الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
دولـة حقــوق المواطـن المصــرى

دولـة حقــوق المواطـن المصــرى

لعوامل كثيرة اكتسبت زيارة رئيس مصر لفرنسا أكثر من بعد على أكبر قدر من الأهمية. احتوت الزيارة بحكم عوامل مختلفة مؤكدات النجاح، ومقوماته التي تكللت بتقلد الرئيس السيسي أعلى وسام فرنسي من إيمانويل ماكرون. 



مصر باتت الرقم الأهم فى معادلات المنطقة، والإقليم، والرقم الأكثر أهمية على خريطة السياسة على كوكب تطحنه التقلبات، والصراعات، والمؤامرات، وإرهاب وتطرف دولى أدى لإيجاد دول جديدة على خريطة العالم، وإلى محو دول أخرى. 

الرئيس السيسي أول رئيس عربى وإسلامى وأول رئيس فى الشرق الأوسط يدعى لزيارة فرنسا بعد حوادث إرهاب رجت فرنسا أكتوبر الماضى، فى دلالات عكست تفاهمًا وتنسيقًا مشتركًا، نحو الاستقرار فى المنطقة، ومزيد من سبل تعزيز تعاون ثنائى ممتد بين البلدين. 

( 1 ) 

عانت فرنسا من الإرهاب كما عانى الغرب كله، لكن تبقى لمصر تجربة رائدة فى مكافحة كل صور تطرف فاق كل ما تعرضت له أوروبا، وراح ضحيته أضعاف أضعاف ما راح فى أوروبا كلها. 

ليس من الإنصاف مقارنة ما تعرضت له دول أوروبا من إرهاب، وبين ما واجهته مصر بحزم من حيل أفعوانية، لم تستهدف الشارع فقط، إنما استهدفت الدولة نفسها، ومؤسسات الدولة، ومقدرات البلد. 

تجربة مصر فى مكافحة الإرهاب، ليست وحدها التي تحتذى، إنما يحسب للقاهرة نجاحها فى «عدل» دفة السياسة فى الإقليم، ويحسب لها ترسيخ التوازنات، وإرساء قواعد سياسة شريفة، ويحسب لها أيضًا إبراز العين الحمراء، ورسم الخطوط الحمراء، وقت اللزوم. 

معادلات السياسة الأعوام العشرة الأخيرة على خريطة العالم والإقليم أشبه بمعادلات الجبر وتفاعلات الكيمياء. 

 تستمد المعادلات الجبرية، صعوبتها من كثرة المعطيات، وتعدد احتمالات النتائج. 

وفى معامل الكيمياء كثيرًا ما قد تؤدى الإضافات غير المحسوبة لعناصر إلى اشتعال المعامل، وانفجار أنابيب الاختبار. لذلك مشهود لدولة 30 يونيو ابتكار سبل متوازنة ومؤثرة فى كيمياء المنطقة، ومسائلها  الجبرية. 

تؤمن مصر بأن السياسة مصالح، لكن هذا لم يمنع القاهرة من أن تدخل معامل كيمياء السياسة ومسائل الجبر،  بيد ممدودة بالسلام، وعين حمراء أيضًا لو تطلبت الأمور. 

(2) 

لا تخلوا حقول السياسة  من صيادي الماء العكر. وكان طبيعيًا بعد 30 يونيو أن تطفح مزيدًا من مؤامرات  الصيد فى الماء الآسن، وتكثر محاولات الالتفاف من الأبواب الخلفية. 

مع طفرات مصر فى الطريق للمستقبل، تتحانق ثعابين المياه السوداء. تعيش الأفاعى السوداء من تجار الأوطان على رواكد المستنقعات. 

نجاح زيارة رئيس مصر لفرنسا دفعت أفعوانات الشر لحديث بات قديمًا عن حقوق الإنسان، غير أن الحجة  لم تنطل على الإدارة الفرنسية. لا بد هنا من إشارة إلى أن مصطلح حقوق الإنسان أصبح مطاطيًا بما يستوجب إعادة تعريف، وإعادة تدقيق، خصوصًا مع تحول المصطلح لدى بعضهم لوسيلة ابتزاز. 

من قال إن حقوق الإنسان مقتصرة على 10 أو 15 من الحواة والمتربحين ومعتادى  الإجرام الوطني؟ هل لا بد من الإقرار بأن حقوق الإنسان تحولت إلى حجة للافتئات على القانون، وبيع المعلومات للأجانب، وتزييف البيانات، والتمويل الخارجى لدعم الفوضى؟ 

هل تجبر حقوق الإنسان الدولة على ترك من (يعمل البحر طحينة للمصريين)، ثم يضربون رؤوسهم فى الحوائط بأنفسهم، ويطلبون علاجًا من الخارج؟ 

من قال إن حقوق الإنسان مقتصرة على حيل ابتزاز الحكومات، وتهديد سيادة الدول، وتقليب المواطن فى الشارع، وتشكيكه فى إدارته، وتضليله، ودعوته لاستقبال قنابل الإخوان محلية الصنع ببال رائق، وصدر رحب؟ 

هل توجب حقوق الإنسان كفّ الدول عن الرقابة على التمويل الخارجى ولو مشبوهًا، وحتى لو خالف القانون، وحتى لو نزل الممولون بالسيوف والمولوتوف لحرق الشارع، طلبًا للحريات؟  

(3) 

أليس سكنًا كريمًا للمواطن، وعلاجًا سليمًا، واقتصادًا مُعافًا، وحماية فعالة من سفاحي الإرهاب، ومحتالى الأوطان كلها  أولويات على رأس قوائم حقوق الإنسان؟ 

منذ 2014 عملت دولة 30 يونيو على حقوق للمصريين وفق شمولية المصطلح، ضمن مشروعات وطنية كبرى وغير مسبوقة، وفى إطار شامل لحقوق مدنية واجتماعية وسياسية واقتصادية. 

عمل الدولة نابع من إدراك كامل بأن تعزيز حقوق الإنسان، يساهم بالضرورة فى احتواء أوضاع إنسانية متردية موروثة على مختلف الأصعدة، ضاعفت 2011 الميمونة فى مزيد من اضطرابها. 

يأتى مصطلح دولة القانون على رأس المفاهيم الصحيحة لمعانى حقوق الإنسان. ورغم إجرام الإخوان ومدعي الثورة، لم تلجأ الدولة إلى قضاء استثنائى أو تعسفى لمحاكمة رموز الإرهاب، رغم مطالبات الشارع المصري بسرعة القصاص. 

عدلت الدولة قانون المجلس القومى لحقوق الإنسان، ودعمت استقلاليته بتشريعات جديدة وفقًا للاتفاقات الدولية. عدّلت الدولة قانون الحق فى الاجتماعات العامة والتظاهرات السلمية، ومنحت حقوق المنع لسلطات القضاء، ثم أصدرت قانون الجمعيات الأهلية، الذي أتاح تأسيس الجمعيات بالإخطار. 

أكثر من 57 ألف جمعية مدنية حقوقية تعمل على الأراضى المصرية، بكامل الحرية، ووفقًا للقانون، وحتى العام الماضى، قدم للمحاكمة الجنائية 30 من أفراد الشرطة فى وقائع تعذيب، و215 واقعة سوء معاملة، و 344 محاكمة تأديبية، و207 إدانات. 

تبنت الدولة إصلاحًا اقتصاديًا شاملًا، وجريئًا وأولًا من نوعه، بمشروعات بناء وتنمية، كثيفة العمالة واجتماعيًا، وبتوجيهات رئاسية، أطلقت الدولة برامج تكافل وكرامة، وحياة كريمة، وتنمية بالمناطق الأكثر فقرًا، مع تطوير فعال لوصول الدعم لمستحقيه. 

ووفق مفهوم حقيقى لحق المواطن فى سكن لائق، طورت الدولة 296 منطقة عشوائية، من 357 منطقة فى الطريق لمصر بلا عشوائيات. ونفذت الحكومة طفرة فى مشروعات مياه الشرب النظيفة والآمنة، بتكلفة 124 مليار جنيه لأول مرة. 

بالتوازى مع تطوير التعليم، ضمن مبادرة 100 مليون صحة حق كل مواطن فى العلاج، وبتشريعات جديدة، تمكنت المرأة سياسيًا، إضافة إلى برامج حماية الأم والطفل، ثم من ناحية أخرى أصدرت الدولة تشريعات غير مسبوقة لدعم متحدى الإعاقة. 

لا بد أيضًا من الإشارة إلى طفرة غير مسبوقة فى ملف تأهيل الشباب وإشراكهم فى الإدارة، ليعرف المصريون لأول مرة أيضًا محافظًا شابًا، ومساعد محافظ لم يتعد الـ 35 من عمره. 

ضمنت مصر بتشريعات وإجراءات جديدة حرية بناء دور العبادة، وفى الوقت الذي تطرد فيه بعض دول الديمقراطيات اللاجئين من على أراضيها، أتاحت مصر لـ5 ملايين لاجئ حرية التنقل والعيش والعمل على أراضيها، بعدما فروا من دول النزاعات والصراعات والقتل على الهوية وعلى الرأى. 

قدمت الدولة المصرية حلولًا لمشاكل الهجرة غير الشرعية، والإتجار بالبشر، وخصصت دوائر خاصة لمحاكمة المتاجرين بالإنسان، ضمانًا لأعلى مفاهيم الإنسانية. 

فى الملف كثيرٌ من التفاصيل، وكثيرٌ من رؤى شاملة، فمن يقول إن حقوق الإنسان قاصرة على حيل بعض من فتحوا دكاكين ضد القانون، وضلّلوا الشارع، ودعموا الفوضى، وشككوا المواطن، وهددوا الدولة.. بحجة العمل الحقوقى؟!  

معقول هذا الكلام؟