الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

فى ذكرى عبدالناصر

فى كل عام وفى شهرى يناير وسبتمبر تمتلئ الصحف المصرية بمقالات فى ذكرى حدثين، ميلاد ثم فى وفاة عبدالناصر. وكأنه واجب سنوى إن لم تقم به الصحف فقد تتهم بأنها خرجت عن الصف الوطنى ونسيت ذلك الرجل العظيم الذى أمم قناة السويس وبنى السد العالى.



 وقد مرت سنوات وعقود زمنية على الحدثين ومع ذلك تكتب المقالات وتنشر الصحف والمجلات وربما تنشر نفس الأفكار عن الرجل وعن الحدثين لأن الرجل هو الرجل والأحداث هى الأحداث. لذا تستمر الأمور تدور حول ذات الأفكار وفى أحيان حول ذات الجمل ونفس الألفاظ. وفى كثير من الأحيان نحتاج ونحن نلاحظ الحدثين معا أن نطرح سؤالاً مهمًا، لماذا نتذكر المكاسب التى تحققت فى عصر عبدالناصر ثم نستدير حولنا فلا نجدها قائمة؟ لماذا لا نتذكر دائما إلا مكسبين مهمين لا يزالا قائمين دون المساس بهما هما تأميم القناة وبناء السد؟ أو الأصح غير قابلين للمساس لأنهما فى غير متناول الذين أمسكوا بالمكاسب الأخرى وصفوها.

 فمنذ انتصار 1973 درجت الحكومات المتتالية على تصفية المكاسب التى تركها عبدالناصر الواحد وراء الثانى بهدوء ومهارة لم يستطع الشعب الصمود أمامها. صفيت الصناعات الكبيرة مثل شركات الكوك والمراجل البخارية والنسيج والحديد والصلب والإلكترونية أمام فتح الأسواق  لحرية التجارة ومرور السلع.. حدثت التصفية بهدوء ودون إعلان  إما بالبيع الرخيص أو عدم التجديد أو الاستثمار أو بتصفية العمالة. 

أتذكر أن فور تولى الرئيس الأسبق حسنى مبارك السلطة صدر قرار بمنع استيراد فاكهة الموز. فى ذلك الوقت كانت فاكهة الموز المصرى التى نعرفها قد تراجعت أمام استيراد الموز من أمريكا اللاتينية. يومها أحسسنا أن الأمور قد تعتدل ولكن كانت الأمواج قد بدأت تجرف تلك المكاسب الهائلة التى تركها عبدالناصر يوم وفاته.

لذلك أرى ألا نترك المناسبتين دون تعليق ولكننا نأخذ الاتجاه المغاير للتذكر والمديح، وبدل من هذا الاتجاه نبدأ فى طرح الأسئلة التالية» لماذا لم نستطع الحفاظ على كل تلك المكاسب التى بناها وشيدها جمال عبدالناصر منذ توليه للسلطة حتى يوم وفاته؟ وما هى العوالم الداخلية والخارجية التى وقفت فى ظهر عبدالناصر تساعده على تحقيق ما حقق؟

ثم أخيرًا، لماذا نجح البعض من المصريين فى هدم ما بناه هذا القائد العظيم وكيف نستطيع حماية ما يبنى الآن خاصة تلك الأعمال المتجه للصناعة والزراعة؟.

ولكن المهم فى كل ذلك هو أننا حتى لحظة كتابة هذه السطور لم نحلل تماما الأسباب التى أدت إلى نكسة 1967، كما أننا لم نترك للأجيال القادمة «نصيحة» واحدة لا تقودهم إلى الانزلاق نحو «نكسة» ثانية.

 أرجو أن تأتى المناسبتان بعد ذلك ونكون قد عرفنا الأخطاء حتى لا نكررها، كما نعرف المكاسب وكيفية الحفاظ عليها. ورحم الله قائدنا العظيم جمال عبدالناصر.