الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الحاج متولي وشركاه.. شاهدوهم ولا تقلدوهم

دراما تعدد الزوجات، أو حتى العلاقات العاطفية من أكثر المضامين الفنية جذبا للجمهور، ليس العربى فقط، فتنافس أكثر من سيدة على قلب رجل أمر ينتج عنه الكثير من المواقف سواء كانت الكوميدية أو غير ذلك، وإذا كانت المجتمعات تتباين فى ثقافات عدة لكن يجمع بينها قضايا الرجل والمرأة، وتحديدا القضية الأزلية، الإخلاص، هل يهب الرجل نفسه لسيدة واحدة، أم عدة سيدات، لكن الأزمة الكبرى التى خلقها اهتمام الدراما بهذا النوع من الحكايات هى أن الأمر لم يقف عند حد المشاهدة بل يصل عادة للتقليد لأن طريقة تقديم الرجل المزواج عادة ما تكون إيجابية . 



هارون الرشيد، الخليفة المظلوم فى ذهنية هذه الأمة لأنهم قدموه فى كتابات عدة باعتباره أمير المؤمنين المحاط بالنساء والجوارى ليل نهار، هذه الشخصية عندما انتقلت للدراما بأسماء كثيرة أبرزها «الحاج متولى سعيد» بكل تأكيد، وجدت انقساما حولها فى المجتمع وأيضا فى الوسط الفنى والنقدي، البعض رآه مجرد مسلسل ناجح بسبب حالة الكر والفر حول تاجر القماش من عدة سيدات، معظمهن وقعن فى حبه بالفعل وعندما ظهرت الطامعة فى أمواله اتحدت الزوجات الثلاثة ضد الرابعة ونجحن فى تحرير الحاج من قبضتها والبعض اعتبره وجبة درامية فاسدة لم يكن على المجتمع أن يتناولها. 

نهاية الحاج متولى 

من عاصر المسلسل عام 2000، يذكر ما تردد عن اضطرار أسرة العمل لتغيير النهاية، التى كانت حسب المنشور وقتها تسليم متولى سعيد أو نور الشريف الراية لنجله مصطفى شعبان الذى كان مكتفيا بزوجة واحدة، وربما فكر صناع العمل وقتها فى أن يكون هناك جزء ثانٍ للابن وزوجاته، وكانت الزوجة الوحيدة أصلا وجسدتها رانيا يوسف تضع يديها على قلبها طوال الحلقات خوفا من أن يشبه الولد أباه فى التعدد، لكن النهاية كانت تحذيرا من الأب للابن بألا يقلده ويكتفى بزوجة واحدة لأن هذا أفضل كثيرا .

هذه الرسالة لم تصل على ما يبدو للمجتمع، ولا حتى لمصطفى شعبان، والدليل أنه قدم لاحقا مسلسل «الزوجة الرابعة» عام 2012 والذى اختلف قليلا عن مسيرة الحاج متولي، فنور الشريف جعل زيجاته خطوات فى مشروعه الاقتصادي، لكن شعبان بدأ الأحداث وهو متزوج من ثلاثة لكن المتغيرة هى الرابعة التى كانت تذهب وتجيء، وقبل عامين قدم حسن الرداد الشخصية مرة أخرى مع اختلافات جديدة فى مسلسل «الزوجة 18» حيث تزوج وطلق الكثيرات والكل يطارده فيضطر لإعلان وفاته . 

صحيح أن شخصية الرجل المزواج قدمتها السينما قبل الحاج متولي، وأبرزها طبعا فيلم «الزوج العازب» لفريد شوقى وهند رستم عام 1966، لكن متولى كان نقطة تحول سمحت بتكرار ظهور الشخصية مرة أخرى عدة مرات، الأمر الذى يدعونا اليوم ونحن نقدم ملفا عن تعدد الزوجات لتوجيه رسالة واضحة لصناع الدراما بأن معظم تلك الأعمال حببت الجمهور، فى التعدد دون أن تعطى وجهة النظر الأخرى، والجمهور هنا لا أقول الرجال فقط، فقد شهدت السنوات الأخيرة ظهور داعيات سيدات لتعدد الأزواج !! 

ما يلاحظه أى متابع وليس بالضرورة ناقد أو متخصص، أن المؤلفين مدعومون برغبة الأبطال فى الظهور كرجال «مقطعين السمكة وذيلها» يظهرون فى معظم مشاهد المسلسل وهم مستفيدون للغاية من التعدد، ونادرا ما تحدث مشاكل، ولو حدثت تأتى الحلول سريعة وقد تساهم فيها الزوجات المغدور بهن أكثر من البطل الذى يقدم دائما باعتباره ديك البرابر كما يقول المثل القديم. 

تعدد للأثرياء فقط 

من المفترض أنه عندما تتصدى الدراما لهذه القضية تقدم جوانب أخرى، على سبيل المثال فى بعض المجتمعات الريفية يقوم الرجال بالتعدد بهدف تشغيل الزوجات والجلوس فى المنزل انتظارا للعائد من ورائهن، هذه الشخصية نادرا ما نراها على الشاشة وكأن التعدد يحدث فقط عند الرجال الأثرياء الذين يمتلكون جاذبية ووسامة تجعل السيدات يلهثن وراءه، كذلك لا تقدم الدراما أى تحليل لنفسية السيدات ولماذا يقبلن التعدد والتركيز يكون على المؤامرات النسائية الكوميدية من أجل الاستحواذ على البطل لأكبر عدد ممكن من الليالى ! . 

تغفل الدراما كذلك، الأبعاد الاقتصادية لتعدد الزوجات، وعلاقته بالزيادة السكانية وعدم قدرة الرجل لاحقا، سواء لأسباب صحية أو غيرها على الوفاء بالتزاماته، والغريب أن أفلاما ومسلسلات أخرى تقدم أحيانا شخصية الابن الذى عانى فى حياته بسبب انحداره من عائلة أنجب فيها الأب 10 أبناء مثلا سواء من زوجة واحدة أو أكثر، لكننا لا نرى على الشاشة القصة كاملة وكيف عاش الابن حياة من المعاناة، فكما قلنا صناع الدراما عندما يذهبون لقصص التعدد يكتبونها كوميدية رومانسية مع كثير من المغامرات وقليل من العواقب. 

عزيزى الزوج، الحاج متولى وشركاه يمكن أن تشاهدهم كما تشاء على الشاشة، أما تقليدهم فهو أمر ليس ورديا كما تقول المسلسلات، فما يحدث فى الواقع "كلمة أخرى".