السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

5 دول تنتظر التطبيع

كانت الإمارات واضحة «F35»  مقابل التطبيع مع الكيان الصهيونى علاوة على تعزيز نفوذها الإقليمى والتقارب مع ساكن البيت الأبيض، أما البحرين فالأمر ليس بهذا الوضوح وإن كان الهدف الأساسى هو التقرب من صانع القرار الأمريكى. .فى 15 سبتمبر الجارى، انضم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، إلى وزراء خارجية الإمارات والبحرين فى البيت الأبيض لتوقيع اتفاقيات التطبيع التاريخية بين الكيان الصهيونى والدولتين العربيتين، وأشاد ساكن البيت الأبيض بالمناسبة وقال: إن توقيع «اتفاقيات أبراهام» سيغير مجرى التاريخ».



 

ولا شك أن ترامب كان يحتاج بشدة لأى إنجاز على مستوى السياسة الخارجية أمام شعبه قبل أقل من شهرين على الانتخابات ومع تأخره فى استطلاعات الرأى.

تطبيع سرى 

ليس سرا أن التطبيع «المعلن» سبقه تطبيع سرى مع العديد من دول الخليج بداعي وجود عدو مشترك متمثل فى إيران، حيث كانت دول الخليج تتطلع إلى الاستفادة من التقدم التقنى الإسرائيلى ويتطلع الاحتلال الإسرائيلى إلى تأمين مكانه فى الشرق الأوسط المضطرب، وكانت الإمارات هى من تتصدر المشهد فى تلك العلاقات التى تدار من وراء الكواليس،  وفى أواخر 2015، أرسلت إسرائيل بعثة دبلوماسية إلى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة فى أبوظبى. وفى 2018، قامت وزيرة ثقافة الاحتلال فى ذلك الوقت، ميرى ريغيف، بزيارة رسمية إلى المسجد الكبير فى أعقاب فوز إسرائيل بميدالية ذهبية فى بطولة الجودو بالإمارات، كما وجهت الإمارات دعوتها للكيان الصهيونى من أجل حضور معرض إكسبو 2020 فى دبى،المعرض العالمى الذى تأجل بسبب جائحة فيروس كورونا. وفى البحرين توجد جالية يهودية صغيرة شغل أحد أعضائها منصب السفير البحرينى لدى الولايات المتحدة فى الفترة بين عامى 2008 و2013. كما استضافت المملكة الخليجية الصغيرة مؤتمر الكشف عن الجانب الاقتصادى لخطة البيت الأبيض للسلام فى الشرق الأوسط العام الماضى، ما أشار إلى استعدادها لمشاركة الولايات المتحدة، والكيان الصهيونى بالتبعية، فى تلك القضية. ونظر لتبعية اعتماد المنامة على الرياض اقتصاديًا وأمنيًا وسياسيًا، فإنه ينظر للتطبيع البحرينى على أنه خطوة للتمهيد، للتطبيع السعودى، الذى قد يتأخر قليلًا. وبالنسبة للكيان الصهيونى فأصبح بإمكان نتنياهو الترويج لإنجاز ضخم فى السياسة الخارجية، إنجاز لم يصل إليه سوى زعيمين إسرائيليين آخرين: مناحم بيجن عندما وقع معاهدة السلامة مع مصر عام 1979، وإسحاق رابين عندما وقع معاهدة السلام مع الأردن عام 1994. بل وسيصبح نتنياهو أول من يوقع على اتفاقيات تطبيع العلاقات مع دولتين عربيتين فى يوم واحد.

والحقيقة إن لم يعلن التطبيع اليوم فسيعلن غدًا، فاتفاقيات التطبيع حتمية، سواء حدث الآن أو بعد سنوات، إلا أن ترامب ونتنياهو حرصا على أن يكون التوقيت مواتيًا لمصالحهما. بسبب مشكلات نتنياهو الداخلية، ومع تأخر ترامب فى استطلاعات الرأى قبل أقل من شهرين على الانتخابات، كانت هناك إرادة مشتركة لتحقيق شيء كبير.

 5 دول تلحق بالقطار 

فى نفس اليوم 15 سبتمبر 2020، الذى وقعت فيه كل من البحرين والإمارات العربية المتحدة اتفاقيات لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل فى واشنطن، قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن خمس دول أخرى فى الشرق الأوسط على وشك تطبيع العلاقات مع تل أبيب، وأردف دون أن يسمى هذه الدول: «لقد قطعنا شوطًا طويلًا مع خمس دول أخرى».

قبل الشهر الماضى، كانت الدول العربية الوحيدة التى أبرمت معاهدات سلام مع إسرائيل هى مصر والأردن، وكلتاهما خاضت حروبًا مع الاحتلال، وكان لهما أراض احتلتها إسرائيل فى أعقاب حرب عام 1967، فيما يرفض عدد من الدول العربية رفضًا قاطعًا إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل طالما لم يتم التوصل إلى قرار بشأن احتلالها للأراضى الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة. وتنشغل بعض الدول الأخرى مثل ليبيا أو سوريا أو العراق فى التعامل مع نزاعاتها وتوتراتها الداخلية، مما يجعل مثل هذه الخطوة الدبلوماسية المثيرة للجدل غير مرجحة فى المستقبل القريب.

عمان

 أبرز الترجيحات تشير إلى سلطنة عمان، وسبق أن توقع وزير مخابرات الاحتلال الإسرائيلى أن تكون عُمان، إلى جانب البحرين أن تحذو حذو الإمارات فى إضفاء الطابع الرسمى على العلاقات مع إسرائيل. ومثل البحرين، سارعت مسقط فى تأييد الدعم للإمارات بعد اتفاق أغسطس. وتحدث وزير خارجيتها، يوسف بن علوي،  مع نظيره الإسرائيلى غابى أشكنازى بعد أيام من إعلان الصفقة الإماراتية – الإسرائيلية فى أغسطس ، وناقش الاثنان «الحاجة إلى تعزيز العلاقات». لكن فى الوقت نفسه، تحدث بن علوى مع مسئول من حركة فتح، الحزب الحاكم فى السلطة الفلسطينية، وأعرب عن دعم السلطنة لـ«سلام شامل وعادل ودائم فى الشرق الأوسط»، وقال إن استئناف المفاوضات بشأن عملية سلام إسرائيلية فلسطينية أمر ضرورى. وعلى الرغم من التصريحات الإماراتية والبحرينية، إلا أن الفلسطينيين اعتبروا هذه المزاعم كلمات جوفاء.

وتجرى عمان بالفعل حوارًا مع إسرائيل منذ سنوات، حيث قام نتنياهو بزيارة نادرة إلى عمان فى عام 2018 فيما اعتبر أنه يعكس رغبة الدولة الخليجية فى لعب دور مؤثر فى المنطقة، وكان نتنياهو هو أول زعيم إسرائيلى يزور السلطنة منذ أن زارها شيمون بيريز عام 1996.

السعودية 

المملكة العربية السعودية أحد الدول المتوقع أن توقع اتفاقية تطبيع لكن الأمر معقدًا بعض الشيء، حيث قال ترامب للصحفيين فى واشنطن: «تحدثت مع ملك السعودية وأجرينا محادثة رائعة، وأعتقد أن أشياء إيجابية ستحدث هناك أيضًا»، وكان مسؤولون سعوديون قد أكدوا فى وقت سابق أن المملكة لن تطبّع العلاقات مع إسرائيل خارج إطار مبادرة السلام العربية التى تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية. وقال وزير الخارجية السعودى فيصل بن فرحان آل سعود إن موقف حكومته الداعم لدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية لم يتغير. وكتب على تويتر: «مواقف المملكة الثابتة والراسخة تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى لن تتغير بالسماح بعبور أجواء المملكة للرحلات الجوية القادمة لدولة الإمارات العربية المتحدة والمغادرة منها إلى كافة الدول»، ومع ذلك، قررت المملكة العربية السعودية مؤخرًا السماح لأول رحلة جوية  بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة بعبور مجالها الجوى، وهى خطوة وصفها نتنياهو بأنها «اختراق هائل». كما فسر البعض خطبة إمام المسجد الحرام فى مكة على أنها مقدمة للتطبيع السعودى.

السودان

هناك مؤشرات قوية على أن السودان قد يسير على خُطى الإمارات والبحرين. ومع ذلك، فإن الانقسامات بين المكونين المدنى والعسكرى للحكومة الانتقالية سلطت الضوء على الخلافات الداخلية حول هذه القضية، وقد برزت الخلافات إلى الواجهة عندما أقالت الحكومة المتحدث باسم وزارة الخارجية بعد إشادته بالاتفاق الإماراتى – الإسرائيلى، وتعليقاته بأن الخرطوم وتل أبيب كانت لهما بالفعل علاقات دبلوماسية سرية. لكن رئيس المخابرات الإسرائيلية يوسى كوهين أكد أن حكومته على اتصال بالسودان وأن التطبيع هو «جزء من أجندة» علاقاتهما الدبلوماسية.  وسبق أن التقى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى نتنياهو بعبدالفتاح البرهان، القائد العسكرى للمجلس الحاكم فى السودان، وناقش التطبيع بحسب ما أشارت إلى بعض وسائل الإعلام – وإن لم يعلن ذلك رسميا-  وينظر بعض المحللين إلى مبادرات سودانية على أنها محاولة من الخرطوم للوصول إلى رضى  الإدارة الأمريكية على أمل رفع العقوبات عنها  

موريتانيا والمغرب 

كانت موريتانيا من أوائل الدول العربية التى أعربت عن دعمها للإمارات بعد اتفاقها مع إسرائيل فى أغسطس.  وكانت الدولة الواقعة فى شمال غرب إفريقيا والعضو فى جامعة الدول العربية تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع الاحتلال فى الماضى، لكنها جمدت العلاقات فى عام 2009 فى أعقاب حرب غزة، وفى بيان صدر الشهر الماضى، قالت وزارة خارجيتها إنها تثق فى «حكمة» القيادة الإماراتية فى تحديد طبيعة علاقتها مع إسرائيل.   وفى حين أن المغرب لم يصدر رد فعل فوريًا على اتفاق بين الإمارات وإسرائيل، أعلن رئيس وزرائه سعد الدين العثمانى رفض حكومته للتطبيع مع إسرائيل بعد أكثر من أسبوع. ويشغل الملك محمد السادس منصب رئيس لجنة القدس فى منظمة التعاون الإسلامى، وهو المنصب الذى كان يشغله والده الراحل الملك الحسن الثانى. وبدأ المغرب وإسرائيل علاقات منخفضة المستوى فى عام 1993 بعد التوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلى – فلسطينى. لكن الرباط علقت العلاقات مع تل أبيب بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000، وبينما لا توجد علاقات رسمية بين البلدين، كشف نشطاء مغاربة عن خطوات متكررة نحو تطبيع العلاقات فى السنوات الأخيرة، وهو ما نفته الحكومة أو التزمت الصمت حيالها. وفى فبراير الماضى، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ضغط على الولايات المتحدة للاعتراف بالسيادة المغربية على منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها مقابل اتخاذ الرباط خطوات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وبعد ذلك بأشهر، كشفت منظمة العفو الدولية عن   استخدام برامج تجسس إسرائيلية لاستهداف نشطاء مغاربة.  •