الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
حقوق مصر المائية وسد النهضة

حقوق مصر المائية وسد النهضة

وقعت مصر والسودان وإثيوبيا اتفاق مبادئ عام 2015، قضى بتنفيذ إثيوبيا لتوصيات استشارية لتقييم الأثر البيئى والاجتماعى لسد النهضة.



لكن إثيوبيا لم تلتزم، رغم أن هذا الأثر هو الذى ستتحدد عليه قواعد ملء وتشغيل السد، ذلك أن مصر ترى أن الملء السريع لخزان السد، سيؤدى إلى خسارتها من 12 % إلى 20 % من حصتها المائية من النهر.

وتضع مصر فى اعتبارها أن حصتها من مياه النيل تبلغ 55 مليار متر ونصف المليار متر مكعب سنوياً، وإيراداتها من المياه الجوفية تبلغ حوالى 4.50 مليار متر أخرى،  بإجمالى قدره 60 مليار متر مكعب سنوياً، فى حين يبلغ استهلاكها حوالى 114 مليار متر مكعب، أى بعجز قدره 54 مليار متر مكعب فى السنة.

الحكومة المصرية تحتاج إذاً إلى تأمين حصتها القانونية من مياه النهر أولا، إضافة إلى ما تبذله من جهد جبار لزيادة مواردها من المياه من مصادر أخرى،  كسدود لتجميع مياه الأمطار، وما تبنيه من محطات معالجة للصرف الزراعى لإعادة استخدام مليارات من الأمتار المكعبة من مياه الرى،  ومحطات إعادة مياه الصرف الزراعى الزائدة إلى الترع مرة أخرى،  وما إلى ذلك من تعظيم استخدام أساليب الرى الحديث لتقليل الفاقد، وحسن استغلال مواردنا المائية.

وتنتهك إثيوبيا إتفاق 2015، وتقوم بالملء الأول لخزان السد فى يوليو 2020، دون الوصول لاتفاق مع مصر والسودان يحدد قواعد ملء السد وتشغيله, وتُجرى المفاوضات تلو الأخرى، وإلى حين كتابة هذه السطور، دون تقدم يذكر فى الموقف الإثيوبى, ومع ذلك يبقى تحليلى السياسى الشخصى للأمر، مؤكداً على أن توقيع اتفاق بين الدول الثلاث أصبح مسألة يقينية قادمة لا محالة، بما يضمن حقوقا مائية عادلة لمصر والسودان وإثيوبيا, ويقينى هذا يأتى بميزان اعتبارات سياسية أولها؛ أنه لو أضرت إثيوبيا بحصة مصر من المياه، لأنشأ هذا سابقة خطيرة تضرب قواعد القانون الدولى فى مقتل، وتفتح أوجه الصراع السياسى والمسلح على مصراعيها، فيما يخص محاصصة مياه الأنهار العابرة للأوطان بين الدول المتشاطئة عليها، مثل ذلك كمثل نهر الدانوب فى أوروبا، وحالته ماثلة لحال نهر النيل تماماً.

وثانيها أن العبث بحصة مصر من مياه النهر، مسألة تفتح الباب لاحتمال دفاع مسلح عن حقوق الوطن، وهذا فى حد ذاته أكبر رادع لإثيوبيا، وستأخذه حتماً عين الاعتبار.

أما ثالثها، فوساطة سودانية أراها قادمة بمبادرة سودانية بحتة للأسباب الآتية؛ أن ضرب مصر للسد ينتج عنه فيضانات مدمرة لأراضٍ سودانية, أن السودان - فى ظل عدم التزام إثيوبيا بدراسات الأثر البيئى والاجتماعى للسد - لا يعرف حجم الضرر الذى يمكن أن يقع عليه، لو كان فى إنشاء السد خطأ، أو لو أسيئ تشغيله وملأه, وساطة السودان تُقربها من حل مشاكلها العالقة مع كل من مصر وإثيوبيا, تلك الوساطة تُعلى الشأن السودانى خاصة وهو يسعى لتغيير الصورة الذهنية للعالم عنه.

لهذه الأسباب، ولوجود قيادة مصرية سياسية حكيمة، وديبلوماسية دقيقة، وقوة عسكرية معتبرة، فإننى قانع بأن الحل قادم ولو بعد بعض الحين.

وستظل مصر هبتك يا نيل، وأيقونتك الذهبية، ومركزاً للألأة كل قطرة من مياهك.