الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مين يقدر يزعلك يا أمى؟!

أمى.. ثم أمى، فهل للأم وقلبها بديل؟



فى عيد الأم الذى نحتفى بكل مصرية مثلت الحضن لأولادها، ووضعت حجر الأساس فى مشوار نجاحهم.

فكرنا فى سؤال قد يبدو للمتلقى غريبًا حسب تعليقات محدثينا، لكن كان له بعد مختلف.

فى عيد الأم سألنا: عملت إيه مع والدتك، وندمت عليه؟ سألنا: لو عادت الوالدة للحياة ما الذى سوف تقوله لها؟

طرحنا الأسئلة على مجموعة من النخبة، فكشفت إجاباتهم قصصًا غاية فى الخصوصية والإنسانية.

دموع الحاجة حياة

«عندما بكت الحاجة حياة.. انهار العالم من حولى».

تلك كانت قصة الشاعر جمال بخيت رئيس تحرير مجلة صباح الخير الأسبق مع والدته التى شكلت عالمه وأصبحت مصدر إلهامه ووحيه. 

بصوت يغلب عليه شجن الذكريات، قال جمال بخيت: لقد كنت ولدًا بين 12 أخًا وأختًا، وظللت بالنسبة لأمى آخر العنقود، ولم أجرؤ أن أحزنها أبدًا فى يوم من الأيام.

 

 

 

يضيف بخيت: لكن ما حدث أنها حزنت لأجلى فى إحدى المرات من شدة حبها لى.

فقد كنت أكتب الشعر منذ أن كنت فى الصف الأول الإعدادى، وألقى أشعارى فى الإذاعة المدرسية، ونشر لى فؤاد حداد فى باب «قال الشاعر» وقت أن كنت فى الثانوية، ففكرت وقتها: ما الذى يدفعنى إلى إكمال تعليمى ودخول الامتحانات، وكل العباقرة كانوا يذمون فى نظام التعليم آنذاك، وكانت أسرتى تنتظر منى أن أدخل كلية الطب نظرًا لتفوقى، لكنى شعرت أننى من يجب أن يحدد حياتى. وبالفعل كنت أدخل الامتحان ولا أكتب شيئًا، واستمررت على هذه الحالة عامين.

وفى السنة الثالثة قبل الامتحان بـ15 يومًا، بكت أمى، وببكائها انهار العالم من حولى، فقررت أن أرضخ لرغبتها ودخلت الامتحان وأجبت عن الأسئلة لأجل خاطرها.

يضيف جمال بخيت: رتبت لى أمى بعد ذلك انتسابى للثانوية العامة من منازلهم بعدما كنت قد التحقت بمعهد فنى تجارى طنطا، وحصلت على مجموع كبير والتحقت بكلية الإعلام، قسم صحافة، وفور تخرجى عملت بمجلة صباح الخير كما خططت، وكل هذا بفضل أمى، لكنى ظللت لسنوات أفكر فى دموع أمى التى غيرت مجرى حياتى.

(ناظرة مدرسة حياتى)

قصة حب كبيرة جمعت بين اللواء أ.ح سمير فرج- مدير إدارة الشئون المعنوية، ومحافظ الأقصر الأسبق، والسيدة نبوية الجابري- والدته التى كانت المثل الأعلى والقدوة ، فهى الأم التى ربته على الانضباط والالتزام حسب اللواء سمير فرج عملت كضابط فى القوات المسلحة المصرية، ووالدة اللواء سمير فرج كما يصفها هى الحنان والعطف الذى شكل شخصيته منذ التكوين.

إن والدته كناظرة لمدرسة بورسعيد للبنات، لمدة 25 عامًا، فكل سيدات بورسعيد بناتها، والحقيقة كما قال: إن اللى قال الأم مدرسة، كان عنده كل الحق، فوالدتى ربتنى على الصدق والأخلاق والعلم، وطالما شجعتنى على القراءة، وكانت تحفزنى دائمًا عليها.

يقول اللواء سمير فرج: لم أستطع فى يوم أن أغضب أمى، ولا أذكر أننى فى يوم من الأيام ضايقتها، لكن هناك موقفًا جعلها تخاف علىّ عندما التحقت بالجيش المصرى فى اليمن، خاصة أن هناك ضابطين من شارعنا قد استشهدا فى اليمن قبل تخرجى بوقت قصير.

ولبيت نداء الواجب، غير أننى كنت أرسل لها خطابًا كل يومين، فكانت تأتى يوميًا إلينا طائرة تأخذ خطاباتنا وتوصلها بمصر، وكانت أمى ترسل لى خطابًا كل يوم، توصينى فيه أن أهتم بنفسى وصحتى.

 

 

 

(تحية لأمى الصغيرة والكبيرة)

الكاتبة سكينة فؤاد حكت عن أمها قالت: رحمة الله عليها كانت من سيدات مدينة البحر والمقاومة «بورسعيد» لذلك زرعت فىّ مبكرًا معانى البطولة والوطنية والاعتزاز بالأرض، فأمى تنتمى لجيل سيدات بورسعيد اللائي لا تقل بطولاتهن فى صنع الأجيال عن صنع الرجال فى الحرب. تضيف: وما زلت أستشعر المبادئ التى ربتنى عليها فى مواجهة ما قابلنى فى بحر الحياة، تعلمت ألا تهزمنى الشدائد فأنا لم أنشأ وفى قلبى إحساس أن المرأة أضعف من الرجل، فتحية لأمى الصغيرة، وأمى الكبيرة «مصر».

نصيحة سكينة فؤاد للأمهات: «ماتقولوش أولادى لسة صغيرين، الزرع بدرى أفضل أنواع الزرع».

وصية أمى

سيدة المسرح العربى، الفنانة سميحة أيوب تعتبر والدتها المثل الأعلى فى العلاقة مع الأولاد، والقدوة فى الحياة العملية وفى الثقافة والعمق الفنى. بدأت سيدة المسرح حديثها بما أوصتها به والدتها قالت: أوصتنى بالتفكير فى كل شىء، وأى خطوة أقدم عليها فى مشوارى، وبالفعل سارت الوصية هى النهج بالنسبة لى وكانت سر نجاحى.

أما عن الموقف الذى ندمت عليه، سميحة أيوب قالت إنها لم تحزن أمها يومًا، فكانت تحرص كل الحرص على إسعادها. فمن الممكن أن تكون مواقف قد حدثت أثناء فترة الشباب أو الطفولة، لكنها لم تتسبب فى مضايقتها بقدر الندم عليها.

 

 

 

شريكة الحب والحياة

بعاطفة جلية، وفخر شديد.. تحدث الكاتب الصحفى مصطفى شردى، واصفًا والدته بشريكة الحب والحياة التى شكلت شخصيته، وصاحبة الفضل الأول فى نجاحه،.

فقال: أمى نموذج للحب والكفاح ناضلت معى وإخوتى فى بورسعيد، ربتنا على الإخلاص والتفوق والتفانى فى العمل، شهدت ثلاثة حروب، عدوان 56، وحرب 67، وحرب 73، ضربت فيها المثال الوطنى الفدائى للمرأة المصرية. لم تؤثر أمى فى شخصيتى وحسب، بل كانت صاحبة الفضل فى أى نجاح، وكانت معى فى كل خطوة، كانت دائمًا تنصحني: توكل على الله، فمن ينصره الله فلا غالب له،وكنت أعمل بها دائمًا.

وعن الموقف الذى حزنت فيه من أجلى، وتأثرت كثيرًا، فقد كانت انتخابات 2010، فاحتضنتنى وقلت لها: «ما تزعليش يا أمي»، فردت: ماتخافش، ربنا هيعوضك وقد كان، قال شردى: رغم أننى رجل كبير أتعرض لضغوط كبيرة، إلا أننى لم أكن أجد أحن من حضن أمى. 

(لا أجرؤ على مضايقة أمى)

«أمى بطلة حياتى، وكان نفسى أسفرها كل دول العالم».. بهذه العبارات بدأ معى الكاتب يسرى الفخرانى محتفيًا بوالدته فى عيد الأم، قائلًا: كان حلمى، أخلى أمى تسافر وتشوف العالم، لكن ظروف السن والصحة حالت دون ذلك، رغبتى هذه لأن أمى ظلت طوال الوقت فى بيتنا بالإسكندرية، لا تخرج كثيرًا، وتهتم بتربيتنا وتعليمنا، وجعلتهما من أولوياتها.

قال الفخرانى: وبأمانة شديدة لم أندم على شىء صدر منى تجاه والدتى، أما هى فقد كانت تقول دائمًا: لو أخطأت ستتحمل تبعات قرارك، لكن الحمد لله لم أندم على أى خيار. وأنا من جيل بداية الثمانينات الذى تعود على تحمل المسئولية مبكرًا، ولا يجوز، ولا نجرؤ على إغضاب الوالدة أو الوالد. 

لكن الفخرانى يعود ويقول: من الممكن أن تكون لحظة انتقالى من الإسكندرية إلى القاهرة عام 1987 ضايقت أمى، لأنها تفضل كأى أم أن يظل ابنها بجانبها، لكن عملى ككاتب فرض على أن أنتقل، فأى أم ترى ابنها صغيرًا وتريده فى كنفها وتحت رعايتها مهما كبر، أطال الله في عمرها.