الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

احكوا لى.. مع رولا خرسا

معظم المشاكل لها حلول.. نحن نفكر معًا لإيجادها.. ممكن نُخطئ وممكن نُصيب، المهم أننا نحاول.. والأهم ألّا نيأس مَهما تكاثرت همومُنا.. ونُذَكر بعضنا البعض دومًا بالمَثل الشعبى الجميل: «تبات نار تصبح رماد»..



كسرنى وضربنى .. ورجعتله!

اسمى «لمى»، بنت عربية تربيت فى بيئة عائلية هادية أب وأم وأخوات.. عشنا سنين متغربين لحد ما أبويا اتوفى فرجعنا لبلدنا.. أمُّنا تعبت علينا وشقيت فى تربيتنا لغاية ما كلنا اتخرّجنا من الجامعة. اتجوزتُ جواز صالونات عادى وربنا رزقنى بزوج من مستوى عائلى جيد.. جوزى كان فى منصب قيادى واستقال بعد مشاكل فى وظيفته.. بعد ما جبت ابنى الأولانى اتطلقت منه بسبب عدم قدرتى على معاملة أهله الصعبة معايا. بعد جوازى اتفاجأت إنهم سايبين عليّا مسئولية أبوهم العاجز رغم إنهم قادرين يجيبوا له إللى يخدمه، وأنا كنت عروسة وصغيرة وحسيت إنى عليّا مسئوليات كبيرة..غير كده جوزى نفسه كان بيعرّضنى للإهانة وممكن يشتمنى وساعات يمد إيده عليّا، والزيادة على كل ده مش حاسس بيّا، من الآخر حسّيت إنى انضّحَك عليّا فى الجوازه وكل إللى حلمت بيه ما اتحققش وإللى زاد وغطى إن كمان جوزى عينه زايغة مش بيسيب واحدة إلا ويعاكسها وكتير أسمعه بيكلم واحدة فى التليفون! اطلقت ورجعت بيت أهلى مطلقة بعد مشاكل استمرت سنة وكمان معايا ولد.. قعدت فى بيت أهلى سنة وأتدخل أهل الخير ورجعت لجوزى وأبوه راح يعيش فى بيته والحياة كانت بين حلو ومُر، بعد ما رجعت لجوزى تانى خلّفت ولادى التلاتة الصغيرين، لكن مع إحساسى إن جوزى دايمًا شاكة فيه بسبب تصرفاته ونظرته للستات وإللى ساعات يبقى مُخلص أوى وييجى يحكى لى مغامراته وللأسف كل مرّة بيتبنى بينى وبينه سُور أعلى من التانى، الخلافات زادت ومَد إيده عليّا، وتيرته زادت لغاية ما الضرب بقى بيعلّم فى جسمى وأهلى يتدخلوا وأهله يغلطوه ونتصالح.

وتتكرر الأزمة إلّا أن آخر مرّة ضربه ليّا أتسبب فى جرح فى جسمى وكنت بنزف وهو اتفزع ودّانى المستشفى واتأسف واعتذر وبكى عشان أسامحه زى كل مرّة، لكن المرّة دى مش قادرة أسامح ولا قادرة أقول لنفسى كبّرى بكره يتغير.

أعمل إيه؟

الحـل.. فكرى يا «لمى»

 

أتمنى أن تكونى الآن بخير يا «لمى».. على الأقل جسديّا.. فالآثار النفسية التى يتسبب بها الضرب من امتهان للإنسانية وقتل للمشاعر لن تشفى بين ليلة وضحاها..هذا إن شفيت.. فالضرب ليس مجرد علامة تترك على الجسد، بل هى جروح فى الروح تبقى ولا تزول مع الأيام أبدًا.. قد تهدأ قليلاً، ولكن أقل تصرّف من الممكن أن يعيد ألمَها كما لو أنها حدثت اليوم.

لست من المَدرسة التى تلوم فتقول لك:

- «كان من المفترض أن تفهمى من البداية أن من ضربك أولاً سيضربك ثانية».. ولا مع الذين سيقولون لك:

- «ورجعتى له تانى ليه بعد ما اطلقتى أول مرّة»؟!

أنا مؤمنة جدّا أن كل شخص فى الكون له حساباته الخاصة واعتباراته الشخصية والمادية وأول خطوة للحل هى عدم جَلد الذات.

ما أستغربه وبشدة كيف أن أهلك جميعًا يرونه يعنفك جسديّا ويعيدونك إليه.. وقبل أن تجيبى أنا متأكدة أنك تسمعين عبارات من نوعية «بيتك أولى بيكى».. «ارجعى عشان عيالك» أو «استحملى عشان المركب تمشى»..العبارات الشهيرة التى تسببت فى تعاسة الكثير من النساء. كم من مركب تغرق والجميع يرى هذا حولها ولكن يغضون البصر.. على طريقة العازفين فى فيلم «تيتانيك».

سأتركك تأخذين القرار لوحدك، ولكن سأبين لك بعض الحقائق التى قد تكونين غافلة عنها:

ابدئى بأولادك: وهم الأعز على قلبك طبعًا..ما هو التأثير النفسى على أولاد يرون أمّهم معنفة من أبيهم؟ هل تعلمين أن الأطفال الذين يتعودون على مشهد كهذا يتأذون نفسيّا ومن الممكن أن يتحولوا هم أيضًا إلى معنّفين لزوجاتهم وأولادهم.. فالدراسات أثبتت أن الإنسان يتبع غالبًا نموذجًا معينًا فى حياته ويكون عادة الأب.. والطفل الذى يتعرض لمثل هذا الموقف قد يكره والده ويبدى رفضه لهذا السلوك.. لكن الشىء العجيب أنه عندما يكبر يكرر نفس الأسلوب مع زوجته أو مع أولاده.

وبالنسبة للبنات فقد تتعود الابنة على أن العنف الذى مارسه والدها على والدتها وتعتبره أمرًا مقبولاً، وبالتالى تقبل من زوجها معاملة مماثلة. من ناحية أخرى يجب أن تعلمى أن زوجك يا «لمى» مريض.. أى رجل يعنف امرأة لفظيًا أو جسديًا أو نفسيًا هو شخص مريض يحتاج إلى علاج عند طبيب نفسى متخصص.. لا أحد سوىّ يقوم بضرب امرأة.

والسؤال هنا الذى يجب أن تفكرى به جيدًا..هل تريدين أولادًا أسوياء؟ أمْ سقفًا والسلام يعيش تحته أب وأم حتى لو كانت الحياة عبارة عن عنف متكرر؟

ثانيًا: أنت..هل تعلمين- وأنا أكيدة أنك تعلمين- أن الضرب يميت كل المشاعر داخلك ويؤثر على العلاقة الزوجية ويضربها فى مقتل، ويصعب بعد ذلك استقامة العلاقة من جديد.الضرب يحولك إلى شخص بارد دون مشاعر يسيطر عليه الخوف من الطرف الثانى. 

هل تريدين لأولادك أن يعيشوا فى جو يفتقد الحب؟ لا شىء فى الدنيا من شأنه أن يصنع أشخاصًا أسوياء قدر المعاملة الطيبة والكلمة الطيبة.

أنا لم أذكر موضوع «عينه زايغة»؛ لأن الأمر تحصيل حاصل.. يعنى الذى يضرب هو نفسه الذى ينظر إلى نساء أخريات هو نفسه من يخون.. انجِ بنفسك وأولادك. إن لبدنك عليك حقًا.. ولنفسك عليك حقًا.. أكرر لك أن جروحك لن تندمل ببساطة.. ولكن الأمل كل الأمل ألا تفقدى الأمل بأن الغد من الممكن أن يكون أجمل..

القرار قرارك يا «لمى».