السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

اللـى عــاش حبـك يا شبـرا

بمجرد أن أن تقودك قدماك إلى شوارعها ستستمتع برحيق ذكريات من عاشوا فيها من رواد ومشاهير المجتمع بكافة المجالات، مثل التمثيل والطرب والغناء والشعر والموسيقى والسياسة والأدب، إذ وجدوا الدفء والأمان فى الحى الذى ترك فيهم بصمته وتركوا فيه تراثهم الطيب.



الشبراوية من أصحاب المحلات وأصحاب المهن المختلفة، وكبار السن، يحملون فى صدوهم قصصا تربطهم بزمن آخر، ما يمنحك وجبة دسمة ورحيق عطر من الذكريات النادرة ومزيجا من أحداث الماضى والحاضر.

 

خليل الجبرتى

مع بداية نشأة الحى، بالربع الأول من القرن التاسع عشر، عاش خليل ابن المؤرخ عبدالرحمن الجبرتى،  بعد زواجه، حيث كان لوالده ثلاثة منازل، منها واحد بساحل شبرا على النيل. 

أثناء عودة خليل من عمله فى عام 1822 هاجمه بعض الأشقياء وضربوه حتى الموت، ويعتقد الكثير من المؤرخين أن الوالى محمد على، دبر تلك الجريمة لينتقم من إصرار والده الجبرتى على اتخاذ جانب المعارض لسياساته.

أما أشهر راقصة مصرية ولدت فى الحى كانت شفيقة القبطية التى ولدت عام 1851 فى شارع نخلة بشبرا، وعندما احترفت الفن افتتحت صالة خاصة بها بعماد الدين، لتتربع بسببها على قمة المجد والثراء، ثم انتهى بها الحال بعد انطفاء نجمها حتى توفيت عام 1926.

والكسار والريحانى كانوا من نجوم الحى ونجيب الريحانى الذى ولد عام «1889 - 1949» اختار منزله بروض الفرج، لقربه من شارع عماد الدين ومسارح الأزبكية.

بينما امتلك على الكسار «1887 – 1957» منزلاً من أربعة طوابق لا يزال قائماً، خلف كنيسة سانت تريزا فى شارع الشرنوبى المتفرع من شارع قبلى القراقول، وعاش فيه مع زوجته وأبنائه الأربعة «نصر وحسن وعائشة وزينب»، حسبما يؤكد الجيران.

وكان للفرق المسرحية نصيبا من تاريخ الحى العريق, والفرق المسرحية الشهيرة بعشرينيات القرن الماضى كانت تحتاج إلى ملحنين وكتاب أغانٍ وممثلين، فلم يجدوا أقرب من حى شبرا للسكن، ومنهم الموسيقار سيد درويش «1892 - 1923» الذى عاش فى منطقة جزيرة بدران، كما أقام المؤلف المسرحى والشاعر بديع خيرى «1893 - 1966» فى شارع أبوالفضل، بينما باع ورثة الفنانة مارى منيب «1905 – 1969» فيلتها بشارع طاهر منذ سنوات لجمعية خيرية قبطية، وكذلك الممثل فوزى الجزايرلى المولود فى 1886، وصاحب فرقة فوزى الجزايرلى المسرحية الذى ظل بشبرا حتى وفاته عام 1947. 

نجوم طوسون

الطابق الأخير فى عمارة 79 بشارع طوسون باشا، كانت تسكن مالكة العمارة، ملكة الأسطوانات، المطربة نعيمة المصرية «1894- 1976» وصاحبة مسرح الهامبرا بعماد الدين، الذى باعته لمنيرة المهدية عند اعتزلها الفن نهاية الثلاثينيات.

ونعيمة كانت صاحبة أشهر أغانى عرفت ذلك الوقت ومنها، يابلح زغلول، وتعال ياشاطر، وخد الإزازة.

أما الفنانة نبيلة عبيد فسكنت فى بداياتها شارع سكة العروسى بجوار منزل نعيمة، قبل عملها بالفن، كما سكن بطوسون الفنان الراحل عماد حمدى ونبيل الدسوقى وعبدالسلام محمد، وعبدالله محمود.

بالجهة المقابلة لشارع طوسون باشا، من ناحية شارع شبرا، سكنت عائلة الفنانة زهرة العلا، وبقت فيها والدتها إلى أن توفيت فى التسعينيات.

وعندما تنتهى من شارع طوسون وتخرج لشارع شبرا، وقبل أن تصل إلى شارع مسرة، ستجد نفسك خلف مدرسة التوفيقية الثانوية، شارع جميل باشا، الذى عاش فيه الشاعر حسين حلمى المانسترلى «1893 - 1962» وهو من كتب أغنية رمضان الشهيرة وحوى يا وحوى، ومازالت عمارته قائمة ولكن ابنته الوحيدة حورية باعتها بعد وفاته. 

أقدم صاحب محل بقالة بالشارع «عم على»، يقول إن عائلة الشاعر صلاح جاهين سكنت المنزل رقم 12، الذى كانت تشغله الشركة البلجيكية التى أنشأت ترام شبرا وحى مصر الجديدة فيما بعد، لكن المنزل تهدم وشيدت بدلا منه عمارة سكنية.

شهدت العمارة مولد صلاح جاهين عام 1930 وعاش فيها ست سنوات، كما عاش فيها الملحن بليغ حمدى وأسرته، وبها ذكريات لعب الطفولة بين جاهين وبليغ، وذلك قبل أن تنتقل أسرة بليغ، للسكن فى فيلا شارع رأفت المتفرع من شارع الترعة البولاقية، كما أوضحت مدام بهيجة جاهين، أخت صلاح جاهين.

لا ننسى أيضاً جد صلاح جاهين الذى اشترى العمارة من الشركة البلجيكية وعاش بها، وهو الصحفى المناضل أحمد حلمى «1875 - 1936»، والذى سمى باسمه أهم وأطول شوارع شبرا. 

ومن أشهر شعراء الفصحى، الذين ولدوا فى شبرا 1898 وارتبطت حياته بها، إبراهيم ناجى «1898 – 1955» شاعر الأطلال وافتتح عيادته كطبيب فى شارع ابن الفرات وظل يعمل بها حتى وفاته، وأطلق اسمه على أحد شوارع الحى تخليدا لذكراه.

أما الإيطالية يولاندا كريستينا جيجليوتى، الشهيرة بداليدا فقد ولدت عام 1933 بشبرا وعاشت شبابها مع عائلتها فى شارع خمارويه، ولا يزال جيرانها بالطابق الأرضى، يحتفظون ببعض قطع أثاث تعود لأسرتها، ويتذكرون كيف عادت بعد سنوات الشهرة، وأقامت معهم لأسبوع، أثناء تصوير يوسف شاهين فيلما تسجيليا عن حياتها والمنزل الذى عاشت فيه. 

وولد كل من المطرب مدحت صالح والمخرج السينمائى الكبير هنرى بركات فى شارع جزيرة بدران، وبركات كان من أب سورى وأم لبنانية وهاجرت عائلته إلى مصر فى 1860 ليستقروا فى شبرا.

وولدت الفنانة الراحلة سعاد نصر، وعاشت فى شارع جمال أبو الفضل المتفرع من شارع شبرا، وعلى بعد أمتار، يوجد بعض الفيلات ذات الحدائق يعود تاريخها إلى الثلاثينيات، أبرزها فيلا اليونانى لوكاهيدس، وفيلا جوليا التى سكنها الفنان حسين عسر «1903 - 1987»، الأخ الأصغر للفنان عبد الوارث عسر، ولاتزال ابنته سنية تسكن بالطابق الأخير من الفيلا.

كما سكن بجواره الفنان عبدالغنى قمر، ومحمود فرج الشهير بـ«مجانص» فى أفلام إسماعيل ياسين، وبجوار الفيلات هناك منزل والد الفنان عماد رشاد، الذى شهد فترة شبابه وأيضا منزل الفنان أحمد ماهر.

ويتذكر الثمانينى يوسف محبوب، أحد سكان روض الفرج، جاره الكاتب ووزير الثقافة يوسف السباعى خريج مدرسة التوفيقية، التى تخرج منها الدكتور يحيى الجمل، وجارته المطربة شهرازاد، والفنان القدير إبراهيم سعفان الذى يسكن ابنه خالد فى نفس منزله، وكذلك المنزل الذى عاشت فيه الفنانة سميحة أيوب، ومديحة يسرى والفنان أحمد عبد العزيز من المنطقة.

محبوب كشف أن الفنان حسين رياض الذى سكن هو الآخر شارع خلوص كان يحب الجلوس بالبلكونة المطلة على الشارع بجوار سينما الأمير التى تهدمت وتحولت إلى مول تجارى.

وشهدت مدرسة التوفيقية العديد من المظاهرات الطلابية ضد الاستعمار ودستور 1923، ومن أشهر خريجيها ويصا واصف، رئيس مجلس الشيوخ والزعيم الوطنى فى 1919، والناقد السينمائى أحمد كامل مرسى،  وأستاذ الأدب الدكتور رشاد رشدى،  ونجيب محفوظ، والمؤرخ عزيز سريال، وأحمد حمروش، والدكتور صبحى عبد الحكيم عميد آداب القاهرة، ورئيس مجلس الشورى، والفقيه القانونى محمد نور فرحات، والأديب نعيم صبرى،  صاحب رواية شبرا.

مهد العلماء والشيوخ

مثلما جذبت شبرا الكثيرين من الفنانين، كانت لها تأثير كبير على طلبة العلم، إذ كانت كلية أصول الدين ملحقة بجامع الخاذندارة، وتخرج فيها محمد سيد طنطاوى إمام المسجد الأزهر، بتقدير امتياز، وعين إمام وخطيب بمسجد بشبرا 1959 وسكن جوار جامع الخازندارة، وبعد زواجه فى أوائل الستينيات انتقل لشقة بشارع جسر البحر، كما يوضح شقيقه المهندس حسن طنطاوى.

والشيخ إبراهيم الشعشاعى سكن شارع جسر البحر، وكذلك الشيخ عطية صقر الذى يقابله الشبراوية فى أتوبيسات النقل العام.

شبرا أخرجت الكثير من المواهب فى مجال كرة القدم، مثل طاهر أبوزيد ابن شارع الورشة، ومجدى عبدالغنى ومصطفى يونس، وعلى زيوار الذى نشأ فى شارع راتب باشا، وأحمد عفت، كما عاش المطرب الشعبى محمد طه فى عمارته التى يسكنها أحفاده الآن بشارع الترعة البولاقية، وكذلك المطرب الشعبى أبودراع الذى كان له مكان مخصص فى إحد مقاهى شارع شيبان.