الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

د . وسيم السيسى: طالما بقيت مصر بخير.. لن ينجح مخطط تفتيت العرب

حتما ستتغير المنطقة وتتغير معها القوى والحسابات، سيتشكل كل شيء من منطق مختلف، وما كان عصيا بالأمس سيصبح مرنا، هكذا ترى إسرائيل الصورة وهكذا جاهدت حتى تصل إلى مبتغاها!



وجاءت خطوة تطبيع الإمارات مع إسرائيل لتشعل الخلاف فى الموقف العربى والدولى من جديد ، فما تراه أمريكا ورئيسها ترامب وصهره كوشنر، من أن على العرب نسيان الماضى والنظر إلى المستقبل تراه السلطة الفلسطينية والفلسطينيون شعبا وفصائل، أنه تطبيع لمصالح الدول المطبعة، بعيدا عن القضية الفلسطينية، وتنظر إليه بعض الدول العربية  على أنه تطبيع مع إسرائيل، لا يخدم المبادرة العربية من أساسها، وفى  نفس الوقت أيضا يضرب ترامب  وعودا لإسرائيل بمزيد من المطبعين العرب!!، والتساؤل المطروح الآن هو.. لماذا يرضى العرب بالتطبيع اليوم بعد تطبيع السادات الأحادى والذى مر عليه أكثر من 42 سنة ووصفوه وقتها بالخائن للقضية العربية وقاطعوه!؟، فاليوم يتمنى الفلسطينيون والسوريون ما طرحه السادات على طاولة التفاوض مع إسرائيل،  ولكن تفاوض اليوم ليس بذات شروط الأمس، وما كان مطروحا من عودة للأرض بات صعب المنال!

ذهبنا للمؤرخ الكبير د.وسيم السيسى لسؤاله ماذا بعد تطبيع الدول العربية اليوم مع إسرائيل وماهى جذور الحكاية فكان لنا معه هذا الحوار…

• فى البداية نتساءل.. هل تريد إسرائيل فعلا السلام مع العرب؟

أنظرى.. لقد جرب العرب مع إسرائيل الحرب والمواجهة، وجربنا معها المقاطعة لسنوات طويلة واستطعنا استرداد أرضنا فى 1973، والحقيقة كانت للرئيس الحبيب أبو رقيبة فكرة طرحها  قبل حرب 1956، بتقسيم الأراضى الفلسطينية وقتها وكانت حوالى 47 % للفلسطينين و45 % لإسرائيل، وقال إن إسرائيل هى ولاية أمريكية، ولو دخلنا فى حروب ومواجهات لن تجدى ولكن نستطيع هزيمتهم بغزوهم الفكرى،  ويكون عددنا أكثر منهم ، ورفض الفكرة كليا جمال عبدالناصر 

والحقيقة أن فكرة وجود إسرائيل كانت فكرة أصيلة قبل وجودها الفعلى بخمسين سنة، وتحديدا سنة1897 حيث أعلن اليهود أنه سيكون لهم دولة بعد خمسين سنة وهو ما حدث!.. من أمسك الوكالة اليهودية فى العالم  بعد (تيودور هيرتزل) هو(وايزمان) وكان دكتورا كيميائيا  شهيرا وقال لليهود سنجتمع فى فلسطين لأنها أرض الميعاد وفيها البحر الميت، وهو كنز كبير من البوتاسيوم كمخصب زراعى وسيعطينا الحياة وساعده رئيس وزراء إنجلترا فى 1907 وطلبوا وفود سبع دول أوروبية أن تأتى له فى لندن، وقال لهم إن البلدان العربية هى منطقة ثرية معظم شعوبها جهال ولكن تجمعهم لغة واحدة، وهم لو تقدموا خنقونا وقضوا علينا والمطلوب أن لا نعطيهم فرصة للاستقرار لأن الاستقرار يعنى تقدما، والتقدم يعنى أنهم  يصبحون ضدنا واقترح على الوفود الأوروبية أن يتم خلق كيان يبعثرهم ويزرع وسطهم وكانت إسرائيل وتحالفها الأوروبى،  وكل هذا ونحن غافلون!؟

بعدها بدأت الحرب العالمية الأولى، وكانت المحور فيها ألمانيا وتركيا وروسيا القيصيرية، وكان القصد منها أن يسقطوا ثلاثتهم وكان وراء ذلك اليهود الأوربيون وهذا سبب كراهية هتلر لليهود الألمان وفعلا سقطوا الثلاثة، وكثيرون من يتخيلون أن يهود أوروبا هم بنى إسرائيل والحقيقة غير ذلك تماما،  فهم أوربيون وانتماؤهم لفكر مجتمعاتهم أكثر من الانتماء للديانة اليهودية!، وبنو إسرائيل الحقيقيين لا يتجاوز عددهم 850 ألف شخص، ويسكنون فى فلسطين ! ولم يتركوها يوما!، وبالطبع جاء وعد بلفور ومن قبله الهجرات اليهودية الكبيرة إلى فلسطين والغلطة الكبيرة للدول العربية فى هذا التوقيت أننا لم نكن نملك جيوشا قوية، على عكسهم كانوا «خارجين» من حرب عالمية ثانية مدججين بالسلاح وعددهم كبير يفوق عدد جيوشنا العربية ومدربين جيدا ! ، ورغم الثورات الفلسطينية الكثيرة إلا أن الدولة الإسرائيلية قامت عام 1948، رغم كل شىء وبتخطيط مسبق فى غاية الحنكة ، وتم تنصيب  (حاييم وايزمان)  أول رئيس لإسرائيل .

والمفكر الإسرائيلى الذى يسمى ( برنارد لويس) ظهر بعد ذلك وقدم مخططا لتقسيم كافة البلاد العربية كل واحدة لثلاث أو أربع أجزاء، وقدمه للرئيس الأمريكى جيمى كارتر فى أوائل الثمانينيات من القرن الماض، وهذا التقسيم كله على أسس دينية ، وللأسف الكونجرس الأمريكى أقر هذه الخطة وتمت كتابة هذا المخطط على أن تنفذه الحكومات الأمريكية المتعاقبة، وأمام هذا المخطط الجهنمى،  فإن الحرب والمقاطعة لا تأتى بنتيجة ولكن ممكن أن نحقق الغزو السلمى على شرط أن يكون هناك مقابل وهذا ما تتفق عليه اليوم الدول المطبعة مع إسرائيل .!

• هل تعتقد أن هذه الطريقة ممكن  أن تلجم التوسع الاستيطانى الإسرائيلي؟

ممكن أن يكون هناك مفاوضات ومناقشات وهذا ما قاله الحبيب بورقيبة منذ زمن والفلسطينيون هم أصحاب الفرص الضائعة والآن يتمنون أن يصلوا إلى ما اتفق عليه السادات وكان لديهم كرسى فى الاتفاق  الذى كان منعقدا فى مينا هاوس وظل الكرسى خاليا ولم يحضر أحد واتهموا السادات بالخيانة وقتها؟

• هل هناك ضمان أن لا تفتعل إسرائيل حربا ضد الدول العربية ؟

لماذا تشعل إسرائيل حربا اليوم؟ بالتكتيك والذكاء  والدبلوماسية من الممكن أن يصل العرب إلى ما يريدون، فزمن الحروب انتهى إلا للضرورة .

• ولكن ألا تجد أن مخطط التفتيت مازال قائما ؟

إذن لا حل إلا بالدبلوماسية والضغط السياسى الدبلوماسى لوقف التفتيت،   وهذا دور الدول المطبعة، ولكن ماذا ستفعل المقاطعة أو الممانعة وماذا فعلت كلتاهما لا شيء زادت قوة إسرائيل وهيمنتها أكثر ! فالتطبيع موجود مع أغلب الدول العربية منذ سنوات مضت من تحت الطاولة وأعتقد أن التطبيع المعلن اليوم يستطيع أن يخدم الفلسطينيين والقضية بشكل أفضل سيكون كل شيء  واضحا لأنه فى العلاقات والمصالح المشتركة يكون دائما أخذا وأعطاء!

• هل لدى الشعوب العربية اليوم القدرة على قبول التطبيع مع إسرائيل ؟

من الممكن أن يكون لدى الشباب الصغير هذا التقبل وهذا حدس لدى،  وليس مبنيا على علم أو نتائج!، ومازالت غالبية النقابات والجامعات العربية والمؤسسات ترفض التطبيع حتى يومنا هذا فى أغلب الدول العربية

• ماذا سيفعل العرب فى حلم إسرائيل دولة من النيل للفرات؟

لدى تفسير لهذه العبارة.. أولا نهر النيل طوله ستة آلاف كيلو متر والفرات ألفان كيلو متر، وهم يطلقون على نهر الفرات العظيم، يبقى من غير المعقول أن يقصدوا نهر النيل أعتقد هم يقصدون نهير صغير اسمه النيل أيضا فى شمال سيناء وهو نهر موسمى يمتلأ بالمياه فترة كل سنة وما يؤكد هذا النسخة العبرية. 

لكن بالطبع هم يحلمون، ومصر لن تسمح بهذا المخطط على الإطلاق،  والبلاد العربية لن يتم تفكيكها طالما بقيت مصر بخير وقوية، وكان المخطط  لهذا التفكيك فى 2011 و2012  وبالفعل تدخلت أمريكا لدعم الإخوان وما كان سيجلبه لنا من انهيار للبلد وهو ذاته ما كان يحاك لنا،  لن ننسى ما قالته كونداليزا رايز بأن مصر هى الجائزة الكبرى.. ولكن بفضل الجيش المصرى العظيم والشعب المصرى العظيم وحنكة سياسية  لرئيس مصر تم إنقاذ مصر ...