الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

حكاية الأسطى «نوسة»

تصنفر السيارة
تصنفر السيارة

الأسطى نوسه كما يدعوها أهل الأقصر، هى أول صعيدية تعمل فى مجال إصلاح السيارات «السمكرة»، وأشهر أسطى «دوكو» فى مركز إسنا جنوب الأقصر.



هى فى الخمسينات من عمرها، اضطرها مرض زوجها للنزول للعمل بورشته بدلًا منه للإنفاق على أسرتها. «صباح الخير» التقت عن قرب بالأسطى نوسة لمزيد من تفاصيل حياة فيها كثير من الأسرار.

 

قالت نوسة لـ«صباح الخير» إنها تزوجت الأسطى حسن وهو صاحب ورشة سمكرة ودوكو للسيارات، وكانت تعيش حياة تقليدية كأم لأربعة أطفال، تكرس حياتها فى بيتها لأبنائها وزوجها.

لم تتخيل نوسة يومًا أن تكون أول صعيدية تقتحم هذا المجال، وتصبح «الأسطى نوسة»، وتحترف عملها لدرجة تجعل صيتها ملء المحافظة.

وتقول نوسة إنها كانت تساعد زوجها فى تنظيف وإعداد الماء والصنفرة والألوان، وبعد إصابة زوجها بمرض الكبد، وحجزه فترة طويلة فى المستشفى، لم تجد الحاجة نوسة مخرجًا سوى أنها تكمل هى بنفسها طلبات الورشة دون علم أحد.

وقد كان.. بدأت فى زيارة زوجها صباحًا فى المستشفى وتعد له اللازم من المأكل والملبس، ثم تعود فى المساء لتكمل صنفرة وسمكرة السيارات المركونة فى الورشة.

وتذكر أنها بعد موت زوجها وفى ذكرى الأربعين له كانت قد سلّمت ثلاث سيارات لأصحابها.

وتذكر نوسة أن ما دفعها للعمل فى الورشة هو احتياجها الشديد لمصدر رزق ودخل لها ولأولادها الأربعة.. لديها ثلاثة أولاد وبنت، أكبرهم كان عنده 16 عامًا وقت وفاة والدهم من ٧ سنوات، ومن وقتها توكلت على الله وبدأت العمل.

 وتتذكر نوسة أنها فى البداية لاقت معارضة شديدة بعد علم أخواتها الرجال معللين أنها مهنة تحتاج إلى رجل، لأن تعاملها كله مع الرجال، ومن جانب آخر خشوا أن تسوء سمعتها، فنحن نعيش فى الصعيد والصعيد لديه عاداته الصارمة وتقاليده التى لا يحيد عنها أحد، خافوا عليها من كلام الناس عليها وعلى أولادها، لكنها أصرت على الخروج  للعمل وخلعت ملابس الألوان وارتدت الأسود، وتذكر أنها تعرضت لمعاكسات ومضايقات لكن صرامتها وحدتها فى التعامل أجبرت الكل على احترامها.

تقول الأسطى نوسة: أنا اشتغلت فى مهنة رجالة فلازم أبقى راجل، وأقدر أحمى نفسى وأولادي، وتذكر نوسة أنها منذ ذلك الحين ونساء الصعيد ينظرن لها نظرة احترام، ودائمًا يقُلن: الست نوسة ست قادرة، لأنه لم يستطع أحد من قبل أن يعمل فى تلك المهن الصعبة.

وتتذكر أنه بعد موت زوجها لم يكن أصحاب السيارات يتشجعون لإصلاح سياراتهم فى ورشتها بحكم أنها امرأة، وهذا عمل فيه اتفاقات ومعاينات وكلام كثير، فكانت تمر بظروف وضوائق مالية كبيرة، ولكنها لم تذكر لأحد ذلك، ولم تتكل على أحد، وتضيف: كنت أعيش أنا وأولادى بالقليل.

فعندما لا يتوافر لدينا الخبز، كنت أحضر كيس مكرونة وآكله أنا وأولادى ونكتفى شاكرين.

ومع الوقت بدأ يذيع صيتي بحب واحترام الناس، وبحكم الصنعة والدقة التى أمتلكها استرجعت اسم وصيت الورشة مرة أخرى، وأشجع كل امرأة أن تعتمد على ذاتها وتثق فى نفسها بعد ثقتها فى الله عز وجل، وألا تجعل كلام الناس عائقًا يحدد مصير حياتها.