الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

د. شوقى عـلام مفتى الديار المصرية: لا دين فــى السياسـة .. والخلافـة ليسـت ركنـاً إسلاميـاً

قال الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية: إن ثورة 30 يونيو 2013، كانت حدثًا فارقًا فى تاريخ مصر الحديث، فقد أدرك الشعب المصرى مظاهر وخيوط المؤامرة على بلاده، والمحاولات الخبيثة لاختراق الأمن القومى للبلاد وتهديد مؤسساتها الوطنية بصورة علنية ومكشوفة، حتى تأكد من أن جماعة الإخوان الإرهابية وتوابعها ما هم إلا أداة لضرب المصريين بعضهم ببعض تحت ما يسمى (التدمير الذاتي).



 

أضاف الدكتور شوقى علام، فى حواره لـ«صباح الخير»، أن جماعة الإخوان الإرهابية تواصل خيانتها للوطن بترويج الأكاذيب تحت دعوى أن ما جرى فى رابعة جريمة ضد الإنسانية، ويتناسون ما اقترفوه فى حق الوطن والمجتمع من جرائم التحريض والقتل والتعذيب ضد كل من انتقدهم أو خالفهم فى وقائع مثبتة صدر بشأنها أحكام قضائية، وطالب المفتى الجميع بفضح كذب وخداع هذه الجماعة الإرهابية فى تلبيسها لما جرى فى رابعة والنهضة على الصعيد الدولى حيث تعمل ماكينة الدعاية الإخوانية على تضليل الرأى العام العالمى؛ لاستدرار التعاطف الدولى فى منح بعض قادتها اللجوء السياسى.

د.شوقى علام خلال الحوار
د.شوقى علام خلال الحوار

 

 

واستعرض مفتى الديار المصرية، فى حواره الأدلة الشرعية الثابتة التى تؤكد أن جيش مصر خير أجناد الأرض، مؤكدًا أن من يشككون فى هذا «أغراضهم دنيئة»، كما تناول الحوار رأى فضيلة المفتى فى مسلسل الاختيار، وكيف ينظر إلى المطالب المستمرة بضرورة فصل الدين عن السياسة، وهل الإسلام دين ودولة أم أنه دين فقط؟ وهل السنة النبوية من مصادر التشريع الإسلامى؟ وما حكم الشرع فى مسألة «الاغتصاب الزوجى»؟ وهل التصوف وما يندرج تحته من ذكر جماعى وزيارة للأضرحة من الدين أم أنه بدع وزندقة؟ وهل أصبح تنامى ظاهرة الإلحاد يمثل خطرًا على مج تمعاتنا العربية؟ وغير ذلك من القضايا الشائكة التى نعرج عليها فى حوار.. وإلى نص الحوار:

• نحتفل بالذكرى الثامنة لثورة 30 من يونيو؛ كيف يرى فضيلة المفتى هذه الثورة؟ 

- ثورة 30 يونيو كانت حدثًا فارقًا فى تاريخ مصر الحديث، فقد أفاق الشعب المصرى وتداركته العناية الإلهية فأدرك بجلاء بعض مظاهر وخيوط المؤامرة على بلاده المحروسة، والمحاولات الخبيثة لاختراق الأمن القومى للبلاد وتهديد مؤسساتها الوطنية بصورة علنية ومكشوفة، حتى تأكد من أن جماعة الإخوان الإرهابية وتوابعها ما هم إلا أداة لضرب المصريين بعضهم ببعض تحت ما يسمى (التدمير الذاتي)؛ فرايتهم عُمِّيَّة غير واضحة، وقيادتهم ممولة، وصغارهم مُسْتَغَلُّون مُضَللون.

والمصريون انطلقوا فى هذا اليوم فأعلنوا عدم رضائهم الذى مكن هذه الجماعة الإرهابية من السلطة السياسية للدولة المصرية.

وإذا تحدثنا عن ثورة 30 يونيو من الناحية الشرعية؛ نجد أن الفقهاء قرروا أن ولاية السلطة السياسية عقد اجتماعى رضائى بين الشعوب والحكام، مبنى على الكفاءة والصلاحية للحكم، ومؤسس فى أصله على التقابل بين أداء الحقوق والالتزام بالواجبات؛ فالحاكم فيه بمنزلة الولى والوكيل، يكون عمله قائمًا على تحقيق مقاصد عقود الولاية والوكالة، ساعيًا فيما فيه مصلحة المولَّى عليه والموكِّل؛ فضلًا عن أن تولى الحكم لا يكون مؤبدًا، فلا توجد فى الإسلام سلطة مطلقة.

• عناصر جماعة الإخوان الإرهابية يقولون إن فض اعتصام رابعة الإرهابى - والذى حدث عقب أكثر من شهرين من ثورة 30 من يونيو - كان فتنة راح ضحيتها أبرياء ويزعمون أن قتلى الجماعة خرجوا لنصرة الدين والحفاظ على الشرعية؛ كيف ترون هذه المزاعم؟

- على شبابنا عدم الانجراف وراء الدعوات الهدامة والمزاعم الواهية؛ فجماعة الإخوان الإرهابية تواصل خيانتها للوطن بترويج الأكاذيب عن فض اعتصام رابعة، ويتناسون ما اقترفوه فى حق الوطن والمجتمع من جرائم التحريض والقتل والتعذيب ضد كل من انتقدهم أو خالفهم فى وقائع مثبتة صدر بشأنها أحكام قضائية، بعضها نهائى، ومن ثم على الجميع فضح كذب وخداع جماعة الإخوان الإرهابية حيث تعمل ماكينة الدعاية الإخوانية على تضليل الرأى العام العالمى؛ لاستدرار التعاطف الدولى فى منح بعض قادتها اللجوء السياسى.

ولا شك أن أحداث رابعة والنهضة وما سبقها وتلاها من أحداث تؤكد أن جماعة الإخوان الإرهابية حاضنة للعنف فى مصر والعالم عبر دعمها الفكرى لتيارات التشدد المنبثقة عنها التى تعتبر فتاوى وآراء منظرى الجماعة الإرهابية بمثابة المرجعية لهم فى ممارسة أعمالهم التخريبية.

• يزعم البعض ممن يتصدرون المجال الدعوى أن الحديث النبوى الذى وصف فيه رسول الله (ص) جند مصر بخير أجناد الأرض ليس صحيحًا؛ كيف نرد على هؤلاء بالأدلة الشرعية المعتبرة؟

- ورد فى فضل الجيش المصرى عدة أحاديث شريفة من بينها حديث رواه عمرو بن العاص رضى الله عنه، قال: حدثنى عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إذا فتح الله عليكم مصر بعدى فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا؛ فذلك الجند خير أجناد الأرض».

ومعروف لدى أهل العلم أن أحاديث الفضائل يكتفى فيها بأقل شروط القبول فى الرواية وتكون عندهم مقبولةً حسنة؛ وقد وردت هذه الأحاديث بأكثر ألفاظها فى خطبة عمرو بن العاص رضى الله عنه، وهى خطبة ثابتة مقبولة صحيحة بشواهدها، رواها أهل مصر وقبلوها، ولم يتسلط عليها بالإنكار أوالتضعيف أحدٌ يُنسَب إلى العلم فى قديم الدهر أو حديثه، ولا عبرة بمن يردُّها أو يطعن فيها هوى أو جهلًا.

وما ذكره سيدُنا عمرو بن العاص رضى الله عنه وما أورده من أحاديث مرفوعة عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى خُطبته الشهيرة التى خطب بها أهلَ مصر المحروسة على أعواد منبر مسجده العتيق بفسطاط مصر القديمة، وكان ذلك فى أواخر فصل الشتاء، حيث كان يحض الناس فى أواخر شهر مارس أو أوائل شهر أبريل على الخروج للربيع.

وقد سمعها منه المصريون وحفظوها، وتداولوها جيلًا بعد جيلٍ، ودونوها فى كتبهم ومصنفاتهم، وصدَّروا بها فضائل بلدهم، وذكروا رواتَها فى تواريخِ المصريين ورجالِهم كابرًا عن كابرٍ، وأطبقوا على قبولها والاحتجاج بها فى فضائل أهل مصر وجندها عبر القرون؛ لا ينكر ذلك منهم مُنكِرٌ، ولا يتسلط على القدح فيها أحدٌ يُنسَبُ إلى علمٍ بحديثٍ أو فقهٍ؛ بل عدُّوها من مآثر خُطَب سيدنا عمرو رضى الله عنه ونفيس حديثه، ولم يطعن فيها طاعن فى قديم الدهر أوحديثه.

وهذه الخطبة قد قبلها أهل مصر من المحدثين وأصحاب التواريخ والتراجم، ورووها فى كتبهم من غير نكير: فمنهم الإمام المحدث المؤرخ أبو القاسم عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالحكم (ت 257 هـ)، الذى أوردها فى كتابه «فتوح مصر والمغرب» (ص: 166-167)، وكذلك الإمام الحافظ المؤرخ أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصَّدَفى (ت 347 هـ)، أوردها فى مؤلفه «تاريخ مصر»، وأيضًا العلامة المؤرخ أبو عمر محمد بن يوسف الكندى (ت بعد 355 هـ)، ذكرها فى كتابه «فضائل مصر المحروسة»، وكثير غيرهم.

• ما الهدف من التشكيك فى خيرية جند مصر؟ 

- البعض يشككون فى صحة هذه الأحاديث لأغراض دنيئة؛ فجند مصر هم الآباء والأبناء والإخوة، حفظ الله بهم البلاد والعباد من شر الخراب وصان بهم الأعراض والممتلكات ومستقبل الأبناء.

فأبطال الجيش يرابطون فى سبيل الله يقدمون أرواحهم وأجسادهم ثمنًا لنأمن فى بيوتنا وشوارعنا لتستمر الحياة؛ فهم صمام الأمان لتحقيق مقاصد الأديان ورفع معالم الإسلام.

والنبى محمد (ص) قد شهد لجيش مصر وجندها بالخيرية والنجاة من الفتن، حيث قال (ص) :«ستكون فتنة أسلم الناس فيها، أو قال لخير الناس فيها، الجند الغربى»، والمقصود بالجند الغربى هم أبناء الجيش المصرى.

 

 

 

• بعض الأعمال الفنية تلعب دورًا مهمًا فى إحياء الشعور الوطنى وترقية الحس الإنسانى، وعلى سبيل المثال مسلسل الاختيار الذى لعب دورًا مهمًا فى فضح مخططات جماعة الإخوان الإرهابية وإظهار حقيقة أطماعهم وكشف جرائمهم للشعب؛ إلا أن هناك كثير من الفتاوى تحرم الفن.. فهل الفن حرام؟

- الفن الهادف النظيف الذى يعمل على معالجة سلبيات الواقع دون أن يزيدها، ليس حرامًا، بل إنه رسالة عظيمة فى رفع وعى الإنسان وثقافته ورقيه، والفنون الراقية هى عنوان التقدم والرقى والحضارة فى كل أمة، ورسالة الفن رسالة سامية لها أثر بالغ فى صناعة الأمم، وتربية الأجيال، وتبصير وتوجيه الناس نحو الغايات الحميدة السامية.

فالفن بمنزلة قوة ناعمة يمكنها إيضاح الحقائق وبيانها، كما يمكنه أيضًا الرد على الجماعات الإرهابية، ومجابهة الفكر بالفكر، وإبراز دور أفراد الجيش والشرطة فى المحافظة على أمن البلاد واستقرارها، وما قدموا من تضحيات فى سبيل ذلك، ومن شأن الفن أيضًا أن يقدم ضربات موجعة لقادة حروب الجيل الرابع، الذين يستهدفون تثبيط الروح الوطنية ونشر الفرقة والاختلاف، ويكيدون لمصر بوابل من الشائعات والأكاذيب عبر صفحات التواصل الاجتماعى وفى وسائل الإعلام الحديثة.

• كيف يرى فضيلة المفتى أعمالًا فنية مثل فيلم الممر ومسلسل الاختيار؟ 

- لا شك أن مسلسل الاختيار وفيلم الممر عملان متميزان رسما لوحة للصمود والفخر الوطنى،  وبثا الروح الوطنية فى النفوس، وأبرزا بطولات المصريين فى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وتضحياتهم خلال المواجهة مع أعداء الوطن والمخربين، الأمر الذى أعاد روح النصر والفخر والاعتزاز بقيم الفداء والوطنية والاعتزاز بالهوية، حيث نجح صناع العملين فى دمج وتوثيق الوقائع والأحداث فى قالب درامى،  ذلك بهدف تقريب التاريخ للأجيال الجديدة، ولإحياء المشاعر الوطنية وتكثيفها فى سبيل مواصلة التصدى للفكر المتطرف والجماعات الإرهابية.

• كيف نجح الإخوان والتيارات المتطرفة التى ولدت من رحم هذه الجماعة الإرهابية فى استقطاب الشباب والعامة، أو ما السبل التى نفذوا من خلالها إلى العقول؟

- تسعى الكتائب الإلكترونية لجماعات الفتنة والضلال بكل قوة لاستقطاب الشباب من خلال الأكاذيب والشائعات المسمومة التى تروِّج لها، بهدف تقويض قدرة الدولة على العمل والبناء، واستمرار إنجاز المشروعات التنموية الكبيرة، وتعطيل مسيرة الدولة وقيادتها السياسية نحو تحقيق الاستقرار والأمن والرخاء لمصرنا الغالية.

كما تسعى هذه الجماعات دائمًا إلى استغلال التجمعات الدراسية من أجل بث سمومها الخبيثة فى عقول الطلبة والتلاميذ، مستغلين بذلك خطابات هوجاء عاطفية تستميل تلك العقول.

كما أن تلك الجماعات تركز جهدها بشكل أساسى على الفئات العمرية التى تبدأ من سنى الطفولة والمراهقة، وهى المراحل التى تشهد بعض التقلبات النفسية والمزاجية المصاحبة للنمو الطبيعى لدى الفرد. 

فضلًا عن اعتمادها على بعض الأبواق الإعلامية الخارجية الفاسدة لتزييف الوعى بالشائعات المغرضة، التى هى عبارة عن تدوير لخبر مختلق لا أساس له من الواقع، ناهيك عن استغلالها لمواقع التواصل الاجتماعى لاختراق عقول الشباب ومحاولة تزييف وعيهم، وقد انتبهنا جيدًا إلى المخططات والمؤامرات التى تحاك لاستقطاب الشباب لتفويت الفرصة على المتربصين بأمن واستقرار البلاد والعباد.

• متى تتخلص مصر من لوثةالتطرف الدينى؟ 

- لا بد من مواجهة الفكر بالفكر، ودار الإفتاء المصرية لديها مجهودات كبيرة ومتنوعة فى مواجهة الفكر المتطرف على مستويات عدة، ليس فقط على مستوى رصد الفتاوى المتطرفة وتفنيدها والرد عليها، ولكن أيضًا على مستوى الأبحاث والدراسات المتعمقة والمستقبلية لمواجهة هذا الفكر الإرهابى الذى بات يهدد الجميع، ومن بين تلك المجهودات التى قامت بها الدار إنشاء «مركز سلام لدراسات التطرف والإرهاب».

ومركز سلام مركز بحثى وعلمى لإعداد الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، يرتكز على مناهج وسطية إسلامية ويعالج مشكلات التشدد والتطرف الخاصة بالمسلمين حول العالم، ويقدم توصيات وبرامج عمل لكيفية مواجهة تلك الظاهرة الآخذة فى الزيادة، ومحاربتها، والقضاء عليها، آخذًا بعين الاعتبار الخصوصيات المرتبطة بتنوع الحالات وتعددها، واختلاف المناطق والبلدان.

 

الإسلام يدعم العلم.. وفتاوى زمان موقوفة على ظروفها
الإسلام يدعم العلم.. وفتاوى زمان موقوفة على ظروفها

 

• الضمانة المُثلى لحماية المجتمع من الإرهاب والوقوف أمام أى محاولة لاستخدام الدين مطية لتحقيق أغراض سياسية هو فصل الدين عن السياسة؛ كيف ينظر فضيلة المفتى إلى هذا الطرح؟

- الدين من مكونات المنظومة الحياتية للإنسان، وهو الضابط لهذه الحياة، فقد اقتضى خلق الإنسان ووجوده نوعين من الهداية: هداية فطرية وهداية تشريعية؛ فإذا حادت فطرة الإنسان عن مسارها الصحيح احتاجت إلى الهداية التشريعية.

وحب الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره يُعد أساسًا من أسس التدين الصحيح؛ لأن المسلم الحق هو الذى يحب وطنه ويعمل جاهدًا على دعم مقومات الدولة والحفاظ على مؤسساتها؛ لأن فى ذلك حفاظًا على شعائر الدين ورعايةً لمصالح الخلق وانضباطًا لحياتهم.

والأمة الإسلامية تميزت دون سائر الأمم بالوسطية، والتى تعنى التوسط والاعتدال بين طرفى الإفراط والتفريط، ولقد سلك المتطرفون مسلك التشدد وركبوا مركب التعصب باسم التمسك بالسنة المطهرة، لكن نصوص السنة واضحة وقطعية فى نبذ التشدد والغلو، ولا يجوز استغلال الدين لتحقيق أغراض سياسية، بل ينبغى أن ننحى الدين عن أمور السياسة. 

لكن الدين كتشريع لا بد أن يكون ضابطًا لأمور الناس فى الأسرة والتجارة والصناعة، وغيرها من القضايا المعقدة التى لو درست بصورة فردية ستأتى الأحكام مبتورة.

وهنا ينبغى علينا التفريق بين أمرين، الأول: السياسة الشرعية، وتعنى أن الدين هو الذى يدير شئون الأمة من خلال المبادئ العامة والكلية التى وضعها ويطبقها المشرع، فالاجتهادات الفقهية فى السياسة الشرعية هدفها مصلحة الأمة، وتشريعاتنا مستمدة من الشريعة، أما الأمر الثانى: فهو استغلال الدين لتحقيق أغراض سياسية والدخول فى صراعات حزبية، لأن أخذ الدين إلى هذه المنطقة يؤدى إلى مفاسد، ونحن لسنا مع استغلال الدين لأجل الوصول إلى مآرب سياسية.

ولعل جماعة الإخوان أبرز مثال على استخدام الدين للوصول للحكم والدعوة لفكرة الخلافة للوصول لمآربهم من خلال دعوات خبيثة تحمل طموحًا سياسيًا، فقد استغلوا حب الناس للدين ودغدغوا مشاعرهم بهذه الدعوات.

• هذا يعنى أن الخلافة الإسلامية ليست أصلًا من أصول الشريعة أو ركنًا من أركان الدين وأنها نظام حكم لم يعد صالحًا لزماننا الحالى؟

- ‎الخلافة صيغة تاريخية للدولة، ارتضاها المسلمون فى بعض العصور، وهى ليست عقيدة ولا ركن من أركان الدين؛ وإنما هى وسيلة من وسائل الحفاظ على الدولة.

فكان الغرض من الخلافة فى الماضى هو بعينه ما يقوم به الآن رئيس الدولة حديثًا؛ من نحو سياسة الناس وتدبير شئونهم وتجهيز الجيوش وكسر شوكة المجرمين والأخذ على أيديهم، وإظهار الشعائر.

وإذا ذهبت الخلافة كاختيار سياسى فى الماضى فنحن مأمورون بالحفاظ على الدولة وليس استعادة الخلافة.

الحفاظ على الدولة فرض على الأمة؛ إذ لا بد لأى دولة من يقيم لها أمور دينها ودنياها، ويحقق لهم المصالح ويدفع عنهم المفاسد بأية صيغة تؤدى المقصود منها.

‎وادعاء إقامة خلافة مزيفة تدعى إقامة الحدود وتعتدى على الأنفس والأعراض والأموال عمل إجرامى فيه هدم للدين والدنيا، ومآله إلى الفوضى وعدم استقرار أمور البلاد والعباد، وهو تزييف يهدد حفظ المقاصد الشرعية الخمسة، وهى: حفظ النفس والعقل والدين والعرض والمال.

• هل الإسلام دين ودولة أم أنه دين وشئون الدولة ينظمها الناس حسب مقتضيات زمانهم ومكانهم بمعزل عن النص الدينى؟

- الإسلام يدعو إلى التعايش والتماسك بين طوائف المجتمع، والبناء على الأسس المشتركة ونبذ العنف والفتنة بين رعايا الدولة؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13).

والله سبحانه جعل التعددية سببًا دافعًا للتعارف والتواصل لا للتصارع والتقاطع، ويقول سبحانه: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل: 125)، فأمر عز وجل بدعوة الآخرين إلى سبيل الرشاد بالكلمة الحكيمة التى تستنير بها العقول، وبالموعظة الحسنة التى تهتز لها القلوب، وإذا تطلب الأمر الجدال لإظهار الحق فليكن بالتى هى أحسن؛ حتى لا يئول إلى التعصب الأعمى والبغضاء. 

والدولة فى الإسلام يأمن فيها أصحابُ الديانات السماوية على حريتهم التامة فى البقاء على عقائدهم وشعائرهم، كما أثبت ذلك التاريخُ الطويلُ لتعايشهم مع المسلمين على مر العصور فى الأوطان الإسلامية، وأنه فى حالة وقوع العدوان من الآخرين على أبناء الإسلام، فالجزاء المستحق هو المعاقبة بالمثل دون زيادة أو إفراط فى الانتقام.

ومع أن هذا هو العدل إلا أن الله سبحانه رغَّب المؤمنين فى الفضل، فذكر أن الصبر على المسيء خير لمن صبر. والفقهاء اهتموا ببيان معنى الوطن وأقسامه؛ والوحدة الوطنية تعد رابطة سياسية واجتماعية ينتج عنها الاستقرار والتآلف بين أهل البلد الواحد مهما تعددت دياناتهم وانتماءاتهم العرقية.

• يقول البعض أيضًا، إن الإسلام يتناقض مع العلم وأن كثيرًا من نصوصه تحرم إعمال العقل وتُعده شيطانًا مضلًا؟

- الإسلام دين العلم والمعرفة، ويدعو أتباعه دائمًا إلى طلب العلم والحث عليه بل جعل طلب الإنسان المسلم للعلم فريضة على كل مسلم ومسلمة لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- «طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَىْ كُلِّ مُسْلِمٍ»، والشريعة الإسلامية تدعونا إلى طلب العلم واحترام مكانة العلماء حيث أمرنا المولى عز وجل بتعمير هذا الكون والتدبر فى آياته واستغلال خيراته وثرواته مصداقًا لقول المولى عز وجل «وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»، وقوله تعالى أيضًا «إنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِى الألْبَابِ».

• لكن التراث يحوى مسائل عدة تتناقض مع العلم ويرفضها العقل؟

- التراث الإسلامى فى مجمله مشرف، لأنه تعامل بعقل منضبط مع واقعه، ولذلك كانت الفتاوى مناسبة للعصر الذى صدرت فيه ولم يعترض عليها أو يرفضها المسلمون فى ذلك الوقت.

والأزمة التى تحدث فى واقعنا المعاصر تتمثل فى أن البعض يصرون على الأخذ بما تم التعامل به فى واقع معين، ويريدون تطبيقه على واقعنا الحالى الذى هو واقع مختلف ومغاير تمامًا.

والسبيل الأمثل للتغلب على هذه الأزمة هو أخذ المنهج الصحيح (المنهج وليس الفتوى نفسها) لهذه الفتاوى وتطبيقه لإصدار فتاوى تتماشى مع مقتضيات زماننا الحالى وتجيب على الأمور والقضايا المستحدثة.

وهنا يجب أن ننتبه لما تفعله عناصر الجماعات المتطرفة؛ إذ أنهم يستندون على فتاوى مغلوطة أو يجتزأون من الفتاوى والنص ما يحققون به أغراضهم غير المشروعة، وهذا أمر خطير.

وما أود التأكيد عليه، هو أن كتب التراث ليست مقدسة ولكن يجب أن نحترمها، ونحن لسنا ضد تنقيحها بشرط أن يكون التنقيح فى إطار الفهم الجماعى والاستناد على المنهج العلمى الصحيح.

• هنا يجب أن نعرج على قضية حجية السنة النبوية، والتى تصدرت أحاديث الرأى العام فى الآونة الأخيرة وخرج كثيرون يؤكدون أن أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها وبما أن أكثرية الأحاديث الواردة إلينا هى أحاديث آحاد فبالتالى السنة كلها لا تُعد مصدرًا للتشريع؛ فهل السنة النبوية مصدر من مصادر التشريع؟ وهل يؤخذ بأحاديث الآحاد فى الأحكام أم لا؟

- السنة النبوية هى المصدر الثانى من مصادر التشريع الإسلامى، والمُطَّلع على علم الحديث النبوى الشريف يرى أنه إلهام من الله تبارك وتعالى، حفظ به دينه وشريعته لتبقى السنة محفوظةً إلى جانب القرآن الكريم.

والمصدران يمدان المسلمين فى كل العصور بما يحتاجون إليه من أجل إسعادهم فى الدنيا والآخرة ، ولولا هذا الإلهام والعناية الربانية لما استطاع المحدِّثون أن يضعوا هذه الضوابط الدقيقة للتأكد من صحة المرويات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما عن حديث الآحاد فهو كل حديث لم تتوافر فيه شروط الحديث المتواتر، ويسمى خبر آحاد وهو أقسام ثلاثة: مشهور ويسمى المستفيض، وعزيز، وخبر الواحد كما أوضح ذلك أئمة الحديث ومنهم الحافظ ابن حجر رحمه الله فى النخبة وشرحها، وحديث الآحاد حجة فى العقيدة وغيرها، عند أهل السنة إذا صح سند الحديث.

• فيما يتعلق بالمرأة؛ يذهب كثيرون إلى إن الإسلام ظلمهن ظلمًا كبيرًا وأوضح دليل على هذا الحكم عليهن بنقصان العقل والدين وتحريم توليهن المناصب العليا فى الدولة؛ كيف ترى هذه الأقوال؟

- الشريعة الإسلامية جاءت لتنصف المرأة وتكرمها وتعلى من شأنها بعدما كانت تتعرض للكثير من الظلم والمهانة قبل الإسلام، كما أن الشريعة الإسلامية تكرم المرأة وتمنحها كافة حقوقها المشروعة، والإسلام جعل بر الأم ثلاثة أضعاف الأب حتميًّا على الأبناء، وجعل الجنة تحت أقدام الأمهات أى بطاعة الأبناء لهن. 

والإسلام أعطى المرأة حق العمل ومشاركة الرجال فى تنمية البلدان والمجتمعات وتولى المناصب القيادية فى الدولة، وبلغ الاعتداد بالمرأة فى الإسلام مبلغًا لم تصل إليه تشريعات البشر الوضعية إلى يومنا هذا ولا تستوعبه حتى قيام الساعة، فقد ضمن للمرأة حقها فى الميراث وحرم أكله بالباطل، ويكفى أن إكرام المرأة وتقوى الله فيما يخصها كان من خواتيم وصايا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (استَوْصُوا بالنساء خيرًا).

• مما أثير مؤخرًا على منصات التواصل الاجتماعى قضية الاغتصاب الزوجي؛ هل الإسلام يُبيح للزوج أخذ حقوقه الشرعية من زوجته بالقوة حتى إن وصل فى هذا إلى حد الاغتصاب؟

- العلاقة بين الزوجين مبنية على المودة والرحمة، وينبغى على الزوجين أن يحترم كل منهما نفسية الآخر، ومن الواجب على الزّوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، قال الله سبحانه وتعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا» (سورة النساء: 19)، وقال سبحانه وتعالى: «وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِى ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» (سورة البقرة: 228).

ومن أشكال العشرة بالمعروف مبيت الزّوج فى فراش الزّوجيّة، وأدائه لحقّ الزّوجة عليه، ولا يجوز له أن يترك ذلك إلا بمانع شرعيّ، ومن ثم فالعلاقة الزوجية ممنوعة فى الحيض والنفاس، وإجبار الزوجة على العلاقة الزوجية غير جائز شرعًا، وفى العموم لا يجوز أن يحدث أى شيء بين الزوجين بالإجبار لأن العلاقة الزوجية قائمة على المودة والرحمة.

• الأيام الأخيرة شهدت هجومًا حادًا على الصوفية ووصل الحد بالبعض إلى إصدار فتاوى تنص على أن التصوف وما يندرج تحته من ذكر جماعى وزيارة للأضرحة بدع وزندقة؛ كيف يرى فضيلة المفتى هذه الفتاوى فى ميزان الشرع؟

- التصوف هو الفهم الصحيح للإسلام، ومن فضائله الزهد والورع؛ فمن ذاق حلاوة الإيمان أدرك المعنى الحقيقى للتصوف، وغرس مفاهيم التصوف الصحيح أول خطوة لهزيمة الأفكار الإرهابية، التى تتخذ الإسلام قناعًا للمخادعة.

والتصوف الصحيح - مفهومًا وممارسة - له أهمية كبرى فى حياة المسلمين أفرادًا ومجتمعات، فضلًا عن دوره فى بناء شخصية المسلم وترسيخ الهوية الإسلامية ومواجهات الأزمات المعاصرة.

والصوفية الحقيقية تحمل خطابًا روحيًا وتربويًا أساسيًا فى مواجهة الإرهاب والتطرف، فهى ترقق القلوب وتشغل الفراغ الروحى وتمثل مجالًا لاجتذاب طاقات الشباب العطشى إلى تجارب روحية لاستثمار ميل بعضهم لهذه التجارب بعد أن ملوا ثقل الحياة المادية سواء أصابوا حظًا منها أو لم يصيبوا.

أما عن زيارة أضرحة أولياء الله الصالحين، فهو أمر محبب، وكذلك الدعوة من أماكنهم، فهذه الأماكن تشهد تنزل الرحمات، والتبرك وزيارتها ليست شركًا، فهؤلاء الأشخاص كانت تتنزل عليهم الرحمات أثناء حياتهم وتتنزل عليهم أيضًا فى قبورهم، والجلوس  مع الصالحين فيه نفع كبير، وقد نهى النبى محمد صلى الله عليه وسلم، عن جليس السوء وحبب إلى المسلمين الجلوس مع الصالحين.

• تشير الإحصائيات الرسمية إلى تزايد أعداد الملحدين فى مصر بالحد الذى جعل أعدادهم تتجاوز الملايين؛ من وجهة نظركم ما هى الأسباب التى تدفع الشباب إلى الإلحاد؟

- دار الإفتاء تتلقى أسئلة متنوعة حول الإلحاد، ومن خلال تلك الأسئلة استطعنا تصنيف الأشخاص الذين يتعرضون لقضايا الإلحاد بعد مناقشتهم إلى 3 أصناف، الصنف الأول: يكون بالفعل لديه مشكلة معينة، ولكنها خفيفة، وبمجرد النقاش العلمى معه من قِبل المدربين والمتخصصين يصحح أفكاره ويتغلب على المشكلة التى واجهته، وبالفعل رجع عدد كبير بعد إزالة اللبس فى الفهم الموجود لديهم.

أما الصنف الثانى: لديه مشكلة نفسية، وبناءً على ذلك تقوم دار الإفتاء المصرية بإحالته مباشرة إلى الأطباء النفسيين، ونقول له إن عليه الذهاب لعلاج نفسه.

والصنف الثالث: يكون صاحبه بالفعل لديه فكر وعلم، ويحتاج إلى مناقشة علمية هادئة، وهذا بالفعل يتم الاستمرار معه فى النقاش لفترة طويلة من الزمان.

وهناك من استمر معه الحوار لمدة أشهر، وبعضهم أيضًا استمر الحوار لأكثر من عام، وما زال يتردد علينا ونناقشه دون ملل أو كلل، بل نريد الوصول به إلى الحق والحقيقة.

وأسئلة الإلحاد ذات طبيعة خاصة تحتاج إلى حوار علمى خاص وراقٍ، وتتلقى دار الإفتاء المصرية أسئلة عن الإلحاد منذ 5 سنوات، حيث وجدنا أن أمناء الفتوى لديهم أجوبة عن الأسئلة، ولكن فى بعض الأحيان لم يكن الجواب مسعفًا ومقنعًا؛ لذا قمنا بتدريب مجموعة من أمناء الفتوى داخليًّا وخارجيًّا على كيفية مواجهة قضايا الإلحاد، وتلك الوحدة تعمل حاليًّا فى سرية تامة من حيث نوعية الأسئلة المطروحة، وصاحب السؤال، وتعمل بانعزال عن مسار كل الأسئلة الشفوية.

• هل باتت الموجات الإلحادية تشكل خطرًا على المجتمع؟

- الدراسات والإحصاءات أظهرت أن الإلحاد فى السنوات الأخيرة شهد تناميًا كبيرًا، ومركز «ريد سى» التابع لمعهد «جلوبال» وضع مؤشرًا للإلحاد فى كل دول العالم، وقال إن مصر بها 866 ملحدًا فى عام 2014، ورغم أن الرقم ليس كبيرًا إلا أنه الأعلى فى الدول العربية، فليبيا ليس بها سوى 34 ملحدًا، أما السودان ففيها 70، واليمن فيها 32، وتونس 320، وسوريا 56، والعراق 242، وفى السعودية 178، والأردن 170، والمغرب 325 ملحدًا.

وقد أصدرنا من خلال مرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية تقريرًا رصدنا فيه أسباب تزايد ظاهرة الإلحاد بين الشباب فى الدول الإسلامية، ووجدنا أن من أهم أسباب الإلحاد تشويه الجماعات الإرهابية التكفيرية لصورة الإسلام من خلال تطبيق مفهوم خاطئ للدين، وتقديم العنف والقتل وانتهاك حقوق الإنسان على أنها من تعاليم الشريعة الإسلامية.

وكشف التقرير كذلك عن أن مواقع التواصل الاجتماعى المتعددة وفرت لهؤلاء الشباب المغرر بهم مساحات كبيرة من الحرية أكثر أمانًا للتعبير عن آرائهم ووجهة نظرهم فى رفض الدين، بعيدًا عن التابوهات التى تخلقها الأعراف الدينية والاجتماعية.

كما أوضح التقرير أن مرصد دار الإفتاء للفتاوى التكفيرية، رصد حلقة نقاشية أجرتها «هيئة الإذاعة البريطانية» على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» تحمل عنوان «لماذا نرفض تطبيق الشريعة الإسلامية» وقد تجاوب معها خمسة آلاف تغريدة فى يوم واحد، حيث تركز النقاش حول ما إذا كانت الشريعة الإسلامية مناسبة لاحتياجات الدول العربية والنظم القانونية الحديثة.