الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

اللواء أ. ح محمود خليفة لـ «صباح الخير»: الطائفية والمذهبية تهددان دولًا عـــربية.. ومصـر قـادرة علـى حفـظ أمنـها القومـى

اللواء أ. ح محمود خليفة
اللواء أ. ح محمود خليفة

تحديات متعددة أمام أمن واستقرار دول المنطقة العربية، على رأسها قضية الإرهاب، والانقسام  الداخلى، والتدخلات الأجنبية؛ خصوصًا «التركية والإيرانية»، فى شئون الدول  العربية كانت محور حوار مجلة «صباح الخير» مع اللواء «محمود خليفة» مستشار الأمين العام لجامعة الدول العربية للشئون العسكرية. 



 تطرَّق الحوار إلى أهمية إعلاء «المصلحة القومية» للدول العربية، وتعظيم الإرادة الشعبية مع الإرادة السياسية؛ للحفاظ على الدولة الوطنية، والدور المحورى الذى تلعبه مصر..  وإلى نص الحوار.

فى البداية قدّم لنا قراءة للمشهد السياسى العربى؟ 

- لا تزال المنطقة العربية تواجه العديد من الأزمات شديدة التعقيد، أبرزها «الإرهاب»، فبينما نتحدث لا يزال «اليمن»، على سبيل المثال يعانى ويلات الانقلاب الحوثى وتهديده لأمنه واستقراره، إلّا أنه فى ظل ذلك هناك خطوات إيجابية ينبغى الإشارة لها، بداية من نجاح «العراق» فى تحرير جميع محافظاته وأراضيه  من الجماعات الإرهابية، وما شهدته سوريا من تحرير جميع المحافظات السورية الكبرى عدا محافظة أدلب شمال غرب  سوريا، وتحرير الجيش الوطنى الليبى لمدينة بنغازى  وسرت  ومدن أخرى، فمن المؤكد أن هذه الإيجابيات تمثل  تقدُّمًا فى مسار الجهود  العربية والإقليمية والدولية، فهى بالفعل نجحت فى إحباط مخططات «التقسيم»، التى تهدف لتهديد أمن واستقرار الوطن العربى.

وبالنسبة لدور مصر المحورى وجيشها،  الذى تصدى ولا يزال يتصدى لكل العمليات الإرهابية التى راح ضحيتها الكثير من شهدائنا؟

- فى مصر، حكومة وشعبًا، على وعى تام بقيم التلاحم وإعلاء مصلحة الوطن، فنحن نعى أننا رغم ما ننعم به من أمن واستقرار ورغم فشل الجماعات الإرهابية فى الاستيلاء على شبر  من أرض مصر؛  فلا يزال  هناك خطر يحيط بنا، فهؤلاء لن يتنازلوا عن محاولة تنفيذ مخططاتهم، وهذا ما أشار إليه سيادة الرئيس «عبدالفتاح السيسى» فى أكثر من خطاب وتأكيده على أن هناك استهدافًا لهذا البلد، وعلينا أن نعى جيدًا حقيقة الوضع ونَحذره ونواجهه بكل السُّبُل. 

يضيف: «هناك عناصر عديدة تقف عائقًا أمام مصالح مصر وتريد شرّا بها، فقط تماسكنا واصطفافنا الوطنى هو القاعدة الأساسية لتحقيق الأمن والاستقرار، وها هم أبناؤنا من يشيدون المشروعات لتطوير مصر «التنمية الشاملة»، وهم أيضًا من يقفون كالصقور جيشًا وشرطة لحماية أمنها «الأمن  القومى المصرى». 

 أضاف: «ولكى نقيَّم الدور الفاعل للجيش المصرى يجب عدم إغفال دوره فى التصدى للجماعات الإرهابية رغم عملياتها المتكررة، ومنعها من الاستيلاء على شبر مربع من أرض مصر، والجدير بالذكر أن بامتلاك مصر لقواتها  المسلحة عالية الكفاءة، الرادعة، مكنت الدولة من دعم القرار السياسى فى فرض الإرادة للحفاظ على الأمن القومى المصرى، وهذا ما حدث فى مواجهة التدخل   التركى والجماعات الإرهابية  والمرتزقة فى ليبيا الشقيق، وإجبارها على عدم الاقتراب من الخط الأحمر «سرت - الجفرة».

إضافة للجهود التى أطلقتها القيادة السياسية، وبالتعاون مع جامعة الدول التى أتاحت الفرصة لإقناع الأطراف الليبية بوقف إطلاق النار تمهيدًا للحل السلمى. 

فى ضوء هذا الحديث أود التطرق لأحد أبرز التحديات التى تواجه بعض الدول العربية، وهو «الانقسام»، بما يمثله من  حاضن لعدم الاستقرار وسُبل التصدى له برأيكم؟

- مما لا شك فيه إن الطائفية والقبلية  والمذهبية هى عوامل حاضنة للفوضى وعدم الاستقرار، وبالتالى يجب أن ننبذ تلك المصطلحات من القاموس العربى؛ حيث إن هناك بعض الأطراف والجماعات موالية لقوى خارجية لا يعنيها الاستقرار المنشود داخل الدول؛ بل تنشد مصالحها  أولًا.

الحل الأمثل للتصدى لهذا يكمن فى التغيير فى الثقافة العامة، ونشر التوعية بمفهوم «المصلحة القومية» وضرورتها، فما نشهده أحيانًا من عدم اعتبار لهذا المفهوم يمهد السبيل لمواءمة الأطراف الداخلية والخارجية للقضاء على الدولة الوطنية.

وماذا عن سُبل التصدى للمخاطر التى تشكلها التدخلات الأجنبية «التركية والإيرانية» فى الشأن العربى؟

- نحن أمام مشروعين خارجيين هما المشروع الإيرانى الفارسى القديم، الذى تطمح به إيران فى السيطرة، والانتشار لخَلق نفوذها من خلال تدخلاتها فى الشأن العربى، والمشروع التركى العثمانى القديم، لكن كل ما تستطيع تركيا فعله هو فقط مساعدة الجماعات الإرهابية والمرتزقة فى إعادة الانتشار فى المدن التى تم تحريرها من الإرهاب فى كل دولة عربية، وهنا ينبغى الإشارة إلى دول تدين المسالك التركية وتحدها فى الوقت نفسه تسمح للسفن التركية المحملة بالقوات والسلاح للدخول إلى السواحل الليبية رغم عدم قدرتها على منعها. 

ما هى رؤيتكم للمشهد السياسى الفلسطينى فى ضوء ما يشهده من حوار لتحقيق المصالحة والتوافق الداخلى الفلسطينى؟

- أولًا وحتى لا ننسى فالشعب الفلسطينى لديه كامل الحق فى أن ينعم بإقامة دولته وأن ينعم بحقوقه المشروعة،  وحتى  لا ننسى فإن قرار مجلس الأمن رقم 242 أحد الثوابت الحاضرة  دوليّا والتى تؤكد على هذا الحق، ولكن حقيقة أن ما نأمله جميعًا هو أن تتحقق المصالحة، وهى «البنية الأساسية»  لكل الجهود المرجوة  لصالح القضية الفلسطينية، وذلك لتوحيد القرار الفلسطينى، فالمصالحة  بدورها سوف تضفى قوة وصلابة على هذا القرار بما يساهم كثيرًا فى جنى  ثمار الجهود المبذولة.

أخيرًا، ماذا عن رؤيتكم لآخر مستجدات ملف «سد النهضة» وتقييمكم للسياسة المصرية فى التعامل مع هذه القضية؟! 

- لا بُدّ أن نعلم أن مشاكل دولية كثيرة يكون لها مسارات عديدة لإيجاد الحلول،  المسار الأول من خلال التفاوض المباشر ما بين طرفى الأزمة، وهو ما حدث من خلال جولات عديدة للجهات المعنية، سواء فى وزارة الخارجية المصرية أو وزارة الرى، ولكن لم يتم التوصل إلى  حلول للأزمة رغم موقف القيادة السياسية المصرية الواضح والذى يحترم حق إثيوبيا فى القيام بإجراءات التنمية التى تراها من سد النهضة، ولكن على أن يتم هذا بالتوازى تمامًا مع حق مصر التاريخى فى مياه  النيل، هذا موقف سياسى متوازن لا يغفل التنمية فى بلد إفريقى  صديق وفى الوقت نفسه لا يغفل الحق المصرى فى المياه، أمّا المسار الآخر فى الأزمة فهو الوساطة الدولية، وقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية برعاية مفاوضات مع أطراف الأزمة  بحضور صندوق النقد الدولى، وقد توصلوا إلى إعلان اتفاق مبدئى والذى شهد توقيع مصر عليه فبراير 2020 وكان من المنتظر أن تقوم إثيوبيا بالتوقيع، ولكنها امتنعت، وأخيرًا المسار الثالث وهو  التحكيم الدولى.. من جهتنا نحن على يقين تام أن القيادة السياسية المصرية تولى هذا الملف اهتمامًا بالغًا لأن المياه وكما قالها الرئيس «قضية وجود وحياة».