الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
أوسكار 2021.. وعالم جديد يتشكل حولنا

أوسكار 2021.. وعالم جديد يتشكل حولنا

بعد حفل جوائز أوسكار الأخير لم يتردد أغلب من تابع تفاصيله فى التساؤل.. هل فقدت هوليوود بريقها وتراجع الإبداع والخيال فى عالم الأفلام؟؟ وهل أفلام العام الحالى ستكون أكثر اهتماما بتحدياتنا النفسية والعقلية فى زمن العزل والتباعد الاجتماعى.. وكيف سنخرج من حالة عدم الذهاب إلى دور السينما ؟



 

الأفلام التى تم ترشيحها أو فازت بأوسكار ـ بموضوعاتها وصناعها ـ هذا العام تعكس المشهد الأمريكى الهوليوودى الراهن. أن عالم السينما لم يعد فقط عالم الهروب من الواقع وعالم الرجل الأبيض وعالم الأفلام الضخمة فى الإنتاج بل نحن شاهدنا وسوف نشاهد أكثر أفلام تواجه الواقع مهما كان قبحه وتهتم بما يمكن تسميته بـ«جمال الصدق الفنى». ونعم أفلام صنعها رجال ونساء ومبدعون أيما كانوا أو كن.. بيضا أو سودا أو أصحاب البشرات المختلفة  ومن أجيال نمت وترعرعت وسط التنوع العرقى والفكرى والإنسانى الذى يعتز بثراء التعدد ويحتفى به.. فنا وإبداعا. فالفائزة بأوسكار أحسن إخراج هى كلوى جاو مخرجة فيلم Nomadland (أرض الرحالة) هى صينية المولد وأول امرأة غير بيضاء تفوز بجائزة أحسن إخراج فى تاريخ جوائز أوسكار. المرأة الوحيدة التى فازت بأوسكار إخراج قبلها كانت كاترين بيجلو عام 2010. والفيلم تدور أحداثه فى الغرب الأمريكى وتكلف خمسة ملايين من الدولارات فقط . ويتناول مفهوم أن هناك دائما ما يجمع البشر حتى لو اختلفت الطرق التى يسيرون فيها ..وأن الإنسانية تتجلى وقد تظهر أجمل ما فيها فى لقاءات إنسانية.. وكما يقال فى مشهد بالفيلم ـ  لا توجد لدى كلمات وداع أخيرة إذ قد ألتقى بك من جديد فى الطريق.. هذه المخرجة (39 عاما) تمثل السينما المستقلة والبديلة وقد تم الاحتفاء بها وبفيلمها وحتى قبل فوزها بأوسكار أحسن إخراج من جانب نحو 60 منظمة أمريكية وعالمية تهتم بالسينما والفنون.

بالطبع ما جذب الانتباه  فى حفل أوسكار رقم 93.. ما قيل وما تم تذكيره بأن حبنا للأفلام ساعدنا على الإبحار فى زمن الوباء.. أن السينما داعبت خيالنا وأخذتنا بعيدا عما قد نعانى منه.. وأن الأفلام التى شاهدناها ونحن صغار صارت جزءا مهما من ذاكرتنا وفهمنا للعالم .. وكيف أن الأفلام عرفتنا بشعوب أخرى وأحلام أخرى.. وكيف أن الموسيقى ـ بأبجدية صغيرة فى العدد وعظيمة فى التأثير ـ  ومنها موسيقى الجاز استطاعت أن تحرك أشياء كثيرة فى حياتنا وفى نفوسنا ونحن نحاول أن نفهم الآخرين ونتفاهم معهم!! وطبعا قيل أيضا.. علينا أن نتوجه إلى دور السينما حتى نعود إلى ما اعتدنا عليه.. ونتواصل مع بعض ونستمتع بمشاهدة الأفلام معا..

وبالتأكيد كان  واضحا فى مراسم الاحتفال وكلمات المشاركين التأكيد على التنوع والتعدد وثراء المشهد الأمريكى  فى الحياة وعلى الشاشة.. بتعدد أنواع البشرة وألوان الثقافات.. الحضور الأسود رجالا ونساء.. إبداعا وفنا وصوتا وغناء وحلما وغضبا كان ملفتا للأنظار والانتباه.. خطاب الحب  والإنسانية والتآخى والتواصل والتفاعل مع الآخر احتل الجزء الأكبر من حفل الاحتفاء بالسينما والأفلام.. هوليوود مع أمريكا ـ كما يبدو تريد أن تتعافى ليس فقط مما عانت منه من عام الوباء وأيضا من سنوات ترامب وأمريكا أولا وخطاب كراهية الآخر ـ غير البيض.. خاصة بعد ما حدث يوم 6 يناير الماضى.. نعم هوليوود فى مواجهة واشنطن ـ تاريخ طويل من التناقض والتنافر والتصارع والتصادم.. بين المبدع والسياسى وبين الخيال والانتهازية.. وغالبا ما بين ما يعد جميلا وما يوصف بالقبيح مهما كان القناع شكلا أو مضمونا.. وقد سمعنا وقرأنا كثيرا وبعدة لغات: نحب الأفلام الأمريكية ونكره السياسات الأمريكية!!

ولا يمكن الحديث عن زماننا هذا وعالم السينما دون ذكر نتفليكس. فمنصة البث السينمائى صارت صاحبة حضور متميز وقوى فى صناعة السينما بإنتاجها لأفلام لها مذاق خاص.. عدد ترشيحات أفلامها هذا العام بلغ 36 ترشيحا لأوسكار لم تفز نتفليكس من هذا العدد الكبير إلا بسبع جوائز.. إلا أن مغامراتها السينمائية الأمريكية والعالمية مستمرة.. وفى تزايد متواصل. وللعلم وصل عدد مشتركى نيتفلكس إلى نحو 208 ملايين مشترك منهم 74 مليونا فى أمريكا وكندا... 

سينما جديدة بمفهوم جديد.. وتوجهات مختلفة قادمة إلينا.