الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لدينا حلم.. ولا نقبل هذه العنصرية

سنوات عديدة مرت على كلمات الزعيم الأسود مارتن لوثر كينج وتأكيده بأن لديه حلما يجب العمل على تحقيقه. يوم الجمعة ٢٨ أغسطس الماضى جاء عشرات الآلاف إلى واشنطن ليحيوا ذكرى المسيرة التى شهدتها العاصمة الأمريكية عام ١٩٦٣. وليكرروا التذكير بحلم العدالة والمساواة



 

.. وأيضا المطالبة بإزاحة كل مظاهر التفرقة العنصرية فى الحياة الأمريكية.  الموقف الاحتجاجى للاعبى السلة الأمريكيين ومعهم زملاؤهم من ألعاب رياضية أخرى تجاه ما يحدث فى أمريكا من ممارسات عنصرية بالتأكيد لفت انتباه الرأى العام وعشاق الرياضة على امتداد البلاد والعالم أيضا. خاصة أن الاحتجاج هذه المرة لم يكن حالات فردية بل كان موقفا جماعيا يشمل الكل ـ لم يقتصر على الرياضيين السود. كما أن هذا الموقف كان حاسما فى وقف المشاركة فى المباريات لعدة أيام لحين يتعامل أصحاب القرار فى مسابقات السلة بجدية وبطريقة عملية (كما قيل) مع المطالب المطروحة بخصوص المساواة. وقد حرص الرياضيون على التأكيد ( وهذا أمر يحسب لهم) بأن الاحتجاج ليس الهدف منه التنديد بما حدث من قسوة وعنف تجاه جاكوب بليك ومن قبله جورج فلويد وبريونا تايلور على يد رجال الشرطة, بقدر ما هو الحث على تبنى وتفعيل ما يجب اتخاذه من خطوات من أجل تفادى تكرار ما حدث من ممارسة عنصرية..أحد لاعبى السلة وهو يفسر موقفه من الاحتجاج ذكر ما معناه أنا رياضى نعم ولكنى فى الوقت نفسه إنسان أيضا.. يعنينى ويؤلمنى معاناة إخوانى وأخواتى فى أمريكا وقسوة التعامل الأمنى معهم.عدة أصوات من لاعبين قدامى ومشاهير فى السلة جاءت لتقف مع هذا الاحتجاج الرياضى الذى تصدر الأخبار الرئيسية للوسائل الإعلامية وأيضا الصفحات الأولى فى الصحف الكبرى. والاحتجاج السلمى شمل عدة مظاهر منها الركوع أثناء النشيد الوطنى الأمريكى ولبس تى شيرتات تحمل شعارات تؤكد الغضب الأسود وصور تذكر بضحايا العنصرية..كانت النصيحة التى توجه إلى الرياضيين غالبا ـ لا تخرج من ملعبك وكمل لعبك والتزم بقواعد اللعبة.. ولا تلعب فى ملعب السياسة. إلا أن مشاهير السلة مثل مشاهير الفوتبول الأمريكى قرروا عدم السكوت عما يقع فى الشوارع والمدن وخرجوا من ملاعبهم ليعربوا عن احتجاجهم تجاه التفرقة العنصرية ـ إحدى العلات المزمنة فى المجتمع الأمريكى. منذ فترة ليست ببعيدة لاعب السلة الشهير كريم عبدالجبار قال فى لقاء تليفزيونى أن فيروس العنصرية أخطر من فيروس كوفيد 19..ومن المعروف أن السود يمثلون نحو 75 فى المائة من لاعبى كرة السلة الأمريكية. فى حين يمثلون 68فى المائة من لاعبى الفوتبول الأمريكى.. ولا تتجاوز نسبتهم الـ٨ فى المائة من لاعبى البيسبول إلا أن التضامن العام من كل أطياف المجتمع لقضايا العدالة العنصرية خلال الفترة الماضية غير مفاهيم عديدة ـ خاصة لدى الأجيال الجديدة . كما أن بعض التفهم الذى أبداه أصحاب الفرق الرياضية المختلفة  تجاه هذا الغضب العام كان له أثر إيجابى فى تبنى القضية والدفع بها. بيزنس الرياضة بشكل عام  تأثر بلا شك بوقف كل الأنشطة الرياضية والمباريات بسبب كوفيد 19. والمعروف أن الحجم المالى لبيزنس الرياضة فى أمريكا يقدر بما بين 70 و80 مليار دولار سنويا. وبحساب الأرقام فإن عودة الرياضة بألعابها المختلفة ضرورة كما أن الاستجابة للاحتجاج العام بخصوص قضية عنصرية أمريكا أمر لا يمكن تجاهله أو إهماله فى هذا الزمن الصعب!  

علينا أن نتعايش ..

هذا الأمر لم يعد فقط شعارًا مرفوعًا بل صار أسلوب حياة ـ لايف ستايل علينا أن نتبناه ونتعامل به فى الأيام المقبلة. بعيدا عن المواجهات السياسية والإعلامية التى تشهدها أمريكا فإن التعايش مع أجواء الكورونا لا يزال هو الهم الأكبر لأهل أمريكا. خاصة أنه مع حلول شهر سبتمبر الجارى لم يتردد بعض المراقبين لمزاج أمريكا فى القول ـ وبصريح العبارة ـ عفوا يبدو أن سبتمبر فى كل الأحوال يشبه شهر مارس . أى ما عاشته أمريكا خلاله سوف تعيشه من جديد فى هذه الأيام السبتمبرية. لا جديد تحت الشمس وحطة إيدك.. فمشاعر الخوف والقلق من كوفيد 19 لاتزال تهيمن على الأجواء..وليس بالأمر الغريب أن نجد أنفسنا محاصرين بالتساؤلات الملحة حول الاستعداد النفسى والعقلى للاستمرار فى العزلة الإجبارية / الاختيارية مهما كثرت الشكاوى من الملل وضيق النفس والكآبة. ومنها هل أنت اعتدت أن تتبادل الابتسامات مع من يمر أو تمر بجوارك من خلال نظرة العيون وحركة الحواجب؟ وهل أنت ـ كما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» ـ أنت على استعداد أن تقوم بـ Smize بدلا الـSmile ؟ التعايش مع المستجد الذى صار المعتاد أو الطبيعى لا مفر منه. طبعا مع ضرورة الحفاظ على تماسكك النفسى وتوازنك العقلى وأنت تقوم بمهامك اليومية. ثم أين ذهب الأصدقاء والصديقات وأنت فى أمس الحاجة إليهم.. ونحن معا نقاوم الوحدة؟!