الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

اليوجا.. في رواية طعام صلاة حب!

رواية طعام، حب، صلاة للكاتبة الأمريكية اليزابيث جيلبرت هو سيرة ذاتية للكاتبة الأمريكية إليزابيث جيبلبرت، التى قررت ترك كل شيء، حينما كانت فى الثلاثينيات من عمرها، لتبدأ البحث عن كل شيء فقدته!



 كانت قد تزوجت عن حب وانفصلت عن حب أيضا! لم تكره زوجها ولكنها كرهت الالتزام بزواجها! فكانت تقضى وقتها باكية حزينة دونما تعرف السبب الكامن وراء هذا الحزن والعذاب والبكاء! وكانت غرابة هذه الحالة هى السبب الرئيسى فى سعيها لفهم واكتشاف ذاتها، من خلال السفر ليس هربا من حياتها، ولكن لكى لا تهرب حياتها منها؛ لعلها تكتشف أسلوبا جديدا تنظر به إلى حياتها!.. وكانت اليوجا هى ذلك الأسلوب الذى تعلمته (ليز) بطلة الرواية.. واكتشفت من خلالها معنى لحياتها.

البحث عن الحرية فى إيطاليا..

كامرأة مسيحية أمريكية اسما- بدون ممارسة الدين مثل الكثيرين من مسيحيى الغرب - لم تجد السعادة المطلقة فى زواجها من الرجل الذى تحبه، ولم تعد تطيق الاستمرار فى ذلك الزواج! وفى حيرتها، تذكرت أن هناك إلها، تحدثت معه باعتباره القوة القادرة فى هذه الحياة على مساعدتها لتجاوز حالتها المزرية! وأخيرا، طلبت الطلاق، وتنازلت عن كل شيء تقريبا للتخلص من عبء حياة لم تعد تحتملها!

ومثل كل ثقافات العالم التى ترى أن حب الرجل للمرأة كنز وواجبها الحفاظ عليه، هكذا تعرضت ليز للوم من الآخرين بسبب تمردها على حب زوجها!.. كل الفرق، أن الثقافة الغربية تطبق القوانين والدساتير المأخوذة من روح الكتاب المقدس، الذى ربما ساهم فى خلق أعراف تليق بفكرة احترام حرية الآخر وعدم إدانته! وهكذا حصلت على الطلاق وتحررت، بدون شعور بالذنب.. وبدأت رحلة استمتاعها بالحرية، وتعرفت على صديق منحها متعة الحب، ثم فتُرت العلاقة بينهما، ولم يعد هو نفس الشخص المتلهف، وانتهت العلاقة الملتهبة ببرود مزق قلبها، فقررت هجر الحب، وفرغت ذاتها لممارسة هواية أو ثقافة السفر لتعيش كل ما اختزنته من رغبات، وفى أعماقها كانت تريد الاختلاء بنفسها فى أماكن غريبة.. تساعدها على اكتشاف السبب الذى جعلها تتمرد على الزواج والإنجاب.. وتلك هى -بالمناسبة- فلسفة السفر، أنه يهرب بنا من حدودنا لنقابلها فى أماكن أخرى!.. سافرت ليز إلى إيطاليا، واستمرت لمدة 4 شهور فى لهو ومرح تتتعلم اللغة الإيطالية التى تحبها، وتستمتع بالطعام الإيطالى الخلاب.. حتى ازداد وزنها كثيرا! ولكن إيطاليا لم تساعدها على اكتشاف نفسها ولا الشفاء من جروحها، فسافرت إلى الهند، وتعرفت على اليوجا من أجل ممارسة التأمل! وتعلمت المانترا للوصول إلى قوة الشفاء وطاقة الحياة. فسكنت معتزلا.. وهو مكان التعبد والصلاة وجلسات التأمل (أشبه بخلايا الرهبان المسيحيين فى الأديرة)! يقدم الطعام النباتى، ويلزم سكانه بالأعمال المنزلية والنوم المبكر والاستيقاظ فى الثالثة صباحًا، من أجل الصلاة! وأخيرا، وبعد كفاحها وإصراراها على حفظ وترديد الصلوات السنسكريتية، بلغت ليز مرحلة التأمل Meditation ، حيث كانت وهى مستيقظة ترى وتشعر أشياء أشبه بالرؤى!

اليوجا.. والشفاء فى الهند وإندونيسيا

بعد 4 شهور أخرى فى الهند، قاربت مرحلة اكتشاف الذات، والكون، وقبول الأحداث والتجارب التى مرت بها! ثم قررت الذهاب إلى جزيرة بالى - إندونيسيا.. تلك التجربة التى ساهمت فى خلق التوازن النفسى الذى ساهم فى شفاء نفسها من آثار تجربة زواجها السيئة، وتصالحها مع قلبها منذ قابلت العراف العجوز كيتوت لاير الذى يعالج الناس ويزرع السكينة فى نفوسهم من خلال ممارسة التأمل، وبعض تلاواته ورسوماته الخاصة، وقد أخبرها فى زيارة سابقة أنها ستأتى ثانية إلى جزيرة بالى.. ثم رسم لها رسما خاصا بها فى شكل كائن بأربعة أرجل إشارة إلى الثبات على الأرض، بلا رأس، ولكنه وضع مكانها بعض الأعشاب والزهور، وفى مكان القلب وضع وجه إنسان ضاحك.. كرمز لشخصى يتمتع بعقل متطلع للنمو، وقلب باسم مقبل على الحياة!

فى بالى، مرت بتجربة غربلت ما تعلمته من اليوجا والتأمل.. ونالت الشفاء الذى حررها، فشعرت أخيرا بالسكينة التى جعلتها تتمتع بكل ما تراه وتقابله! بل وقالت إنها عرفت كيف يحبنا الله ويقبلنا كما نحن! وأخيرا، وقعت فى قصة حب مع رجل برازيلى يكبرها ببعض السنوات وتزوجته!

صدرت رواية طعام، صلاة، حب عام 2009، ترجمت إلى 30 لغة، وبيع منها ما يزيد على 10 ملايين نسخة، أما الطريف، فهو خبر انفصال إليزابيث جيلبرت المؤلفة عن زوجها البرازيلى فى عام 2016 بعد زواج لم يدم طويلا! و استهلت صحيفة «تليجراف» البريطانية تقريرها حول إعلان خبر الطلاق، وعبرت عنه بصيغة أقرب للرثاء قائلة: «إنها الرومانسية التى شجعت جيلًا كاملًا من السيدات للسفر عبر البحار للبحث عن الإشباع الروحانى، والنهاية السعيدة»! وهو نفس السؤال الذى نسأله: إذا كانت ممارسات الإشباع الروحانى المتمثلة فى اليوجا وغيرها..قادرة على شفاء النفس، وإعادة التوازن بين الإنسان وتحريره من آلام الرفض، والأنانية والسلبية! ترى لماذا لم تنقذ زواج ليز؟ ولماذا لم تسهم فى تصحيح علاقتها بزوجها؟ أم تراها.. عادت ثانية لنقطة الصفر فى مسألة الزواج والحب، واليوجا؟