السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

حكاية من ذكريات عصفت بى

اليمـامـة

ريشة: إيهاب شاكر
ريشة: إيهاب شاكر

فى حديقة صغيرة اخترت منضدة متطرفة مكان صغير تحميه أشجار كبيرة من ضجة المدينة. اخترت المكان وحددت الموعد وذهبت مبكرة.. ربما القلق دفعنى للذهاب المبكر.. ربما أردت التأمل أو حماية الشجر من الضجة بداخلى.. سمعت صوت اليمامة.. أحب صوتها كأنه الدعاء فى تنغيماته. أحب أن أراقب ثنائيات اليمام وهما يتناجيان. لم أر طائر اليمام يتشاجر مع رفيقه.. تمنيت يومًا أن أكون طائر يمامة يدللنى رفيقى وأدلـله، يحبنى وأحبه، يرعانى وأرعاه.. ونبنى عشنا معًا.. ذات يوم لفت نظر حبيبى إلى هذا الطائر قلت له عن أمنيتى وضحك.



نظرت إلى اليمامة وهى تسير بجانب المنضدة التى اخترتها.. نظرت إلى كعادة الطيور بجانب من رأسها.. قلت لها لا تخافى أنا أحبك فى يوم ما رعيتك وأحببتك.. كنت صغيرة.. كانت اليمامة صغيرة ملقاة فى شرفة حجرتى مجروحة.. حملتها. أطعمتها عالجت جروحها.. أحببتها وأحبتنى وظلت شهورًا تعيش بيننا.. وفى يوم ما اختفت.. حزنت عليها وبكيت.. قال لى أبى مواسيًا.. اليمامة خرجت تبحث عن رفيق لحياتها لتبنى عشها معه.. من يومها كلما وجدت اثنين من طائر اليمام فوق سور شرفتى أفرح بهما كأن يمامتى جاءت لزيارتى مع رفيق حياتها..

على صوت اليمامة بجانب المنضدة التى اخترتها أفقت من ذكرياتى نظرت إلى ساعتى بقلق.. الموعد يقترب. ابتسمت وأنا أتذكر اليمامة منذ يومين فى حلم.. فى صباح اليوم التالى كنت سعيدة بالحلم.. اليمامة فى الحلم علامة طيبة.. هكذا قرأت فى تفسير الأحلام.. سعادة فى الحب.. وحبيبى يخاف الحب والمستقبل عفريت يقلقه.. عندما شعر بعاطفة الحب خاف واختفى.. مشاكل الأسرة والمال حاجز يختفى وراء الحب.

عندما هدمت الحاجز ووقفت مثل زعماء الرومانسيين الحمقى أقول.. لقد هدمت الحاجز يا حبيبى تعال إلىّ.. ارتعب واختفى.. فقد قلت له إذا أردت الاستمرار فى حبنا تعال  إلى موعدى.. إذا لم ترد لا تأتى إلىّ بالمبررات والحجج.. لا تأتى وسيكون هذا جوابك.. وأنا لن أتمسك بعلاقة واهية.

نظرت فى ساعتى.. مرت نصف ساعة على موعدنا.. لم يأت.. ابتسمت بحزن إلى اليمامة ورفيقها وهما يتناجيان.. وتذكرت أن اليمامة التى أمسكت بها فى الحلم واحتضنتها اختفت. وضعت على المنضدة ثمن المشروب الذى لم أشربه... قمت.. خطوتان ووجدته أمامى. قال مبتسمًا وهو يشير إلى المنضدة.. لم تكملى مشروبك أين أنت ذاهبة..

جلست أمامه.. لم أدر ماذا أقول له.. ابتسم وهو يضم يدى بين يديه.. كانت الإجابة فى نظرته وابتسامته ولمسة يديه.. وامتلأ المكان بأصوات اليمام.. تنغيمات بالحب والدعاء.