السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الضحك على الذقون بالموضه!

منذ سنوات عديدة مضت كان لكل دولة ملابس تميزها، تتناسب مع ثقافتها وظروفها البيئية والمناخية، وما يتوفر بها من خامات، وهو ما يعرف بـ «الزى الوطنى»، حتى المدن الصغيرة كان لكل منها ملابس تميزها، كان يمكن أن تعرف الهندى من اليابانى، الغربى من الشرقى، حتى أدركت القوى العظمى أن الغزو لابد أن يكون شاملاً وناعمًا، فبدأ بأشياء عديدة وبدلا عن الغزو المسلح أصبح الغزو ناعما، ومن أدواته زراعة رغبة شرائية قوية لدى أهم شرائح فى المجتمع، الأطفال والشباب ومن أهم هذه المؤثرات الأزياء، فقد تم طمس الهوية لكل دولة لتصبح الهيمنة والسيطرة والتأثير على الشباب بالأزياء وأسلوب الحياة.



 

تقوم اقتصاديات دول كبرى على صناعة الأزياء، وكلما نجح فريق التسويق فى البيع للموديلات الجديدة التى تصدر تحت مسمى (الموضة) تتغير كل عام عن السابق له لتحريك قوة الشراء، وبث ثقافة أن من لا يرتدى الموضة إنسان غير مواكب للزمن، ليس مصادفة، بل مخطط له ويستهدف الشباب ليس فقط لشراء الجديد أيا كان، وإنما لتغيير أفكاره وزرع مبدأ التعلق بالجديد سواء ملابس أو طريقة حياة أو ثقافة، فيصبح رافضا لكل ما هو محلى ووطنى، فموضة الأزياء فى الحقيقة تحمل فى طياتها أبعادًا وتأثيرًا قويًا، وتقوم عليها عالميا قوياً عظمى تخطط لها وتتحكم فيها وتوجهها.

قوة براند

فى الدول الصناعية الكبرى المصدرة للموضة هناك تخطيط أكبر للتأثير على الاقتصاد وعلى رفع وزيادة الثمن لأى منتج فى مجال الأزياء بقيمة تفوق تكلفته بمئات أمثاله، سواء كان ذلك للفستان أو الشنطة، الحذاء، النظارة، الساعة، ولكى يزيد السعر تم ابتكار ما يسمى بالماركات براند (Brabd) وهو فكر يعتمد على نفسية بعض الناس  ورغبتهم فى التميز، وبعد (البراندنج) أصبح سعر شنطة من جلد اصطناعى بجودة تنفيذ عالية جدا يصل سعرها إلى (20) و(40) ألف جنيه وهى مبالغ تعتبر أزيد من السعر المنطقى بعشرين ضعفًا، أما حقائب الجلد الطبيعى وخاصة من الجلود النادرة من جلد التمساح والأفاعى فتبلغ أرقامًا فلكية من آلاف الدولارت ونحن لا نتكلم عن هذه الأشياء الهوليوودية، لكن نتحدث عن حقائب فى المستوى المتوسط لا تتعدى أسعارها 50 ألف جنيه!! يدفعها المستهلكون لهدف واحد فقط، أن تكون حقيبتها من الماركة الفلانية كنوع من الوجاهة الاجتماعية، وأصبح البقاء للبراند بعد أن كان البقاء للجودة.

حقائب دينا

فالمتابعون لجروبات السيدات على مواقع التواصل الاجتماعى كانوا يتابعون مسلسل دينا الشربينى فى رمضان الماضى (لعبة النسيان) وكانوا بعد كل حلقة تحدث نقاشات وتعليقات بعد أن يكونوا دخلوا على موقع البراندات العالمية التى ارتدت منها الشنطة ويكتبون سعرها، وكان أكثر التعليقات تكرارا: «عمرو دياب صارف كثير على شنط دينا الشربينى !!».

وبالطبع حدث هوس على هذه الماركات رغم أسعارها الخيالية ما جعل فريقًا آخر هم تجار النسخ والتقليد يستغل الفرصة ويقدم نسخا طبق الأصل من نفس الشنط لكن بالطبع أقل فى الجودة.

أدرك الخبراء أن الأموال تجنى من تصدير الأفكار حول الغلاف الخارجى للمنتج وليس المنتج نفسه وجودته، فذهب المسوقون إلى توفير هذه البراندات مع النجوم والمشاهير، حتى من دون مقابل لترويجها فقط!

هل لديكم تفسير حقيقى لانتشار تقليعة ارتداء البنطلون المقطع التى ظهرت فى بداية القرن الواحد والعشرين، وارتداه نجوم عالميون (برغبة التسويق للفكرة) ولاتزال منتشرة ومستمرة معنا فقط والأمريكان أنفسهم لا يرتدونها، فقد تم تسويقها عن طريق أفلام ولقطات من حياة المشاهير يرتدونها!

هذا الهوس نحو الفنانين والمشاهير وما يرتدونه جعل من مجالات عديدة من أطعمة، ومطاعم، ماركات أزياء ومكملات أناقة من (ساعة، حلى، إيشارب) وحتى إيشارب المحجبات لم يسلم من أن يكون براند ويروج له مذيعات البرامج الدينية والاجتماعية اللاتى يرتدين هذه الإيشاربات لدرجة أن إحداهن بعد أن كانت تروج الماركات التى ترتدى منها دون مقابل لما ترتديه أن تأتى هى بملابس من تركيا وتبيعها لسيدات المجتمع الراقى المحجبات.

و حتى أن الفنانين والمشاهير يحصلون على مبالغ طائلة للتأثير عليك بأزياء وأشكال من الملابس و يحصل النجوم الشباب العالميين والمحليين يرتدون براند معينًا ويظهرون مقابل آلاف الجنيهات لدرجة أن فنانة شابة تليفزيونية الشهرة طلبت 100 ألف جنيه مقابل ارتداء ماركة معينة من الذهب فى صورة واحدة تضعها على الأكاونت الخاص بها على الانستجرام، المهم أنها ستظهر فى صورة عادية وليست إعلانية!!

تسويق السوشيال

نوع جديد من التأثير يظهر هو influnencer (المؤثرين) وهم أشخاص يكون لهم كاريزما وحصلوا على بعض الكورسات فى تطوير الذات أو الطهى أو «الميك آب» وطول الوقت يعرضون أماكن تواجدهم والمطاعم المتواجدين بها وملابسهم فأصبح المواطن العادى خاصة الشاب الذى يتعرض أكثر للإعلام والسوشيال ميديا محاصرًا بمجموعة قوية ومدروسة من المؤثرات القوية التى تستهدفه وللأسف تخترقه بكل سهولة لأنها اخترقته بأساليب ناعمة ومدروسة ولايراها أحد.

لقد اختفى الترزى الذى كان يقدم لك تصميما يناسب ذوقك وجسمك، وأصبح هناك سطو عالمى من ماركات عالمية تقدم لك قطعا ترتديها دون أن ندرك هل مناسبة لنا أم إننا مجرد تابعين.