الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

اللواء مهندس محمد مختار قنديل: تفاصيــل فتــح ممــرات خـط بارليف

الحرب تحتاج سلاح، والسلاح يحتاج عقل يستخدمه ويتحكم به، وهذا كان دور سلاح المهندسين العسكريين فى حرب أكتوبر، التقيت باللواء مهندس- محمد مختار قنديل أحد أبطال نصر أكتوبر والذى أشرف على بناء الكبارى العائمة التى عبرت عليها قواتنا المصرية، كما ساهم فى فتح ممرات خط بارليف يوم 6أكتوبر، وأشرف على توسعتها الأيام التالية.



نقل لى اللواء المهندس صورة حية من القناة، فاستشعرت وجودها بكباريها وساترها الترابى وجنودها العابرون لضفتها الشرقية، وصف مهمته العملية وصفا دقيقا فعايشتها معه.

يتذكر اللواء مهندس مختار قنديل تفاصيل مهمته فى السادس من أكتوبر الساعة الثانية ظهرا، قائلا: لم نكن نعلم يوم 5 أكتوبر أن الهجوم سيكون غدا، لكنى علمت فى نفس يوم الحرب أن طائراتنا المصرية ستعبر فوق رؤوسنا وبعدها سنبدأ مهمتنا.

كانت مهمتى كمهندس فى سلاح المهندسين العسكريين هى إنشاء الكبارى التى ستعبر عليها قواتنا المسلحة، والإشراف عليها والتأكد من جاهزيتها وعدم وجود أى عطل بها يعرقل مرور القوات.

 بمجرد أن جاءت التعليمات الشفهية كنت فى قيادة عمليات الجيش فركبت سيارتى وذهبت إلى كوبرى طوسون بجنوب الاسماعيلية والذى يمتد للدفرسوار حيث كانت مهمتي؛ لأجد الطائرات تعبر، ثم أعقبتها نيران المدفعية التى أطلقت تمهيد نيران على طول الجبهة من القنطرة حتى السويس.

 بعد عبور القوات بقواربها المطاطية وتسلقها الساتر الترابي، بدأنا فى إلقاء الكبارى العائمة عن طريق مايسمى بـ(البرطوم) وتجميعها سويا حتى يتكون الكوبرى على سطح مياه القناة، وفى حوالى الساعة السادسة مساء كانت جميع الكبارى جاهزة للعبور.

سألت اللواء مهندس مختار قنديل عن شكل الكوبرى حتى يتسنى للقارئ تخيل صورته، فشرح قائلا: الكوبرى يكون عائما على سطح المياه ، تقوم العربات بإسقاط البراطيم المكون منها، ثم يتولى الجنود تجميعها فوق المياه وربطها معا، وبعد تركيبها يتم تثبيتها من الناحيتين شرقا وغربا، فتمتد الكبارى على طول مياه القناة .

بدأت القوات المصرية فى التدفق للعبور، ففوجئت بخمسة طوابير من العربات تحمل المعدات والذخائر والأسلحة الثقيلة تريد العبور غير ملتزمة بجداولهم الزمنية التى كانت مخططة سالفا، تريد اللحاق بجنودها من المشاة الذين عبروا فى قوارب مطاطية. 

أوضح اللواء مهندس -قنديل أن العربات والمدرعات التى كانت تنتظر العبور كانت متخفية فى الزراعات حتى لا ترصدها نيران المدفعية الاسرائيلية.

 عند هذه اللحظة استشعر اللواء قنديل الخوف، وخاصة أن المدفعية الاسرائيلية بدأت فى الضرب بمدفعيتها لعرقلة تقدم القوات، فاستعان بالشرطة العسكرية التى أحكمت السيطرة وعبرت القوات بترتيبها الزمنى المخطط لها بعد أن استجابت لذلك، ثم فتحوا ممرات فى الساتر الترابى الذى قدر ارتفاعه 20متر حتى تستطيع الدبابات العبور. فجنود سلاح المهندسين العسكريين كانوا هم المسئولون عن فتح ممرات فى الساتر الترابى عن طريق طلمبات المياه، ومنهم من تسلق الساتر نفسه.

يسترسل اللواء مختار قنديل تفاصيل مهمته قائلا: استمر عبور المعدات والدبابات ومدافع الهاون طوال الليل وحتى الصباح، وأنا كنت متواجد معهم أنا وزملائى من المهندسين العسكريين حتى صباح اليوم التالى نصلح أى مشكلة تظهر فى الكباري، والحمد لله لم تحدث مشكلات جسيمة لأن الجميع التزم بالتخطيط.

بعد أداء مهمتنا الخاصة بإنشاء الكبارى مكثنا أيام تالية ليوم 6أكتوبر نعمل على توسعة الممرات التى فتحت فى الساتر الترابي، لأننا فى اليوم الأول كان شاغلنا الأول هو عمل فتحات تكفى لمرور الدبابات فقط، لكن بعد اكتمال العبور عملنا على توسعة تلك الفتحات.

يختتم اللواء مهندس-محمد مختار قنديل حديثه مؤكدا: لا زلت بعد مرور 47 عاما على نصر أكتوبر أتخيله وكأنه حدث أمس؛ فأشعر بالفخر والرضا بأن الله وفقنى مع زملائى فى تأدية مهمتنا على أكمل وجه، فعندما يسألنى أحد عن بطولتى فى الحرب، أقول لهم: يكفى أننى أديت واجبى، وشاركت فى تحرير الأرض.