الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

شجرة تتحدي قنبلة هيروشيما؟!

«الله الله على الحُب الحُب.. عقبالكوا كده ما تطبوا وتبقى حياتكم قصة حُب».. هكذا غنت الفنانة الراحلة سعاد حسنى فى فيلم «خلى بالك من زوزو» الذى ألفه الشاعر الراحل صلاح جاهين عام 1972 على الجسر الخشبى التراثى بحديقة «الأورمان». 



خلدت الأغنية عملًا من أهم أعمال  سعاد حسنى، ومعها ألقت الضوء على الحديقة العالمية الواقعة أمام جامعة القاهرة. 

تُعتبر «الأورمان» رئة القاهرة الكبرى الخضراء التى تعمل على تنقية الهواء مما عَلق به من الملوثات وتعكس لوحة من الجَمال الطبيعى الذى يمتع الزائرين وأبناء القاهرة. 

تضم الحديقة عددًا كبيرًا من الأشجار النادرة، مثل أشجار البامبو، بالإضافة إلى أشجار السرو والبن والقرفة والغاب الهندى والكافور.

من بين الأشجار المعمرة بالحديقة أشجار الفيكس (عائلة التينيات)، التى تتربع على عرشها شجرة الفيكس البنغالى التى تجاوز عمرها المائة عام.

أشجار صقلية

أنشئت الحديقة فى عهد الخديو إسماعيل عام 1875 لتكون امتدادًا للقصور الخديوية وتحديدًا سراى الجيزة، وزرع بها الفاكهة والموالح والخضر التى جلبها الخديو إسماعيل من صقلية. 

جلب الخديوى أشجاراً ونباتات مزهرة من جميع أنحاء العالم، وكان معروفًا عن الخديوى حُبّه للطراز الفرنسى، لذلك تم تصميم الحديقة على الطراز الفرنسى، وأشرف على تنفيذها المهندس دليشفاليرى ومعه كبير البستانيين الملكيين إبراهيم حمودة.

الأورمان كلمة تركية تعنى الغابة، وكانت مساحتها وقت إنشائها 95 فدانًا  لتضم الحرملك و السلاملك وحديقة الحيوان فى البداية.

ثم تم فصلها عن حديقة الحيوان عام 1890 وظلت حتى عام 1910 تابعة لقصر الخديوى، وبعدها تسلمتها وزراة الزراعة للإشراف عليها وقت إنشاء جامعة القاهرة، وتم إنشاء شارع الجامعة عام 1934 ليستقطع منها الجزء الجنوبى إلى أن وصلت مساحتها حاليًا لـ 28 فدانًا.

يتوافد إلى الحديقة التاريخية يوميّا العشرات من الزوار من جميع أنحاء العالم لمشاهدة النباتات النادرة وما بها من أعشاب وحشائش وأزهار لا توجد فى مكان آخر، فتضم عددًا من النباتات النادرة تصل إلى أكثر من 100 فصيلة و400 جنس يتبعها 800 نوع وتم تقسيمها إلى أجزاء. 

وتضم الحديقة قسم النباتات المعشبة، وهى  النباتات المجففة والمعاملة بمحلول سام للحفاظ عليها من الحشرات، وكل نبتة مكتوب عليها الاسم العلمى والفصيلة وتاريخ التزهير وتاريخ الإثمار ومكان جمع العينة، حتى تفيد الباحثين ممن يجرون أبحاثًا مستقلة على النباتات، ويوجد بها عدد من النباتات البرية تقدر بنحو ألفَى عينة نباتية جُففت وتم حفظها بالمعشبة.

وتأسّس هذا القسم من الحديقة فى منتصف الستينيات على أيدى الخبير النباتى محمد درار مدير الحديقة حينها، والعالمة السويدية فيفى تاكهولم أستاذة النباتات بكلية علوم القاهرة.

وبين أرشيف النباتات المجففة فى المعشبة والأشجار المعمرة، تقف شجرة الحياة، وهى شجرة «الجينكو» اليابانية التى صمدت فى وجه القنبلة الذرية التى ألقتها الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما فى الحرب العالمية الثانية، خلاصةً لحكمة الحياة.

بالإضافة لقسم تبادُل البذور الذى توجد فيه العائلات النباتية، التى يتم جمعها محليّا والبذور من جميع الحدائق فى العالم، ويحدث تبادُل للبذور فى كل عام، وكل حديقة تقوم بإرسال قائمة البذور لديها بعائلاتها ويتم التبادل لزراعتها تحت الظروف المناخية المناسبة.

وعلى مساحة نصف فدان تمتد حديقة النباتات العصابية والصبار محاطة بسور منفصل تضم 108 من أنواع الصبار ذات الشوك تم جمعها من جميع أنحاء العالم، تلك النباتات تقوم بتخزين الماء فى عصارتها وتنمو فى الأماكن التى ليس بها ماء.

مربع الرسم

«مربع الرسم» كما يحلو للعاملين بالحديقة تسميته، هو المكان الذى يلتقى فيه طلاب كليات الفنون الجميلة والتربية الفنية، لرسم الزهور وأشجار السرو والنخيل الملكى، ومتابعة مشاريع أعمالهم، بالإضافة لعدد من الفنانين التشكيليين، بالإضافة لوجود قسم يقوم بعمل خرائط ورسوم لحدائق الهيئات أو الحدائق المنزلية وتنفيذها دون مقابل لمن يطلبها.

وتضم البركة المائية - التى كانت قديمًا مجرى مائيّا يستخدم فى عمليات الرى- وتمت زراعتها بالنباتات المائية والنصف مائية مثل اللوتس والبشين وتنمو بها اليوم أكثر من 50 نوعًا من الأشجار التى كان موطنها الأصلى إفريقيا.

وعلى مساحة فدانين، أى ما يعادل (8 آلاف و400 متر مربع)، تقع أكبر حديقة للورد فى مصر داخل الأورمان لتضم  عددًا من السلالات الوردية.

وداخل الحديقة يوجد مشتل وصوبة زجاجية لتربية وإكثار النباتات بهدف بيعها للجمهور بسعر رمزى مساهمة منها فى إمداد محبى النباتات بما يحتاجونه من شتلات. 

وتنظم وزارة الزراعة معرض زهور الربيع داخل الأورمان منذ 78 عامًا بهدف التعاون والتبادل بين عدد من المشاتل فى مصر وخارجها والشركات المهتمة بالزراعة بطرح الزهور والنباتات بأسعار منخفضة للمواطن العادى.

كما تضم محلات تعرض الأدوات الزراعية والبذور والأسمدة، وهناك مناطق أخرى للنخيل والمخروطيات وأشجار الفيكس ومنطقة أشجار الوقاية ومنطقة للعصافير ومنطقة للرسم والنباتات المزهرة.