الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
استعادة الحياة.. وأنفسنا

استعادة الحياة.. وأنفسنا

توم هانكس الممثل الأمريكى كان من أوائل الأسماء الشهيرة التى أعلنت إصابتها بالكورونا.. وكان حينذاك فى أستراليا. منذ أيام وبعد عام مما عاشه وعشناه أقرأ سطورا له عن دروس تعلمها واستفاد منها فى عام أو زمن الوباء. كتب هانكس: أن كوفيد 19 علمنا أن الحياة غير مستقرة وهكذا أيضا الصحة. وأن جزءا دقيقا جدا من عالمنا مثل فيروس يمكن أن يسلب منا الحيوية والمجتمع والأسرة والهدف فى حياتنا سواء أصابنا المرض أم لا.



 

وبما أن عاما مر على المواجهة الشرسة بين الفيروس والإنسان فى زماننا هذا فإن الحديث الذى يلفت الأنظار هذه الأيام فى أمريكا بجانب الأمل المرتبط باستخدام المصل المضاد هو الالتفاتة للنظر فى حياتنا من جديد.. لعل وعسى تتضح الرؤية أو قد تصبح الأمور أقل ضبابية. 

نعم، قد يرى البعض (وهم ليسوا بالقلة) أن الحديث فى الأمور المتعلقة بكورونا ليس بالأمر السار بشكل عام وبالتالى من الأفضل تفاديه.. أو الابتعاد عنه بقدر الإمكان. أى بالتعبير الدارج لا تجيب سيرته ولا تقرب منه.. إحنا مش ناقصين عكننة. إلا أن أغلب من أدلوا برأيهم بصدق وجرأة بخصوص التعامل مع أجواء الكورونا والسحب التى تكاثفت بسبب توابعه وضحاياه نصحوا بضرورة وأهمية الفضفضة. على أساس أن هذه الفضفضة أو الرحرحة فى الكلام وفى مواجهة النفس تؤدى تدريجيا إلى تكسير كتل الحزن أو الكآبة التى تراكمت على مدى الشهور الماضية.. وأن تفتيت هذه الكتل يسهل من عملية مواجهتها والتعامل معها بشكل يؤدى إلى ما هو مطلوب ومأمول إزالته من النفس البشرية. هذا ما يقوله وبشكل واضح وصريح علماء النفس البشرية فى مناقشاتهم التى تدور هذه الأيام. وطبعا هم يقولوا بس مين اللى يسمع أو يريد أن يسمع فهو أمر آخر اعتدناه مع كل أزمة نواجهها أو نحاول أن نجتازها.

لا شك أن التباعد الاجتماعى أو الجسدى من الآخرين قد قلل من فرص الفضفضة معهم.. ومن خلالهم. وهذه العملية النفسية التطهيرية كانت غالبا تلقائية وعلى دفعات قد تطول أو تقصر طالما كان دائما فى البال أن لقاء آخر بالتأكيد سيحدث مع هذا الشخص بعد فترة قد تقصر أو تطول. وأيضا كانت تتواجد إمكانية لقاء أكثر من شخص وبالتالى تزداد فرص التواصل مع الآخرين أو الفضفضة فى حضورهم.

 

 

نعومى أوساكا لاعبة التنس الشهيرة اعترفت فى مقال لها فى صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية بأن اضطرارها أو إجبارها لتبطئة سير حياتها أعطاها الفرصة للوصول إلى اكتشافات جديدة فى حياتها وإلى أن تثمن جمال وقيمة عدم الحركة.. حسب تعبيرها. اليابانية الشابة ( 23 عاما) ذكرت أيضا أن تكون دائما فى حركة لا يعنى أنك تتحرك فى الاتجاه الصحيح/ الإيجابى. مشيرة إلى أنها حاولت فى الفترة الماضية أن تجد النجاح خارج ملعب التنس أيضا !!

ولعل من أبرز ما تعلمناه خلال عام الكورونا أهمية العلم فى حياتنا وضرورة اهتمامنا بالتوعية الصحية من أجل تفادى الوباء والحفاظ على أرواح الأحباء.. من الأسرة ومن الأصدقاء. وتعلمنا أيضا بجانب الاقتراب من الخالق واللجوء إليه.. كيف نتواصل ونتفاعل مع من فى اعتقادنا فى حاجة إلى مساعدة منا ومساندة منا.. ولو بكلمة حلوة للاطمئنان والسؤال عن الحال!

ومن الطبيعى أن يسأل المرء المتأمل لحالنا أو لما صار حالنا.. ماذا حدث للهمسة فى حياتنا؟ ماذا حدث للمسة وسحرها فى تواصلنا الإنسانى؟ كيف شكل زووم وسيط التواصل والتفاعل الإنترنيتى أو الافتراضى رغبتنا فى الإقبال على الحديث أو الإحجام عنه خاصة أنه بعد فترة قصيرة من استخدام الزووم يجد البعض لسبب أو آخر أنه نفسيا انفصل عن التلاقى الحادث أمامه على شاشة الكمبيوتر أو الهاتف الذكى!.. وهل تزايد الخوف والقلق وعدم اليقين فى أيامنا وليالينا؟ أن ما حدث.. وما لم يحدث فى حياتنا فى الشهور الماضية نبهتنا إلى أن أيام العمر معدودة! حكمة الأقدمين أثبتتها الأيام.. وأكدها خبراء النفس الإنسانية.