الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

محسن صبرى.. فنان لا نعرف قدره

الحياة ليست عادلة بالشكل الكافى، فالحظ يلعب دوره مع الجميع، دون النظر إلى موهبة أو كفاءة فى كثير من الأحيان!.. ويظهر هذا جليًا فى المجال الفنى،فرغم ما يبدو من رفاهية ظاهرية يتمتع بها الفنانون، إلا أننا لو نظرنا للمجحوف حقوقهم، لوجدناهم أكثر كثيرًا ممن ينالوا ما يستحقوه.. فنرى بعضهم يحصد شهرة وثروة دون أقرانهم أو ممن يمتلكون مواهب أكبر فى بعض الأحيان.. وتلمع بعض الأسماء ثم تنطفئ دون سبب.. أو يضحك الحظ متأخرًا -إن حدث- فتأتيهم الفرصة بعد الشيب وفقدان الأمل، ليبدأوا رحلة النجاح بعد عمر طويل من الشقاء والتجاهل.. وكم شعر الكثير من فنانينا بغبن وحزن بعد أن توارت عنهم الأضواء والأدوار!.. وكم منهم اضطر لقبول أى عرض، حتى وإن لم يتناسب مع قيمتهم وموهبتهم، أملًا فى فرصة أكبر، فيتغاضون ويغضون البصر عن حقوقهم ماديًا ومعنويًا.. فتهمش أسماؤهم فى التترات، أو يتم تجاهلهم فى الدعاية، أو تختصر أدوارهم قبل التصوير أو بعده!.. ورغم التجاهل المؤسف الذى يعانيه كثيرون، إلا أن بعضًا منهم يثبتون أنفسهم، ويتركون بصماتهم داخلنا على الرغم من كل الظروف!.. أحد هؤلاء فنان كبير لم نعرف قدره بعد، فقد عرفناه شابًا فى أوائل الثمانينيات، ثم اختفى لفترة طويلة ولم نره مجددًا إلا بعد سنوات طويلة، وقد تابعته الأسبوع الماضى فى إحدى القنوات، من خلال إعادة عرض الحلقات المجمعة لإحدى حكايات المسلسل الناجح «نصيبى وقسمتك» بعنوان «حبيبتى من تخون» للكاتب المبدع/عمرو محمود ياسين، وإخراج مصطفى فكرى.. والتى تتناول إحدى القضايا الخطيرة التى تعانى منها مجتمعاتنا الآن، وهى جرائم الإنترنت التى تغتال الكثيرين معنويًا.. فتحكى عن فبركة فيديو إباحى لابنة صحفى كبير، ونشره بعد كتب كتابها مباشرة على مواقع التواصل، وإرساله لعائلة العريس وأقاربهم.. فتتعرض الأسرة لهجوم وضغوط لا تحتملها، بعد أن يتحول الفرح لفضيحة، وينتشر الفيديو بفظاعة على مواقع التواصل الاجتماعى، وينتهك عرض الأسرة بالخوض فى شرف ابنتهم، مما يؤدى لفصلها من عملها، ومنع الأب من الكتابة، ومحاولة أسرة العريس إنهاء الزيجة.. ورغم موقف الأب المساند والداعم بقوة لابنته والمتيقن من براءتها، لا يتحمل قسوة الوضع ويتوفاه الله قبل كشف الحقيقة.. وقد أبكتنى مشاهد الأب، والتى كتبت بحرفية، وبرع فى أدائها هذا الممثل القدير الذى قام بدور الأب، فعبر عن الحنان المتدفق والسند الحقيقى والأمان.. فبكيت لوفاته، وبكيت أبى الذى استحضرت لحظات فراقه وافتقاد دفء حضنه، والذى كم تمنيت أن أرتمى داخله وأختبئ فيه مع كل أزمة تمر بى.. فالأب هو السند والحب غير المشروط، ورفاهية إلقاء الهموم والاعتماد والاتكال على ظهر قوى لا يشعرنا بثقلنا مهما كان.. وهو ما نقله بصدق وعمق هذا الفنان القدير، والذى شعرت بجهلى وتقصيرى، لأننى لا اعرف اسمه رغم تميزه وبراعته!.. ولشدة إعجابى وتأثرى بدوره، بحثت عن اسمه بين أبطال الحلقات -ضمن الأخبار والبوسترات الدعائية المنشورة للمسلسل-فلم أجده!!.. رغم دوره المحورى والمؤثر فى سياق الأحداث، ورغم وجود كثير من الممثلين الأقل دورًا وتأثيرًا!!.. ولأننى شاهدت دوره المميز فى مسلسل «ونحب تانى ليه» فى رمضان الماضى، فبحثت عنه بين أبطال العمل.. إنه الفنان الكبير/محسن صبرى، والذى تخرج من المعهد العالى للفنون المسرحية عام 1978، وعُين مخرجًا بالتليفزيون المصرى عام 1981 .. ومع عمله كمساعد مخرج مع العديد من المخرجين، اختاره البعض لتقديم بعض الأدوار كممثل، وكان حضوره مميزًا ومبشرًا.. ورغم اختفائه لسنوات طويلة، إلا أنه عاد أكثر نضجًا وإبداعًا.. ولكن يبقى السؤال كم من مبدعينا(شباب وشيوخ) يعانون التجاهل حتى الآن؟!وإلى متى يكون العمل والتحقق وفقًا للشللية ودون معايير منضبطة وحقيقية؟!