السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

كواليـس الحــرب الإلكتـــرونية على نجوم مصر

لاتزال شكاوَى النجوم من اللجان الإلكترونية تتزايد يومًا بعد يوم، خصوصًا فيما يتعلق بأعمالهم الفنية، أو حتى تجاه حياتهم الشخصية، كان آخرهم الفنانة مى عمر التى كشفت قبل أيام عن تعرضها لهجوم كبير على مواقع التواصل الاجتماعى من حسابات وهمية ولجان إلكترونية آسيوية، استغلها أحد المنافسين لتشويه نجاحاتها والتقليل من انتشار مسلسلها الجديد «لؤلؤ»، بحسب ما أكدته فى تصريحاتها.



بخلاف ما تتعرض له مى عمر، وهل هو حقيقى أمْ لا، هل بالفعل اللجان الإلكترونية أصبحت بهذا القدر من الأهمية وأداة قوية لضرب المشاهير؟ كيف تتم الاستعانة بهم؟ وهل الأمر مكلّف ماديّا أمْ أصبح فى متناول الجميع؟ هل النجوم يستغلونها ضد بعضهم البعض؟ أمْ تأتى من خارج الوسط الفنى لأسباب أخرى؟!

«صباح الخير» تكشف التفاصيل فى السطور التالية…

بيزنس ضخم

مفهوم اللجان الإلكترونية ظهر خلال السنوات العشر الأخيرة، وتحوّل بمرور الوقت لـ«بيزنس» ضخم عبر الإنترنت؛ حيث يتم صنع «تريندات» وهمية مدفوعة الأجر، باستخدام برمجيات على مواقع معينة تتحكم فى آلاف الحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعى، أى باختصار تدفع أموالًا مقابل تصدر هاشتاج معين أو تغريدات ذات مضمون محدد، فتبدأ الحسابات فى النشر تلقائيّا دون تحكم يدوى.

بحسب محمود الفقى، خبير السوشيال ميديا؛ فإنه ليس شرطا أن يتوجه الفنان مباشرة لهذه المواقع، بل يتم الدفع لأشخاص بعينهم فى مصر والوطن العربى ممن يتعاملون مع هذه السيرفرات، ويتولون هم الأمر بعد ذلك، وتتباين الأسعار من موقع لآخر، فمثلا شراء هاشتاج فقط يكون بنحو 3 - 4 آلاف جنيه، أمّا فى حال تدعيم الهاشتاج بتغريدات؛ فإن سعر التغريدة الواحدة يبدأ من جنيه وحتى 5 جنيهات.

هذا بالطبع بخلاف الكتائب الإلكترونية التى تحدّث عنها من قبل الدكتور محمد الجندى خبير أمن المعلومات والجرائم الإلكترونية،  والتى تتضمن أشخاصًا حقيقيين يمتلكون العديد من الحسابات الوهمية، ويعملون بشكل جماعى لأغراض معينة، مثل ألتراس النجوم أو الفرق الرياضية أو الجماعات السياسية، فيبدأون حملة معينة لتضخيم حدث ما، وينتقل الأمر بشكل أو بآخر للمستخدمين الحقيقيين، ورُغم أنه يتم اكتشاف هذه الحسابات لاحقًا وإغلاقها؛ فإنها تكون قد أدت الغرض الأساسى، ويتم إنشاء حسابات أخرى... وهكذا.

أيضًا الصفحات العامة على مواقع التواصل الاجتماعى تمثل نوعًا آخر من اللجان؛ حيث يتم استخدامها للترويج لأمر ما أو الهجوم ضد فنان بعينه أو دعم مواقف معينة، ويتم ذلك إمّا بالتواصل المباشر مع القائمين عليها، أو فى الغالب يكون هناك شخص ما على تواصل مع القائمين على عشرات الصفحات التى يتابعها الملايين، ويتم الاتفاق مع هذا الشخص ودفع الأموال له، فيأخذ نسبته المقررة كوسيط، ويتواصل هو مع مديرى الصفحات ويخبرهم بالمطلوب ويدفع لهم من الأموال التى حصل عليها.

قصص حقيقية

بحسب أحد القائمين على إدارة صفحات بعض النجوم؛ فإن كثيرًا من الفنانين يلجأون للّجان الإلكترونية عند طرح أعمال فنية جديدة لهم، وكذلك فى الموسم الرمضانى؛ خصوصًا من قِبَل النجمات الشابات اللاتى يرغبن فى إظهار أدوار ومَشاهد معينة لهن، فضلا عن قيام البعض باستخدام حسابات وهمية للتعليق بشكل سيئ عبر منشوراتهم، ثم يقوم الفنان بالدفاع والرد على صاحب التعليق المسىء بشكل يظهر مدَى التنمر والعنف من الجمهور تجاه الفنان، فتتناوله الصحافة لاحقًا، وعادة ما يلجأ لهذه الحيلة بعض النجوم الذين تراجعت أعمالهم الفنية فى الآونة الأخيرة، ويبحثون عن أسباب لكى تظل الصحافة منشغلة بهم، ويتردد اسمهم أمام المنتجين والجمهور، مع التأكيد على أنه بالفعل تحدث تعليقات سلبية من بعض المتابعين، لكن الإشارة هنا لكونها ليست جميعها حقيقية، بل أحيانًا تكون مجرد حيلة من الفنان لا أكثر.

خلال موسم رمضان 2020 كانت هناك حرب إلكترونية بين العديد من النجوم، أبرزهم نمبر وان وزميله الممثل الكوميدى الذى عانى من فشل مسلسله الرمضانى، فقد اتهم الأخير زميله الأول أنه سبب الحملة المبالغ فيها عن المسلسل، وأن لجانه الإلكترونية سبب تصدير هذا الأمر للجمهور؛ لأنه حتى وإن لم يكن المسلسل على قدر التوقعات، إلّا إنه لم يكن بهذا القدر من السوء الذى تم الحديث عنه، وبالتالى لجأ الفنان للّجان أيضًا ضد زميله الأول، من باب الدفاع عن نفسه.

فى الموسم الرمضانى ذاته، تعرّض الفنان يوسف الشريف لحملة مدفوعة أيضًا لانتقاد مسلسله «النهاية»، هذا بالطبع بعيدًا عن كون المسلسل جيدًا أمْ سيئًا فى الواقع، المهم أن جزءًا من هذه الانتقادات كان مدفوعًا، لكن على الجهة المقابلة تدخّلت لجان الإخوان بشكل يبدو وكأنه داعم لـ يوسف الشريف، من خلال الإشادة بجرأته وتناوله لموضوعات لا يجرؤ كثيرٌ من السياسيين على الحديث عنها، أى أن الحملة أيضًا ضد يوسف، وإن كان ظاهرها الدفاع عنه؛ لأنها تستغل مسلسله لتوجيه تلميحات سياسية لبعض الجهات.

لكن يظل المثال الأبرز والأهم عن مدَى خطورة اللجان الإلكترونية، ما حدث العام الماضى مع أحمد شوقى المدير الفنى السابق لمهرجان القاهرة السينمائى، حين تم استبعاده من منصبه بسبب هجوم رواد مواقع التواصل الاجتماعى، لكن فى الحقيقة الأمر بدأ بسبب سيناريست شهير على خلاف مع شوقى، فقرر الانتقام منه وتواصل مع أحد القائمين على جروبات ألتراس النادى الأهلى ومنحهم «برينتات» لبعض المنشورات التى هاجم فيها النادى وجمهوره، فتم تداول الأمر بقوة على صفحات وجروبات الألتراس لعدة أيام، وانتقل الأمر تدريجيّا للجمهور الحقيقى بسبب ظهور «برينتات» أخرى لآراء سياسية وفنية لشوقى أثارت الكثير من الجدل، مما أدى لاستبعاده فى النهاية من منصبه.

الحديث هنا ليس دفاعًا أو هجومًا ضد شخص بعينه على الإطلاق، لكنه سرد لأحداث وقعت بالفعل داخل الوسط الفنى، ولاتزال موجودة، بل أصبحت أحد أهم الأسلحة فى حروب الفنانين ضد بعضهم البعض، أو حتى من خارج الوسط الفنى لتشويه المجال والعاملين فيه.. لكن مَن ينتبه لذلك!