الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

رجـال لا يــذهبون للمـأذون مرتــين!

الكلام هنا عن هذه النوعية من الرجال الذين لا توجد لديهم «نية» مراجعة الزوجة بعد طلاق شفهى ويتعمدون مع ذلك «رمى اليمين» دون وثيقة طلاق وبلا توثيق يثبت أنها «مطلقة». هناك ما هو أسوأ، إذ تبدأ الزوجة فى البحث عن زوجها لإجباره على توثيق الطلاق، وبعد طول بحث يصبح كأنه «فص ملح وداب»!



 

فبعض الرجال لا يفضلون الذهاب للمأذون مرتين، لذلك فإن هؤلاء يتزوجون ثم يطلقون باللسان، وعلى المتضرر اللجوء للقضاء.

كثيرا ما تضطر زوجات للانصياع «للوى الذراع» ويذهبن للخلع حتى يحصلن على حريتهن بالتخلى عن حقوقهن! وللأسف هناك رجال يستغلون تلك النقطة، للتخلص من الزوجة بكلمة واحدة دون إثبات كعقاب وإذلال لتظل معلقة، وتكتظ محاكم الأسرة بالعديد من الباحثات عن «الخلاص»، كثيرات يردن إثبات طلاقهن رغبة فى استعادة حريتهن المسلوبة وهروبا من زوج يعذبها دون تحمل المسئولية بتوثيق الطلاق كتابيًا.

وهنا نطرح السؤال متسائلين عن سيكولوجية ذلك النوع من الرجال، الذى لا هو راغب فى إعادة مطلقته، ولا هو راغب فى استمرار الزواج.

فما الذى يمنعه من منح الزوجة حقوقها وتكريمها بوثيقة الطلاق؟

هل يعانى ذلك النوع من الرجال مشكلات معينة؟!

هل هى عدم القدرة على تحمل المسئولية؟ أم أنها الرغبة فى الإذلال؟

ما هى الطبيعة النفسية لذلك النوع من الرجال الذى يتعامل مع الطلاق كأنه «لبانة» يمضغها وقتما يشاء، ويرميها متى شاء؟!

دكتور وليد هندى استشارى الصحة النفسية يقول: أى سلوك إنسانى هو نتيجة لعمليةالبناء النفسى داخل كل منا، والبناء النفسى هو نتاج المستوى التعليمى والاجتماعى والتربوى والثقافى، والعديد من المشاهد التى تنعكس على السلوك.

فمثلا الرجل الذى يستعمل لفظ «الطلاق» كثيرًا، أو كثيرًا ما يهدد به زوجته إذا فعلت كذا «أنتى طالق»، أو إذا خرج أحد الأبناء «أنتى طالقق»، هو فى الواقع شخصية كانت عرضة فى طفولته إلى التهديد والوعيد!

نشأته قائمة على الأوامر من والديه، يعنى رباه أهله على: إذا فعلت هذا سأمنعك من كذا، أو إذا كررت تلك الفعلة، سأخبر والدك».

يعنى كان طوال الوقت خاضعًا للتهديد والعنف المعنوى، حتى فى المدرسة بعضهم كان يتم تهديده إذا تصرف تصرفًا فسيتم فصله.. وهكذا».

يضيف الدكتور هندى: ولذلك الطفل لما شب رجلا فى التهديد والوعيد..  وأعتقد أنه يؤتى أثره، وفى كبره قام بعملية إعادة إنتاج السلوك الذى تربى عليه مع زوجته بتهديدها بالطلاق والتوعد لها بذلك.

وقد يكون الزوج من الشخصيات المبتزة غير مسيطر بحنانه أو بالبلدى «مش مالى عين مراته»، كذلك يلجأ بمبادرة سلطوية فى استخدام الطلاق لإخضاعها لسلطته، باعتبار أن الطلاق هو ما لديه من حل أو هى الحيلة الوحيدة.

يضيف الدكتور هندى فى تفسير سيكولوجية الرجل كثير الطلاق: قد يكون أيضًا شخصية اندفاعية، الطلاق على لسانه دائمًا، وليس لديه قدرة على التحكم بأعصابه، فلا يملك ثباتا انفعاليا ولا قدرة على إدراك الأمور، أو يكون زوجا جاء من بيت مفكك، لا يعلم عن الاستقرار الأسرى شيئًا.

يقول الدكتور هندى: إن بعض الرجال يرى فى استخدام الطلاق مع كل خلاف أمرًا عاديا، نتيجة نشأته فى أجواء مشابهة، ما أدى إلى أن أصبح غير مسئول لا يدرك سلبيات سلوكياته على زوجته وعلى باقى أفراد الأسرة، بالإضافة إلى جهله بأحكام الدين.

وعن الرجل الذى يرفض توثيق الطلاق قال: هو شخصية غير مسئولة ضعيف، يعانى من تشويش فكرى وقيمى ولا يدرك الأمور ولا السلبيات المترتبة على ذلك، فهو «سيكوباتى» يظهر أنيقًا ناعمًا وذا كلام لطيف ويبحث فقط عن نفسه ونزواته بلا مسئوليات.

يقول د. هندى: وهو شخص نرجسى أيضًا، وهذا النوع يهرب من المسئولية المادية والمعنوية.

من جانبها، قالت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: إنه لا بد من حلول جذرية لمشكلة الطلاق الشفوى الآن قبل غد، والكرة فى ملعب المؤسسة الدينية.

وتضيف أنه لا بد أن يتم التعامل بأولوية مع المشكلة، إذ كيف تعانى المرأة من معضلة رجل - بصرف النظر عن سماته الشخصية - طلقها بدون توثيق، ودون أن تملك وثيقة طلاق وتظل هكذا معلقة، أو مطلقة مع إيقاف التنفيذ.