حكايات ماما مديحة كامل فى شارع عمر طوسون

ذكريات محاطة بالشجن علقت ذاكرة ميريهان ابنة الفنانة الراحلة مديحة كامل فى عيد الأم.

تحكى ميريهان عن رحلة صداقة بدأت مع والدتها فى سن المراهقة لا تخلو من حزم وشدة.

وتذكرت الابنة الأيام الأخيرة فى حياة أم ربتها على المسئولية، وتعهدتها بالرعاية وذاكرت لها فى لوكيشن التصوير.

وفى حوارها تمنت ميريهان عودة أيام الاحتفال بأمها على طريقتها، بالمكرونة بالبشاميل والطواجن التى كانت تحبها الراحلة مديحة كامل، وفى وقائع لن تعود فى بيت مديحة كامل فى شارع عمر طوسون بالمهندسين.

ونبدأ الذكريات حيث حكت ميريهان: أمى كانت مريحة جدا، وهادئة وأحيانًا تتعصب على بعض الأمور، لكنها تستطيع أن تتحكم فى انفعالاتها، بسيطة جدا فى حياتها ترتدى بنطلون جينز و«تى شيرت» أو فساتين رقيقة، تتحرك بحرية ولا تعيش حياة النجوم.

كيف كانت توازن بين عملها كممثلة ودورها كأم؟

- كانت تتركنى مع جدتى فى الأوقات التى تعمل فيها، وعندما تعود تجلس وتتكلم معى وتحكى لى قبل النوم قصص سندريلا وقصص الأنبياء، والرحمة وطاعة الله، وكثيرا ما كانت تأخذنى أثناء تصوير أعمالها أجلس فى لوكيشن التصوير، وفى الاستراحة بين المشاهد تذاكر لى دروسى، وسافرت معها لتصوير «الصعود إلى الهاوية» فى باريس.

كيف كانت تتعامل معك فى سن المراهقة؟

- شعرت بأن قلبى انكسر بعد رحيلها، لا أصدق للآن أنها تركتنى، روحها معى دائما كانت حنونة وحازمة جدا، هناك مواعيد لعودتى إلى المنزل لا أتأخر عن التاسعة مساء، وأتذكر عندما عرضت عليها أن أسافر إلى فرنسا لأدرس تصميم الأزياء رفضت وقالت لى: ما عنديش بنات تسافر لوحدها!

تكمل ميريهان: بعد انفصال والدى وكنت وقتها طفلة، تزوجت أمى المخرج شريف حمودة، واستمرت الزيجة فترة قصيرة، ثم تزوجت المحامى صلاح دياب الذى كان حب عمرها، كان إنسانًا محترمًا، لكنهما انفصلا، وكانت أمى تؤمن بالقسمة والنصيب، وقدر الله سبحانه وتعالى.

وتتذكر ميريهان قرار اعتزال والدتها وقالت: حدث لها أكثر من ابتلاء فى حياتها جعلها تتقرب إلى الله أكثر، فى أواخر السبعينيات صدمت برحيل شقيقها الأصغر، وكان يبلغ من العمر 17 عاما، وحزنت حزنًا كبيرًا، وفى الثمانينيات أصيبت بجلطة فى القدم مرتين، جعلتها تؤجل كل أعمالها، وساءت حالتها النفسية، وفى أواخر الثمانينيات أصيبت بمرض الروماتويد، لكنها بعد ذلك أصيبت بمياه على القلب وأثناء تصويرها آخر أفلامها «بوابة إبليس» كانت تشعر وهى فى الكواليس أنها تريد أن تغير حياتها، وتعيش فى هدوء، على الرغم من حبها الشديد للفن وعشقها له، وأثناء ذلك تعرضت جدتى لأمى لجلطة، وقامت أمى برعايتها والإقامة معها فى المستشفى، وشعرت فى ذلك الوقت أن الدنيا ليس لها أمان، فقررت الاعتزال، وأذكر أنها لم تكمل الفيلم، وتدخلت النقابة منعًا للجوء المنتج للقضاء.

تقول ميريهان عن الراحلة مديحة كامل بعد الاعتزال: تفرغت لحياتها العائلية، ولم تستغل أبدًا شهرتها بأن تقدم برامج أو تظهر فى برامج بمقابل مادى، ورفضت عروضًا كثيرة بمبالغ كبيرة.

وعن علاقة الراحلة بابنتها  بعد زواج ميريهان قالت: كانت سعيدة جدًا وفى الوقت ذاته حزينة جدًا لأننى سأبتعد عنها، كانت حريصة على أن تشترى أثاثًا منزليًا من أوروبا وكل ملابسى أيضًا وأقامت لى فرحًا فى أحد الفنادق الكبرى وكانت المفاجأة أن لبت الفنانة الراحلة شادية دعوة أمى لحضور فرحى، لأنها كانت صديقة مقربة وكانت الفنانة شادية تحبها كثيرا وأمى كذلك كانت بالنسبة إليها الحاجة شادية القدوة والأخت والصديقة.

ولا أنسى عندما حكت لى أنها بعد عودتها إلى منزلها ليلة فرحى دخلت غرفتى وبكت واحتضنت ملابسى، لم أتحمل العيش بعيدًا عن أمى فطلبت من زوجى أن أنتقل للإقامة معها، وفعلا عدت مرة أخرى لأعيش معها،

إحساس الجدة كيف عاشته مديحة كامل؟ 

- رزقنى الله بيوسف ابنى الأكبر، وكانت تعتنى به وتلعب معه وتطعمه وتخاف عليه، لكنها للأسف لم تر جومانا ابنتى الصغرى، لكنى حريصة على أن أحكى لأبنائى عن «أمى» «ماما دودو» عن حنيتها وطيبتها ومواقفها الكثيرة معى.

 

 

 

كانت هناك شائعات بأن العلاقة بينها وبين نبيلة عبيد توترت آخر سنوات مديحة كامل.. هل هذا صحيح؟

- شائعات سخيفة، بالعكس كانت العلاقة جيدة جدًا مليئة بالاحترام والتقدير، وكان بينهما منافسة شريفة، أمى كانت تحب كل الناس، وتؤمن بأن الحب هو أساس الحياة، وكانت تسعد جدًا بنجاح زميلاتها وتهنئهم على هذا النجاح.

وكانت سهير رمزى صديقة مقربة لها، كانت تحب سهير رمزى كثيرا، وتقول إنها «مهذبة ومحترمة»، أما شمس البارودى فكانت تقدرها وتحترمها وأتذكر أنها كانت تتحدث معها كثيرا.

وكانت هناك علاقة صداقة قوية مع عازف الجيتار الشهير الراحل عمر خورشيد، فقد كانت تعتبره أخا وصديقا عزيزا وهو أيضا كان يعتبرها كذلك، وكانت صديقة لزوجته دينا خورشيد رحمها الله وآخر أفلامه التى أنتجها ومثلها شاركته أمى فى بطولتها مثل «فيلم العرافة» وبعد رحيله أصيبت أمى بحالة من الحزن الشديد، لأنها كانت معه وزوجته يوم الحادث الذى أودى بحياته، فقد كانت أمى تقود السيارة الأخرى التى كانت تسير خلف سيارة عمر وكل شىء حدث أمامها ولم تنس مشهد وفاته فى الحادث الأليم.

ما الذى تعلمته من مديحة كامل؟

- تعلمت حبها للفن التشكيلى، بخاصة الرسم بالزيت، وكانت تمارس هوايتها فى الرسم فى فيلتها بالمعمورة، ساهمت أمى فى تكوين شخصيتى وفى تنمية الذوق والفن والرسم لدى منذ طفولتى، فكانت تتركنى أختار ملابسى مع توجيهات منها باختيار أفضل الألوان، والملابس التى تناسب سنى والقرار فى النهاية لى، وكانت تأخذ رأيى فى ملابسها، حيث كانت تختار بنفسها ملابس أعمالها.

تكمل: فى طفولتى كان عندى موهبة الرسم والتصميم، وأمى تشجعنى، وعندما كبرت والتحقت بكلية التجارة بدأت أصمم ملابس لأمى للسهرات أو لحضور المهرجانات، ومنذ عامين قمت بعمل مشروع لتصميم عبايات، وفساتين سهرة تحمل اسم مديحة كامل.

عن ذكرياتها مع عيد الأم تقول: كنت أحتفل بأمى بعمل سفرة كبيرة من كل الأكلات التى تحبها مثل المكرونة بالبشاميل والمحاشى والطواجن، وغيرها من الأكلات، كانت تقول لى: أنت طباخة ماهرة يا «ميريهان» وأتذكر عندما كنت صغيرة أحوش من مصروفى لكى أشترى هدية مناسبة تليق بها وبمكانتها فى قلبى، وكانت تسعد جدا وتقول لى: أنت هديتى الوحيدة يا ميريهان.. أقول لأمى فى هذا اليوم: أنت تعيشين بداخلى وفى قلبى وفى روحى فمازال صوتك فى أذنى ومازال بريق عينيك أراه فى نظراتك لى التى تراقبنى فى كل مكان أحبك يا أمى ولن أنساك أبدًا حتى ألقاك.