السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

‎لمــا الشــتا يــدق البـيبـان.. مــش هفتح!

‎لا يعنى أبدًا أن احترامى لرأى الآخرين هو اتفاقى معهم، ومع كامل احترامى لكل محبي الشتاء إلا أننى لست منهم، وقد يحظى رأيى بأقل شعبية إلا أنه موجود ولنا رابطة غير المحبين لفصل الشتاء، وكما لمحبى الشتاء قناعاتهم التى يؤمنون بها، إلا أننى لم أكفر يومًا بقناعاتى والتى تعد الأكثر واقعية، وأجد ميوعة فى النفس كلما التقطت عينى منشورًا يتحدث عن روعة وجمال الشتاء على مواقع التواصل الاجتماعى؟ أشعر وكأنهم يعيشون شتاءً غير ذلك الذى أعيشه، أود لو أننى أسألهم عن أى شتاء تتحدثون وتتغزلون؟



 

هل تقصدون ذاك الشتاء الذى يجعلنا نكتسى بطبقات صوفية ولا نترك قطنًا أو صوفًا إلا استخدمناه كحشو لنشبه طائر البطريق بالكاد نسحب أرجلنا على الأسفلت وتزداد سرعتنا بقوة دفع الهواء؟! أم أنكم معجبون بالحيرة التى تنتابنا من كل عام لقضاء أيام وليالٍ فى عملية الإحلال والتبديل بين الملابس الصيفية والشتوية فلا نعلم من أين نبدأ ولا كيف ننتهى وهى حيرة ألعن من حيرة أم العروس التى تقضى ساعات فى التفكير ما بين وضع «الصينى» فى النيش أم وضع «الأركوبال»؟، ويضيع عمرًا، ويتخرج أجيال ونحن فقط نحاول حشر الملابس الصوفية ذات الحجم الضخم فى نفس حيز الدولاب ولا تأخذنا شفقة أو رحمة بأرفف الدولاب ونحمله ما لا يطيق، فنظريًا الحيز الذى نستخدمه لوضع ملابسنا الصيفية نحتاج ضعفه لوضع الملابس الشتوية، ولكن عمليًا لن تتهاون الأسرة المصرية بشراء دولاب مساعد لاحتياجنا ضعف المساحة لتسكين كسوة الشتاء، فهذا يعد سفهًا  وإنما نصبح جميعًا ممثلي موارد بشرية ونطالب الدولاب بالعمل تحت ضغط عالٍ ونقوم بحشر وحشو الدولاب وهو عليه أن يتحمل فوق طاقته الاستيعابية حتى وإن أصبح الرف هزيلا وأصبح مسنودًا على مسمار واحد، وحتى إن تعثرنا نحن لإخراج كنزة صوفية معينة من الدولاب ويا لسوء الحظ إن كانت تلك الكنزة فى وسط الملابس  فنحتاج لقوات خاصة  لشد الكنزة باحترافية، شخص يسند رف الدولاب مانعًا لسقوطه وداعمًا للمسمار «الحيلة» وآخر يباعد بين الملابس بيديه أعلى وأسفل والثالث يقوم بشد الكنزة بالسلامة، فيما عدا ذلك ستهوى جميع الملابس أرضا «وكأنك يابو زيد ما غزيت»، وبعد ارتفاع ضغطك ستضطر لأخذ إجازة مرضية ليس لا سمح الله للاسترخاء، وإنما لإعادة ترتيب موكب الدولاب العظيم!

‎حدثونى عن حالكم يا محبى الشتاء عند نزولكم فى يوم ممطر وعودتكم «مطينين بطين» حرفيًا!

‎واستفيضوا فى الحديث عن محالة شعوركم بالدفء مهما ارتديتم من ملابس، وإذا شعرتم بالدفء ماذا تفعلون بأنوفكم واستنشاق الهواء وحده كفيل بتجميد الأنف قبل الوصول للرئة؟ أم أن لديكم فى أنوفكم خيارات سخن وبارد وأنا «هاف أوبشن»على البارد فقط!

‎ومن كان منكم يرى أن الأناقة فى ملابس الشتاء فليواجهنى فى شهر طوبة «اللى بيخلى الشابة كركوبة» ويرينى أناقته لأتبعه فأنا فى ذاك الشهر تحديدًا أشبه الكرة الكفر! ولا أستثنى منكم أحدًا!

‎لا أجد شافعًا لحب هذا الفصل الكئيب، الذى تشعر بطول ساعات الليل فيه ولا أنسى تلك الجملة التى كانت ترددها جدتى: «شهر كيهك تخلص فطورك تدور على عشاك!» هل هذا منطقى أيها الشتويون؟ فماذا عنى أنا والقليل منا الذى يعتمد وجبته الأساسية على وجبة الغداء هل نقضى شتاءنا صومًا؟

‎كيف لى أن أتقبل الشتاء وأنا محركى الأساسى أشعة الشمس؟ والأجواء الشتوية تصيبنى بالخمول والكسل فتصبح فقرة الاستيقاظ والخروج من تحت اللحاف معركة يومية تأثيرها النفسى أشد وطأة من تأثير الحروب الباردة نفسيًا التى سادت بين أمريكا والاتحاد السوفييتى فى  القرن الماضى، ولا أخفى عليكم أن فكرة الاستحمام هو أكبر إنجاز حقيقى لى فى الشتاء! 

أقنعونى لعلى أجد السبيل لاتباع مذهبكم فى الشتاء، فما تشربه فى الشتاء تستطيع شربه فى الصيف وأنت مستمتع بالتكييف، أما عن تلك الأغانى المناسبة لجو الشتاء فلن تعترض أبدًا إذا استمعت إليها صيفًا! وناهيك عن أن جميع أغانى الشتاء حزينة وكئيبة تماثل الأجواء كليًا، إلا أننى أمتعض وبشدة من أغنية «لما الشتا يدق البيبان» مع كامل اعتذارى للفنان على الحجار، وذلك لأن الشتاء لم يدق الباب مطلقًا، بل بلا خجل يدخل من حيث لا نحتسب وبدون «إحم أو دستور» يقتحم البيوت ولأنى أعلم أنه لا توجد قوة تستطيع أن توقف هبوب الريح، إلا أننى إذا كان الشتاء حرفيا سيدق البيبان «مش هفتح له»!