السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

حلم «بايدن» لإنقاذ الكوكب؟!

الاستثمار فى التكنولوجيا يخلف آثار اجتماعية أيضا
الاستثمار فى التكنولوجيا يخلف آثار اجتماعية أيضا

فى إطار الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين يقف العالم حائرًا بسبب التغيرات المناخية التى تشهدها جميع قارات العالم، نتيجة زيادة انبعاثات الكربون، التى أدت الى ذوبان الأنهار الجليدية، وتكثيف العواصف الاستوائية.. وفى الولايات المتحدة الأمريكية وحدها جرت أحداث مناخية قاتلة مثل: إعصار ماريا، وحرائق الغابات فى كاليفورنيا، وموجة الجليد القطبية فى تكساس، وزيادة الفيضانات.



وتسبب هذا التغير فى خسائر تصل إلى 1.7 تريليون دولار سنويّا  بحلول عام 2025، ومن المتوقع ارتفاعها  إلى 30 تريليون دولار بحلول عام 2075.

نذ تولى الرئيس الأمريكى «جو بايدن» الحكم، وهو يرفع شعار «عصر المناخ» فى البيت الأبيض؛ على اعتبار أنه يجب أن تقود الولايات المتحدة الجهود العالمية، للتعامل مع الأزمة التى نعانى منها.

هذا فى الوقت الذى تعتبر فيه الولايات المتحدة من أكثر ٧ دول تحرق الغاز فى العالم؛ حيث تقوم بحرق الغاز الطبيعى المصاحب لاستخراج وإنتاج البترول، وهو ما ينتج مجموعة ملوثات، تساهم فى زيادة أزمة الاحتباس الحرارى.

ولأن أزمة المناخ تعتبر مسألة وجودية فى إدارة «بايدن»، فخصص لها ما يمثل 10 أضعاف الإنفاق فى حزمة التحفيز التى ضخها نظام الرئيس الأسبق «باراك أوباما»، وركز الجزء الثانى من خطته الاقتصادية والمعروف بخطة الوظائف الأمريكية، وقيمته 2.4 تريليون دولار، على قطاع النقل؛ حيث ذهب له 620 مليار دولار.

ويسبب النقل فى أمريكا نحو 28 % من انبعاثات الكربون، وفى العالم كله، تكشف لنا أرقام البنك الدولى،أن قطاع النقل ينتج 24% من الانبعاثات، ويتوقع زيادتها إلى 60% بحلول عام 2050.

وهو ما يتطلب إجراءات عاجلة، حتى تنجح الجهود؛ حيث يصعب تقييد حركة البشر، سواء فى السكك الحديدية والطرق والجو والبحر، هذا ما يفسر لك الثورة التى يشهدها العالم فى مجال صناعة السيارات الكهربائية، بجانب التشجيع على فتح مساحات للمشى فى الشوارع وركوب الدراجات.

وللنجاح فى فطام الاقتصاد الأمريكى من لعنة الوقود العادى،سيستفيد قطاع النقل بـ 174 مليار دولار لدعم صناعة السيارات الكهربائية وإنشاء شبكة من 500 ألف شاحن لها، بالإضافة إلى 165 مليار دولار للمواصلات العامة؛ لتشجيع الأمريكيين على عدم استخدام سياراتهم الملوثة للبيئة.

لكن ما علاقة هذا كله بالصراع بين أمريكا والصين؟، الإجابة هى أن الصين تعتبر أكبر مصدر لانبعاثات الكربون عالميّا، ومع تعافى الاقتصاد الصينى خلال الشهور الثلاثة الماضية، ستمثل الصين وحدها أكثر من 50% من استخدام الفحم خلال هذا العام، حسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة.

ولذلك تمثل بكين حجر عثرة فى طريق الجهود الأمريكية، وهو ما يفسر إيفاد الرئيس الأمريكى لجون كيرى- مبعوث المناخ إلى الصين- من أجل تعزيز التزاماتها نحو قضية المناخ؛ حيث تعاملها اتفاقية باريس للمناخ كدولة نامية وتمنحها وقتًا أطول لخفض الانبعاثات.

لكن فى الوقت نفسه، تقود الحكومة الصينية العالم فى استخدام السيارات الكهربائية، لدرجة جعلتها الدولة رقم واحد فى هذا النوع من السيارات، ويعود ذلك بالأساس إلى النجاح فى توفير أجهزة الشحن.

وتمتلك الصين نسبة 80 % من العناصر الأرضية النادرة المسئولة عن أهم المواد المستخدمة فى إنتاج السيارات الكهربائية وصنع البطاريات، وفقًا للمسح الجيولوجى الأمريكى،ليس ذلك فقط؛ بل وأنظمة الطاقة المتجددة (توربينات الرياح، والألواح الشمسية)، وصناعات التكنولوجيا (التليفزيون، والكمبيوتر).

ومن هذة العناصر: الكوبالت والليثيوم، وتقوم الولايات المتحدة باستيرادها من الصين، التى نجحت فى توقيع شراكات مع دول إفريقية منتجة لها، مثل الكونغو التى تعتبر مصدرًا لثلثَىْ إنتاج العالم من الكوبالت.

وإذا نجح «بايدن» فى تمرير باقى خطته الاقتصادية، فهذا ما معناه أن مستقبل العالم يحمل شعار البقاء للأخضر، وستشهد السنوات المقبلة تغييرًا جذريّا للطريقة التى تعمل بها الاقتصادات والرأسمالية، بما يمكننا وصفه بإعادة هندسة للعالم.

فالاستثمار والصناعة سيصبحان صديقين للبيئة وللمناخ، وتمويلات البنوك للشركات والمشروعات ستكون فقط للاقتصاد النظيف، مما سيقضى على ظاهرة حالية يطلق عليها «الغسل الأخضر»، وهى مشابهة لفكرة غسيل الأموال؛ حيث تقدم الشركات معلومات مضللة حول خضوعها لمعايير الحوكمة البيئية.

وسيشهد قطاع الطاقة ومشروعات البترول والغاز انقلابًا كبيرًا، فالمستقبل الواعد الذى ستقوده أمريكا، سيشكل عهدًا جديدًا صحيّا للأرض، وهو ما يشير إلى احتمالية فقدان ملايين الوظائف فى هذا القطاع، الذى عانى من خسائر فادحة من تأثيرات كورونا.

وللتعامل مع هذه الآثار الاجتماعية، طرح فى أوروبا برنامج واسع النطاق للدخل الأساسى الشامل، يتضمن إنفاقًا هائلاً، يمكن أن يكلف الاقتصاد 5 % من الناتج المحلى الإجمالى سنويّا، كما قدّر وزير المالية اليونانى السابق «يانيس فاروفاكيس»، على أن يتم تمويله بالسندات الخضراء، التى يصدرها بنك استثمارى حكومى.

لكن على الجانب الآخر، طرحت منظمة العمل الدولية وجهة نظر أخرى؛ حيث أشارت إلى أن الانتقال إلى اقتصادات منخفضة الكربون وصديقة للبيئة، سيسهم فى خلق نحو 60 مليون وظيفة بحلول عام 2030، وذلك فى الأنشطة الاقتصادية الجديدة.