الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

هل يلبى التعديل الدستورى «الجزائرى» الطموحات؟

كما كان متوقعاً، صوّت نواب المجلس الشعبى الوطنى الجزائرى «بالإجماع» لمصلحة مشروع تعديل الدستور، الذى يعد أحد أهم الوعود الانتخابية للرئيس عبد المجيد تبون الانتخابية، والذى يفترض أن يستجيب لمطالب الحراك الشعبى بتغيير النظام.



 

كان الرئيس «تبون» قد صرح فى مجلس الوزراء بأن مشروع الدستور «ينسجم مع متطلبات بناء الدولة العصرية، ويلبى مطالب الحراك الشعبى المبارك الأصيل»، ومنذ البداية رفض ناشطو الحراك الشعبى وبعض أحزاب المعارضة المشاركة فى هذه المشاورات، وطالبوا بمؤسسات انتقالية تكلف إعداد دستور جديد، معتبرين البرلمان الحالى غير مؤهل لمناقشة الدستور، واعتبرت «قوى البديل الديمقراطى»، أبرز تحالف للمعارضة، أن الاستفتاء على الدستور لا يمكن أن يكون حلاّ دائما للأزمة السياسية الخانقة التى تعيشها البلاد.

وعقب إقرار البرلمان يصوت الشعب فى 1 نوفمبر المقبل على التعديلات، التى تعرّضت لانتقادات من الأحزاب والجمعيات المرتبطة بـ«الحراك» والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان، الذين استنكروا ما اعتبروه «ترقيعاً» للدستور من دون مساءلة حقيقية للنظام الرئاسى.

بنود التعديل 

أعطى مشروع الدستور الحراك الشعبى الذى بدأ يوم 22 فبراير 2019 طابعاً دستورياً، عبر الإشادة به فى الديباجة، تخليداً لانتفاضة أجبرت عبدالعزيز بوتفليقة، فى 2 أبريل 2019، على الاستقالة من الرئاسة بعد 20 عاماً فى الحكم، إلا أن نشطاء الحراك يرفضون الدستور الذى تقول أحزاب المعارضة والنشطاء إنهم لم تتم استشارتهم به، بينما اللجنة المكلفة بوضع الدستور، تقول إنه تم توزيع مسودة مشروع الدستور على الأحزاب والنقابات والجمعيات ووسائل الإعلام المحلية من أجل تقديم اقتراحاتها. وبحسب لجنة تعديل الدستور فإنها تلقت 1800 ملف تحمل مئات المقترحات بشأن التعديلات المتضمنة فى المسودة».

وتتضمن التعديلات  السماح بإقرار وضع خاص لتسيير البلديات التى تعانى من ضعف فى التنمية، والسماح لأول مرة بخروج الجيش خارج الحدود فى مهام «لحفظ السلم» تحت إشراف منظمات الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقى، وجامعة الدول العربية، بشرط موافقة ثلثى أعضاء البرلمان.

وفى ظل التوتر الذى يحيط بالجزائر، وخاصة فى ليبيا والصحراء الكبرى، لا يلقى هذا البند معارضة كبيرة، خاصة أنه ليس هناك خلاف كبير بين الجزائريين حول السياسة الخارجية، علاوة على منع توقيف نشاط وسائل الإعلام وحل الأحزاب والجمعيات إلا بقرار قضائى.

6 محاور 

تضمنت المسودة النهائية للدستور الجديد 6 محاور تتعلق بالحقوق الأساسية والحريات العامة، والفصل بين السلطات والسلطة القضائية والمحكمة الدستورية والسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، ولم تُجرِ اللجنة الدستورية تغييرات كبيرة على المسودة الأولى التى طُرحت فى 5مايو الماضى، والتى لقيت اعتراضات كبيرة من قبل القوى السياسية والمدنية فى البلاد.

وعبرت منظمة العفو الدولية عن قلقها «بشأن عدد من المواد  مثل المواد المتعلقة بالحق فى التعبير، والحق فى التجمع»، وأشارت فى مذكرة مقترحات وجههتها للجنة التى صاغت التعديلات إلى «افتقار كامل للشفافية بخصوص هذه العملية وإطارها الزمنى».

كما تضمنت التعديلات  إسقاط مقترح استحداث نائب الرئيس الذى ورد فى المسودة الأولى التى أعدها خبراء قانون، ومنع الترشح لرئاسة الجمهورية لأكثر من فترتين (5 سنوات لكل واحدة) سواء متتاليتين أو منفصلتين.

وليس سراً أن الدستور الجزائرى الذى انتخب الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على أساسه لم يكن يسمح له سوى بالترشح لولايتين، وبعد أن رسخ حكمه، صادق البرلمان فى 2008 على تعديل للدستور من شأنه تمكين بوتفليقة من الترشح بلا حدود.

كما منع ممارسة أكثر من عهدتين برلمانيتين منفصلتين أو متتاليتين، علاوة على إقرار إلزامية إسناد رئاسة الحكومة للأغلبية البرلمانية لأول مرة بعد أن كان رئيس الجمهورية حرا فى تعيين شخصية من خارج حزب أو تحالف الأغلبية.

وأبعد وزير العدل من عضوية المجلس الأعلى للقضاء الذى يرأسه رئيس الجمهورية، ونائبه رئيس المحكمة العليا، وتم استحداث محكمة دستورية بدلا عن المجلس الدستورى ويعود إليها البت فى نتائج الانتخابات، ومدى دستورية القوانين، والمعاهدات الدولية.

مكافحة الفساد

تضمنت التعديلات اقتراحاً لإطلاق سلطة عليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، كهيئة رسمية تابعة مباشرة لرئاسة الجمهورية، تعوض ديوان مكافحة الفساد التابع حالياً لوزارة العدل، والمعطلة مهامه منذ عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة،   كما أضافت الرئاسة الجزائرية مادة فى الدستور الجديد حسب تمنع الجمع بين الوظائف العامة والنشاطات الخاصة أو المهن الحرة، وذلك بعدما كشفت التحقيقات القضائية تورط العديد من الوزراء والولاة فى حالات تضارب المصالح بجمعهم لوظيفة رسمية وتسيير شركات خاصة.

وأدرج مشروع الدستور، إلزامية التصريح بالممتلكات فى بداية استلام الوظیفة العمومية وعند انتهائها لكل شخص يعین فى وظیفة علیا فى الدولة أو منتخب أو معین فى البرلمان أو منتخب فى مجلس محلى، وتطبيق العقاب فى حالات استغلال النفوذ.

كما جرم الدستور الجديد التهرب الضريبى، الذى فاق، بحسب أرقام حكومية، عتبة 100 مليار دولار.

وتعتبر الجزائر من أكثر الدول انتشاراً للفساد فيها، والتى تتجاوز بحسب مختلف التقديرات 200 مليار دولار طيلة السنوات العشرين الماضية، أى خلال حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذى كلفت برامجه خزينة الدولة 1100 مليار دولار.

وعقب سقوط نظام بوتفليقة تم كشف حجم الفساد الذى ضرب مؤسسات الدولة الجزائرية، وأدت التحقيقات إلى سجن 15 وزيراً فى مقدمهم رئيسا الحكومة السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، المتابعان فى 8 ملفات فساد، بالإضافة إلى 20 رجل أعمال، وتوسعت التحقيقات لتصل إلى داخل المؤسسة العسكرية، التى شهدت سجن العشرات من الجنرالات.