السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

ضحايا الفلكيين.. وخرافة التنجيم

رغم التطور المذهل فى الحياة، وما وصل العالم إليه اليوم من إنجازات بفضل تطور المعرفة والاعتماد على العلم.. فإنه مازال هناك العديد الذى يبدأ يومه بقراءة «حظك اليوم»، والعديد الذى يؤمن بصفات الأبراج حتى، وإن لم يؤمن بالتنبؤات، ولكن ما هو أسوأ أن هناك عددا ليس بقليل جعلوا الأبراج تتحكم فى قراراتهم ومصائرهم، فيبتعدون عن أشخاص فقط لأنهم أصحاب برج ما ويقتربون من آخرين للسبب ذاته، فكم من علاقة زواج جادة لم تكتمل بسبب أن أحدهما ينعت الآخر بأنه من برج سيئ وكم من قرارات خاطئة اتخذها آخرون فى مجالات شراكة مختلفة مع برج معين لأنهم محظوظون؟ اليوم بعد ازدياد عدد تطبيقات الأبراج، والمهتمين بالتنجيم والقائمين عليه من خلال قنوات التواصل الاجتماعى ومدى تأثير ذلك على مفاهيمنا، سلوكياتنا وطريقة تفكيرنا كان لا بد أن نبحث ونسأل هل الأبراج والتنجيم لهما أسس علمية تبنيان عليها أم دجل؟ وما الذى يجعلنا نصدق ما تقوله الأبراج.. كل ذلك وأكثر سيتم الكشف عنه فى السطور التالية.



 

 وتأثير فورير أو «بارنوم» بحسب ما يشتهر هو ظاهرة نفسية تشير إلى ميل الأفراد إلى رؤية كلام المنجمين على أنه دقيق وأنه وصف شخصياتهم التى يفترض أنها صممت خصيصًا لهم، ولكنه فى الواقع عادة ما يكون غامضا وعاما لدرجة أنه يمكن أن ينطبق على طائفة كبيرة من الناس. 

وبارنوم طريقة يستخدمها المعالجون بالإيمان والعرّافون والمنجّمون لخداع ضحاياهم وابتزازهم.

أكاذيب الأبراج: 

يُسمى تأثير بارنوم أيضًا بتأثير فورير، وهو مصطلح فى علم النفس يصف كيف يمكن خداع الناس بسهولة من خلال الصفات الشخصية الإيجابية، ويقع العبء هنا على دقة وصف الظاهرة فيما يتعلق بالشخصية المختلفة والمتفردة للمرء.

لكن أى شخص يقرأ فى خريطة الأبراج يعلم جيدًا أن الصفات عادة ما تكون عامة ويمكن أن تنطبق بسهولة على جارك أو قريبك. ويُظهر تأثير فورير انخداع الناس بالعبارات الإيجابية فى وصفهم رغم حقيقة أنها تنطبق تمامًا على أشخاص آخرين.

ينسب هذا الاسم إلى منظّم العروض الأمريكى الشهير بى تى بارنوم الذى اشتهر بالترويج للخدع المشهورة وأسس سيرك «بارنوم وبايلى»، وهو صاحب العبارة الشهيرة: «فى كل دقيقة يولد مغفل، فى إشارة إلى ضعف الفريسة أمام الدجال والمشعوذ. 

هنا يقول الدكتور محمد الشيخ أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر: كل ما يثار عن البارنوم خرافة وأكاذيب، مؤكدا أنه لا توجد علاقة بين الشمس، القمر والنجوم وأقدار البنى آدم، وتابع: «فكرة تأثير الأقمار على شخصية الإنسان غير مسندة لعلم حقيقى، وما تتنبأ به الأبراج أو ما تقدمه الأبراج من صفات لمواليد أشهر بعينها كلها تضع تحت مصطلح «بارنوم أيفكت» أى تأثير بارنوم وهو عبارة عن كلام مرسل عام يناسب جميع الشخصيات قائمة على عوامل مشتركة فى كل الأشخاص.

أضاف الشيخ، أن جميع كلام الأبراج يعتمد على التحفيز والتشجيع والإطراء، والسبب وراء تصديق الأشخاص للأبراج، أن الإنسان ميال إلى تصديق الخرافة واتباعها لأنه يجد فى ذلك إعفاء من مسئوليته، الإنسان يحب أن يشعر أن ليس له يد فى ما يحدث له، لا يريد أن يحمل نفسه أى مسئولية ويلقى الأمر على الحظ، أنه شخص غير محظوظ أو أقل حظا من أشخاص آخرين، دائما نلقى الأمور على الأقدار فنجد أغلب الناس يردون على فشلهم فى أى شىء بأن «قدره هكذا» وهى حيلة دفاعية اسمها «الإسقاط»، يسقط الشخص الأمر وفشله على شىء آخر ويهدف نحو ذلك لرفع السبب عن نفسه أو أن له دخلا فى ذلك، لماذا نفعل ذلك؟ لسبب بسيط وهو عدم مسئولية تحديد مصيرنا وحتى لا نبذل مجهودا.

العقل والخرافة: 

وأضاف الشيخ ظاهرة الإبراج خطيرة، وأصبح الشغل الشاغل فى مجتمعنا أن العقل والخرافة خطان متوازيان لا يلتقيان فكلما كان معدل التصديق فى الخرافة أكبر، كل ما كان العقل بعيدا عن المنطق، والميل للخرافة وتصديقها مثل تصديق الأبراج وغيرها من الخرافات ليست حديثة العهد وإنما كأى ظاهرة جديدة قديما كانت تحدث كانت الخرافة هى الأقرب للتصديق بدلا من البحث حول الظاهرة وإسنادها لأمر علمى فمثلا منذ 150 سنة عندما كان يصاب البعض فى مصر بتضخم فى الطحال أو الكبد كان يتم كوى البطن لأن «الجن» هو سبب تضخم الطحال أو الكبد وعملية الكوى ستخرج الجن من هذا العضو.. فهى خرافة تم تصديقها واتبعها العديد إلى أن ظهر سبب علمى وطبى وتمت معالجة الأمر بأسس علمية، وأيضا الغرب فى أوروبا عندما انتشرت الكوليرا كانوا يرجعون ذلك إلى أن هناك روحا شريرة تقبض أرواح الناس، للأسف طالما الإنسان بعيدا عن إرجاع وإسناد الأمور للعقل والمنطق فسنظل نميل إلى التصديق للخرافة.

التكهنات والتنبؤات: 

فيما وصفت دكتور نجوى فرج الإخصائية الاجتماعية والمستشارة الأسرية، ظاهرة الأبراج بـ«الخطيرة»، وأضافت أصبح شغل الشاغل فى مجتمعنا بل فى العالم بأكمله وخصوصا بعض الدول العربية التى سمحت بإصدار بعض الكتيبات فى هذا الجانب، وكان نصيب الأسد فى انتشار هذه الظاهرة على مجتمعنا، وساعد ظروف كثيرة على ذلك بتسليط الضوء على الخرافة وصانعيها وتكهناتهم وتنبؤاتهم حول الأشخاص من كل برج بل التكنهات حول ما سيحدث للبلاد.

لفتت فرج إلى أنه رغم ذلك، هناك شريحة من المجتمع لا تقبل بهذا التنجيم، والبعض الآخر يتحدث فى ذلك على سبيل التسلية وحب استطلاع لمعرفة التكنولوجيا الحديثة ناقلة الظاهرة باهتمام والعمل على انتشارها بشكل أكبر والتفاف العديد من الأشخاص على اليوتيوب وغيره من التطبيق يعطى دعما لنشر مثل تلك الخرافات التى لا أساس لها من الصحة.