السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
«افرحوا .. رمضان جانا»!

«افرحوا .. رمضان جانا»!

«رمضان جانا»... ولم يغنه أحد، وكل ما نسمعه قديم، كأن الشهر الفضيل ما عاد يشفى صبابة  شعراء القافية، فجفت القرائح، وما عاد أيضًا يهتز له وتر، ويفرح به عود وكَمان، وتردد اسمه حنجرة. ويا عجب العجاب، كيف غاب الصفاء الروحى والوجدانى.



بين أغنيات رمضان وفوانيسه علاقة رمزية  وحكاية إبداع، بالشعر والكلمة، ورونق الحرفة فى صناعة الفوانيس. محمد فوزى، أول من أشار الى تلك العلاقة بأغنية، «بشراك يا صايم.. هاتوا الفوانيس يا ولاد». عبد العزيز محمود ترك فى ذاكرة رمضان أغنية ردّدتها أجيال «مرحب شهر الصوم»، وفى وداع «رمضان»، غنت شريفة فاضل «والله لسه بدرى يا شهر الصيام».

و«فانوس رمضان»، أصل حكايته تعود إلى زمن الحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمى، غريب الأطوار، فقد أمر ذات سنة التُّجار وأصحاب الأملاك وشيوخ المساجد بتعليق «قناديل» مشتعلة فوق أبواب منشآتهم طوال شهر رمضان، كما أمر بعدم خروج نساء القاهرة ليلًا، إلا لأداء صلاة التَّراويح شريطة أن يتقدم السَّيدة منهن صبيًا يحمل قنديلًا مضاءً ينبئ المارة بأن هناك سيِّدة تمر فيُخلون لها الطريق. ومضى زمن، وجاء زمن، وبقى «الفانوس» يحكى بين أيدى الصبية حكاية ليالى الشهر الفضيل. وتصدح الحناجر» رمضان جانا.. وفرحنا به... بعد غيابه... وبقاله زمان... رمضان جانا»،  وقد غناها محمد عبد المطلب.

وصناعة الفوانيس حرفة وإبداع، فتبلور شكل الفانوس عبر العصور حتى اتخذ شكله الحالى، وأصبحت مصر رائدة فى  صناعة الفوانيس التى توقَد بالشمع أو بالزّيت، وازدهرت هذه الحرفة فى منطقة «تحت الرَّبْع»، و«القلعة»، وشارع «السَّد البرَّانى»، و«بركة الفيل» فى «السيدة زينب»، فمن محترفات تلك المناطق خرجت فوانيس ولا أحلى، وسنة بعد سنة، أخذت تلك المحترفات تختفى، فأصبحت فوانيسنا من «بلاستيك»، نستوردها من الصين!

على أن أغنية «وحوى يا وحوى.. إياحة»، الأكثر  إرتباطا بشهر رمضان (من شعر حسين حلمى المانسترلى، وغناء أحمد عبد القادر)،  و الكلمات فى الأصل قبطية، كلمة «وحوى»  تعنى «اقتربوا»، و«إياحا» هى «الهلال»، ويصبح المعنى: «اقتربوا لرؤية الهلال» وهو مرتبط بشهر رمضان. والسائد أنها ذات أصول فرعونية، وقد نُظِمت بعد انتصار «أحمس» على «الهكسوس»، فخرج الشعب يحى الملكة «أياح حتب «هاتفين» واح واح إياح» أى «تعيش تعيش إياحة»  ومنذ ذلك الوقت تحولت إلى «وحوى يا وحوى إياحة». ويشير أثريون إلى أن المصريين القدماء كانوا يخرجون للترحيب بالقمر مطلع كل شهر، وكانوا يغنون «وحوى يا وحوى»، ويبقى أنه فى اللغة الهيروغليفية «كلمة «وحوى» معناها   «افرحي»، فتبقى كلمات الأغنية معبرة عن الفرحة والبهجة.