هذا الشأن.