الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

كيـف نجحــت مصـر فــى تنويـــع مصــادر السلاح؟!

كانت وجوبية تنويع مصادر السلاح المصرى هى المعادلة الأصعب التى حققها الرئيس عبدالفتاح السيسى وفرضها وفق قواعد اللعبة على الدول الكبرى انطلاقًا من تحقيق حرية القرار المصرى فى وقائع غير مسبوقة.



كانت معادلة تنويع مصادر السلاح إحدى القفزات بعدما أصبحت مصر لاعباً رئيسياً على الساحة الدولية والإقليمية ولها دور فاعل فى جميع العمليات السياسية وحل الأزمات التى تعصف بالمنطقة.

فكان للرؤية المصرية نجاعتها ومصداقيتها عند بدء المفاوضات السياسية لأزمات المنطقة، وكان الأمن القومى المصرى والعربى فى مقدمة أولويات القيادة المصرية.

فى حقيقة الأمر فإن الحديث عن فاعلية دور مصر سياسياً فى المنطقة؛ ما كان لها أن تؤتى ثمارها لولا الارتكاز على مؤسسة قوية لديها تراكم وتاريخ من النضال والوطنية والشجاعة وسجلات البطولة التى يحفل بها الجيش المصرى، تلك القوة العسكرية التى لا يضاهيها قوة أخرى فى منطقة الشرق الأوسط وفقًا لدراسات وبحوث مراكز الدراسات والمعاهد العسكرية العالمية - التى وضعت الجيش المصرى ضمن أقوى 10 جيوش على مستوى العالم.

 

 

 

تلك القوة القادرة على الحفاظ على السلم والأمن الإقليمى، والقادرة أيضًا على ردع كل من تسول له نفسه التمدد والتوسع على حساب أمن مصر القومى والعربى. الأزمات السياسية عند الولوج إليها سياسيًا لا بد من توافر أمرين: مرونة سياسية وقاعدة عسكرية تستند إلى جيش قوى حتى تستطيع الأطراف الفاعلة سياسيًا تقديم ضمانات أمنية وسياسية ولكى تكون طرفًا فاعلاً فى معادلة الأمن الإقليمى وحل أزمات المنطقة.

وإجمالاً يمكن القول إن مصر هى الدولة الوحيدة فى المنطقة القادرة على تقديم ضمان أمنى وسياسى فى المنطقة على أى صعيد كان فى الطريق لحل أزمات الإقليم وحسن إدارة التعامل معها، تلك الفاعلية هى نتاج جهد وعمل، فكلما نمت وتطورت قدرات وإمكانات الجيوش زادت قوة الدولة وارتفعت مؤشرات الأمن والاستقرار فيها، واستطاعت الحفاظ على مقدرات الأوطان وثرواته ومكتسباته، بل فرض رؤيتها ووضع خطوط حمراء للغزاة الطامعين.

 

 

 

 

فرضت التطورات المتلاحقة فى المنطقة العربية ضرورة تسليح الجيش المصرى بأحدث المعدات القتالية خاصة بعد أن شهد الإقليم حالة من السيولة السياسية والأمنية، دول سقطت بين عشية وضحاها، جيوش انهارت قبل أن تختبر وتحارب، إضافة إلى ذلك تنامى خطر الجماعات الإرهابية وسيطرتها على دول ومدن وأقاليم أصبحت متاخمة للحدود المصرية، بل عبرت شرازم منهم فى وقت ما وتبعًا لخطط ما إلى داخل مصر ونفذوا علميات إرهابية ضد الدولة.

وبرزت الحاجة إلى وجود جيش قوى مجهز لحماية مناطق الثروة النفطية والغاز التى اكتشفت مؤخرًا، وكانت مهددة من جانب دول إقليمية تمارس البلطجة اعتقدت أنها يمكن أن تحتل وتنقب عن الغاز والبترول فى أى مكان، ولولا القوات المسلحة المصرية واستعدادها لضاعت تلك الثروة واستولى عليها حماة الإرهاب وممولوه، ولفقدت مصر مكانتها كمركز إقليمى للغاز الطبيعى فى شرق المتوسط.

أمام التهديدات المتزايدة، اعتمدت مصر استراتيجية الصمود والمواجهة. صمدت مصر أمام التحديات التى واجهتها خلال السنوات الماضية، كان الخطاب السياسى لرئيس الجمهورية واضحًا وصريحًا تطرق إلى لب الأزمة وجوهرها، أكد على أن محاربة الإرهاب تكون بالمواجهة العسكرية والفكرية، وأن معاقبة الإرهابيين لا تقتصر على من ينفذ العملية الإرهابية، بل للدول التى تدعم وتمول وتخطط وتدرب وتنقل الإرهابيين.

نجح الرئيس السيسى فى إقناع دول العالم برؤيته، واستطاع أن يواجه الجماعات الإرهابية والتهديدات التى أحاطت مصر بعبقرية ودهاء، تمكن على مدار السنوات القليلة الماضية منذ عام 2014، من عقد العديد من صفقات التسلح المختلفة مع العديد من الدول، أبرزها: روسيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والصين، بالإضافة إلى تفعيل الاتفاقيات العسكرية السابقة مع الولايات المتحدة الأمريكية. 

 

 

 

والسؤال الذى يطرح نفسه: كيف استطاع السيسى إقناع تلك الدول وعلى اختلاف توجهاتها ومصالحها بتوريد السلاح لمصر؟

فى حقيقة الأمر، فإن الدول المنتجة للسلاح ترتكز على محددات أساسية، وهى:

أولاً الاعتدال: اعتدال الدول عنصر مهم للدول المصدرة للسلاح والدولة المعتدلة ألا تكون مصدرًا للتهديدات والتوترات فى المنطقة أو لجيرانها أو للسلم والأمن الدوليين، والسياسة المعتدلة لمصر دفعت الكثير من دول العالم خاصة الأوروبية إلى الشراكة معها فيما يتعلق بمنظومات الأسلحة إضافة إلى تعاون على أصعدة مختلفة، ولعل هذا ما صرح به وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس خلال زيارة للقاهرة العام الماضى بأن مصر «شريك مهم» من أجل ضمان الاستقرار فى المنطقة.

جيش وطنى قوى: قوة الجيوش تقاس بخبراتها العسكرية والمعارك والحروب التى خاضتها دفاعًا عن الأرض والنفس، والجيش المصرى من أقدم جيوش الأرض خاض معارك عديدة سجل بطولات عظيمة على مر التاريخ. وفى كل مرحلة تاريخية لم يسجل التاريخ اعتداء أو غزوًا، كما أن حصول الجيش المصرى على أسلحة ومعدات متطورة من غواصات وطائرات وسفن حربية فى صالح الدول المصنعة للسلاح مثلما هو فى صالح مصر لأن وجود نوعية معينة من السلاح فى الجيش المصرى يدفع دولاً أخرى للتهافت للحصول عليه ولا ننسى أنه فور توقيع مصر على صفقة طائرات الرفال الفرنسية سارعت دول أخرى فى الشرق الأوسط للحصول عليها كالهند وباكستان وقطر.

شريك يعتمد عليه: لا يمكن الحديث عن أمن واستقرار المنطقة بدون مصر، فمصر هى الفاعل الرئيس فى معادلة الأمن الإقليمى والدولى. الأوروبيون عندما يتحركون من أجل تأمين حدودهم الجنوبية جنوب البحر المتوسط من خطر الهجرة غير الشرعية والإرهاب والجريمة العابرة للحدود لا يجدون أفضل من مصر الشريك الذى يعتمد عليه.

عندما اقترحت مصر مع فرنسا إنشاء شراكة عبر المتوسط تكون خلفًا لعملية برشلونة وافق الجميع عليها وكانت الشراكة من أجل المتوسط وبدأ الاتحاد من أجل المتوسط عمله برئاسة دورية تشترك فى توليها دولة عضو بالاتحاد الأوروبى مع أحد الشركاء المتوسطيين، وكانت مصر وفرنسا أول بلدين يتوليانها.

 

 

قيادة حكيمة: مصر فى عهد السيسى «نقطة مضيئة بالمنطقة»، وتقدم أفضل النماذج فى سياسة حسن الجوار، وتعد شريكًا إقليميًا يحتذى به سواء فيما يتعلق بالنقلة النوعية التى أحدثتها بمختلف المجالات، وفى مقدمتها الاقتصاد والطاقة والتنمية، أو لكونها بلدًا على استعداد دائم لتقديم يد العون لشركائه، وفى هذا الصدد أشير إلى المساعدات التى قدمتها مصر للبلدان الأخرى فى ظل جائحة كورونا. 

الجهود فى حفظ السلم والأمن الدوليين: 

تأتى مساهمة مصر فى قوات حفظ السلام  من منطلق الدور المحورى والريادى للدولة المصرية، وحرصها على دعم جهود السلام  والأمن فى جميع أنحاء العالم من خلال المشاركة فى بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بقوات مؤهلة تأهيلاً رفيع المستوى. 

وتعد مصر من أكبر الدول المساهمة بقوات فى بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام وضمن الدول العشر الأولى الأكثر إسهاماً فى حفظ السلام على مستوى العالم، والأولى عربياً والثالثة على مستوى الدول الفرانكفونية، وكانت المساهمة المصرية  الأولى فى قوات حفظ السلام للأمم المتحدة فى عام 1960 فى الكونغو. ومنذ ذلك الحين ساهمت مصر فى 37 بعثات بمشاركة أكثر من ثلاثين ألف فرد من القوات المصرية فى البعثات الأممية المنتشرة فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا.

مصر جمعت المميزات السابقة وانفردت بها، لذلك ليس غريبًا أن تنوع مصر صادراتها من السلاح وتحصل على طائرات الرافال الفرنسية والغواصات الألمانية ومقاتلات ميج و«سوخوى - 35» الروسية ومقاتلات إف 16 الأمريكية وحاملات المروحيات الأولى فى تاريخ مصر وهى «ميسترال». وفرقاطات فريم سيتم من إيطاليا.