الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
لعنة الكورونا

لعنة الكورونا

جاءت كلمات رئيس الوزراء البريطانى فى مستهل جائحة كورونا صادمة ومثيرة للذعر، حين قال ستفقدون أحباءكم، وبالفعل خلال عام مضى فقدنا كثيرين من الأصدقاء والزملاء والأقارب والأحباء، فرغم الحرص واتباع الإجراءات الاحترازية إلا أنها تعصف بمن تريد دون سابق إنذار، ورغم صغر السن والحالة الصحية الجيدة، لكنها تقتحم أجسادنا محاولة هزيمتها لتنتصر بلا هوادة أو رحمة. فهكذا لعنتها أصابت الحياة لتفقدنا متاعها رويداً رويداً لنتحين أقدارنا.



والحقيقة رغم شدة الفقد وصعوبته لكثيرين، إلا أن رحيل الزميل والصديق وعشرة العمر الدكتور أشرف هيكل العميد السابق للمعهد العالى للموسيقى العربية كان الأكثر ألماً ووجعاً فالحسرة والحزن انتابت الجميع داخل أروقة أكاديمية الفنون التى قضى عمره بين جدرانها منذ طفولته والتحاقه بالكونسيرفتوار، مروراً بكل المراحل العمرية والدراسية حتى تبوأ منصب العميد على نفس الكرسى الذى شغله والده رحمه الله أستاذنا الدكتور سعيد هيكل، كما كان عازفاً متميزاً لآلة الكمان فى الموسيقى الغربية والشرقية، فكان جامعاً بين الحسنيين بالإضافة لذلك عمله كموزع موسيقى له تجارب من ضمنها توزيع موسيقى فيلم السيد كاف إخراج صلاح أبو سيف والذى أسعدنى بتفاصيله فى كتابى «نغمات على شاطئ الواقعية».

لم يمهله القدر لاستكمال مشروعاته الفنية فالموت دائماً ما ينتقى الأفضل، لنفقد نموذجاً للوفاء والشهامة والجدعنة، كل خصاله حميدة لا يعرف الخيانة أو الغدر أو النفاق، لا يغتاب ولا يلوم، مترفعاً عن كل الصغائر لا يضيره شيئاً، متسامحاً دائماً حتى فى أحلك المواقف والظروف، ترك الدنيا دون مهادنة، فغادرنا بكل بساطة وعجلة، تركها لراغبيها المتشبثين بمتعتها الزائفة، وأعطى درساً للجميع برحيله، فقد كانت لحظات وداعه ما هى إلا مظاهرة حب وعرفان بقيمة شخص عاش وسط الجميع ولم يترك أثراً إلا طيباً، ورغم صعوبة الموقف وخطورة الوباء إلا أن حبه كان أكبر من الخوف، الجميع تواجد فى تلك الأوقات العصيبة التى أثبتت محبته وتقديره فى أعين الجميع من وزيرة الثقافة ورئيس الأكاديمية ونائبته والعمداء والزملاء والموظفين، حقاً إنها حالة حب لشخص لم نر منه إلا كل جميل. مؤكداً أن لكل امرئ من اسمه نصيب فهو أشرف من قابلت فى الحياة، بدماثة خلقه، كرمه، عفة لسانه، بشاشته، هدوئه، لطف معشره، محبته للجميع، يشعرك بتفاؤل حين تراه بوجهه الصبوح الضحوك، شخصيته لا تنفصل عن طباعه المتأصلة من أسرته الكريمة. حقاً القلب يدمى والدموع لا تجف!! ويعز على أن أرثيه وهو الصديق الأوفى والزميل الأعز والأخ الفاضل، ودعائى للمولى أن يلهم ذويه الصبر ويلطف بقلب الصديقة الوفية زوجته المخلصة وأن يجعل أبناءه امتداداً من المحبة والعطف والحنان والبهجة كما كان الأشرف دائماً ..واللعنة على هذا الوباء المتفشى لينصرف فى التو والحال لنستعيد الحياة بمباهجها وأملها ونكف خسائر بشرية محزنة.