الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

طوفـان «التعليقـات الشرسـة» يطـــارد النجــــوم!

رغم عالميته لم يتحول صلاح إلى ترند لأنه يسند إدارة أعماله إلى مؤسسة
رغم عالميته لم يتحول صلاح إلى ترند لأنه يسند إدارة أعماله إلى مؤسسة

وجه كلمة لفلان.. لو كنت متابعًا لمواقع التواصل الاجتماعى فقد مرت أمامك العبارة السابقة أكثر من مرة بالتأكيد، حيث تستخدم صفحات الصحف والقنوات تلك الحيلة من أجل زيادة «الريتش». يقوم أحد المشاهير بتصرف سلبى عادة وإيجابى أحيانًا ويصبح حديث الناس على «التايم لاين» فتوضع صورته فى إطار وعليها هذه العبارة ويُترك للناس توجيه ما يعتبرونها حرية رأى وهو أبعد ما يكون عن الرأى والحرية، لتكون مثل هذه الحيل الصحفية و«الفيسبوكية» إذا جاز التعبير بداية ظاهرة يعانى منها الفن والنجوم حاليًا، ونرصد فى السطور المقبلة، ظاهرة «التعليقات الشرسة» حيث يواجه الفنانون هجومًا عنيفًا وشبه دائم من المتابعين بات البعض يتوقع أنه موجه وليس عفويًا. 



قبل أن أكمل نتوقف أولًا أمام تعريف «الريتش» فهو الموازى للترافيك، الأخير مرتبط بعدد زيارات الجمهور لمواقع الأخبار، والأول عدد زيارات الجمهور لمنشورات الصفحات عبر فيس بوك وتويتر وغيرهما من منصات التواصل أو التباغض الاجتماعى كما يسميها الرافضون لنتائجها السلبية.

أما «التايم لاين» فهو تعبير عما يتابعه المستخدم لفيس بوك أو تويتر عبر حسابه الشخصى وهو نتاج من يتابعهم سواء كانوا أشخاصًا أو صفحات أو مجموعات «جروبات».

تهتم الصحف بالريتش بدرجة كبيرة، على سبيل المثال تخيل أن هناك موقفاً انتقد فيه البعض الفنان محمد رمضان، وقامت صفحة تابعة لجريدة ما بنشر صورته مع عبارة «وجه كلمة لمحمد رمضان بعد كذا وكذا» وبما أن كثيرين يرفضون ما يقدمه النجم المثير للجدل، فسيقومون بالكتابة أو وضع رموز «إيموجى» وقد يصل التفاعل مثلًا إلى أكثر من مليون شخص، هذا مكسب للصفحة، لكنه خسارة للفن، حيث بات كل النجوم تحت مقصلة الجمهور، أو لنقل فئة منهم تشعر بغضب شديد تجاه «شخص» النجم وليس فقط ما يقدمه الأمر الذى حول العلاقة بين الفنانين والمتابعين إلى توتر دائم، ووصل إلى درجة تقديم النجم بلاغات فى الجمهور، أو العكس حيث قدمت إحدى الفتيات بلاغًا ضد ممثل معروف لأنه تجاوز ضدها فى تعليق عبر حسابه على إنستجرام.

أسنان مدببة

ما سبق لا يعنى أننى أتهم الصحافة فقط بأنها سبب تدهور العلاقة بين الفن والجمهور على السوشيال ميديا، من خلال تعمد نشر الأخبار بطريقة تجعل الفنان دائمًا محل انتقاد، مثل نشر صورة فنانة مصابة بفيروس كورونا وهى ترتدى فستانًا لافتًا للانتباه فى افتتاح أحد المهرجانات، فيقوم البعض بالتعليق شماتة فيها لأنها غير محتشمة فيدخل آخرون ويدافعون عنها ويضيع الخبر الأصلى أن هناك إنسانًا أيًا كانت مهنته مصاب بالفيروس اللعين، وطبعًا لو تم نشر الخبر بصورة عادية لا تثير الجدل، سينخفض حجم «الريتش» إلى النصف وربما أقل من ذلك وهو ما تعتبره الصحف خسارة قريبة دون النظر للخسارة الأبعد، تلك المرتبطة بمكانة الفن المصرى وبتحويل الجمهور عبر مواقع التواصل إلى أفواه بأسنان مدببة قادرة على جرح أى شخص أيًا كان، وبعد الفنانين سيكون الصحفيون أول من تطالهم «شراسة» المعلقين فنكون كمن جهز المذبح لنفسه وإن لم يكن أول الضحايا. 

نموذج صلاح

هناك لجان إلكترونية تشجع هدفها تدمير ثقة المجتمع بالنخبة، أمر وارد طبعًا، فالحرب الإعلامية على المصريين لا تنتهى، لكن لماذا نعطيهم السلاح بأيدينا؟ تكلمنا عن دور الصحافة فى ذلك فماذا عن الفنانين؟ هل هم أبرياء بالكامل من صناعة الطوفان، بالعكس البداية كانت عندهم، فلم يكونوا مثل باقى المصريين مستعدين للتعامل مع وسائل التواصل، غرتهم الملايين التى تتابعهم ولم يدركوا أن من بينهم مئات الآلاف من القنابل الموقوتة، خدعتهم المكاسب المادية ولم يدركوا أنها ستزول إذا زادت التعليقات السلبية.

نجم كمحمد صلاح، يتابعه على انستجرام أكثر من 40 مليون شخص، لماذا لم تحدث أزمة واحدة بينه وبين المتابعين، لماذا لم يتحول لمرة واحدة إلى ترند بسبب صورة غريبة أو فيديو لا يليق، ببساطة لأنه لا يدير الحساب بمفرده، هناك مؤسسة تتعامل وتعرف ماذا ومتى يقول، وكيف يدعم حملة وكيف يتجاهل أخرى، لكن بعض نجومنا حتى لو كان لديهم مساعدون فإن دورهم قاصر على نشر نجاحات النجم وتفاعل الجمهور معه، فيما النجم نفسه يتبادل التعليقات مع زملائه والمتابعين وكأننا فى عصر «الهوتمايل ماسينجر» حيث لا أزمات تنتج عن أى تعليق غير مرغوب فيه. 

تفاصيل مستفزة 

الكم الكبير من تفاصيل حياة النجوم الذى بات متاحًا على السوشيال ميديا عاد عليهم قبل أى فئة أخرى بصورة عكسية، نشر اليوميات، التواجد فى حمامات السباحة، الفنادق الفخمة، السيارات الفارهة، كواليس التصوير والمكياج وتصميم الملابس، هناك فئة كبيرة تحب كل هذا، لكن التكثيف منه وعدم اختيار التوقيتات المناسبة، أثار غضب فئة أخرى، تشعر بالطبقية دومًا وبانفصال الفنان عن مجتمعه، ربما تكون أيادى خارجية استغلت ذلك، ودفعت «لجانها الإلكترونية» لتشويه الفن المصرى فترمى «الطعم» لأصحاب التعليقات الشرسة، لكن حتى لو لم يحدث فإن الناس فى بلادنا باتوا مستعدين لهدم أى قيمة وأى شخص عبر مجموعة من التعليقات.

هل من حلول؟ طبعًا، إعادة النظر أولًا فى طريقة تعامل الفنانين والصحف مع الناس على السوشيال ميديا، التنازل عن المكاسب القريبة المتمثلة فى الريتش والترافيك، من أجل الحفاظ على الجمهور الواعى المتابع بحق الذى انصرف تمامًا هرباً من جحيم التعليقات الشرسة، أن يفكر الفنان ألف مرة قبل نشر صورة أو تعليق، وأن يقتصد ولا يفرط، فهذا أفضل للجميع، أن تقوم الجهات المعنية بالطب النفسى والمجتمعى بمراقبة الظاهرة وتدريب مديرى الصفحات على استيعاب هؤلاء والرد عليهم وتفنيد كلماتهم ومحاولة فهم السبب الحقيقى وراء كل هذا الغضب.