الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

خطة ترامب فى سباق الرئاسة المقبل- مختلفة

استطلاعاتُ الرأى خلال انتخابات الرئاسة الأمريكية فى 2016، بين هيلارى كلينتون وترامب، كانت نتائجُها تشير لفوز هيلارى، إنما فى النهاية فاز ترامب. 



جزءٌ من استراتيجية ترامب الانتخابية آنذاك، قامت على تحقيق الانتشار بين الجموع، والتأثير عليهم بتقديم حلول لمشاكلهم بلغة شعبية بسيطة برع فيها ترامب.

لذلك اعتمد ترامب على تحفيز  ناخبيه لحضور مؤتمراته الانتخاببة باستمرار، فكان حضورهم طاغيًا. 

وأخطأ المحللون الانتخابيون حينما اعتبروا أن نتائج استطلاعات الرأى هى المؤشر الأهم لقياس نتائج السباق الرئاسى،  وأغفلوا قياس الحشود التى تجمّعت فى مؤتمرات ترامب الجمهورى،  حتى فوجئوا بفوزه على مُنافِسَتِه الديمقراطية هيلارى.

فهل يستطيع ترامب أن ينهج نفس الأسلوب التعبوى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة فى نوفمبر 2020، وهو ينافس للفوز  بفترة رئاسة أمريكية ثانية !؟ 

تقديرى أنه لن يستطيع نهج هذا الأسلوب ً هذه المرّة؛ لأن الحزب الديمقراطى- الذى وقف، ولايزال يقف ضد مصر فى صف «الإخوان المسلمون» الإرهابية، منذ أيام الرئيس السابق أوباما- استطاع مؤخرًا تقليص شعبية ترامب، وذلك على خلفية الحقوق السياسية للأقلية ذات الأصول الإفريقية، مستغلا مقتل أحدهم على يد الشرطة الأمريكية.

فقد رأينا الحزب يكرر، صورة بالكربون من مظاهرات إسقاط النظام، التى كان قد خطط لها وهو فى السُّلطة، مع جماعة «الإخوان المسلمون» الإرهابية فى مصر إبّان ٢٥ يناير 2011، لكنه هذه المرّة نفذها فى أمريكا ذاتها، للمطالبة برحيل ترامب- رأس السُّلطة هناك.

كما استغل الحزب وقوى الإسلام السياسى كذلك، تدقيق إدارة ترامب فى هجرة المسلمين وغيرهم لأمريكا، فى تقليب واستثارة الرأى العام الأمريكى المسلم ضده.

الخلاصة؛ أن الإخوان ضالعون مرّة أخرى فى تحالف خطير مع الحزب الديمقراطى،  لكن هذه المرّة على الأرض الأمريكية ولإسقاط ترامب فى الانتخابات المقبلة !!! 

والطرفان يستخدمان آلة الإعلام الداعمة لهما، فى تأليب الرأى العام الأمريكى ضد ترامب بداعى الأسباب أعلاه، وبداعى ما روَّجوا له كذبًا، من ضعف فى الأداء الحكومى لإدارته فى مكافحة فيروس «كورونا». 

هذه الآلة الإعلامية تهاجم أيضًا ترامب فى تصرفاته وأسلوب كلامه، حتى إن أوباما الرئيس السابق الديمقراطى، كسر مؤخرًا القاعدة الأمريكية التى احترمها جميع الرؤساء الأمريكيين قبله، من عدم هجوم أى رئيس سابق على رئيس حالٍ، لكنه كسرها، ويقود حاليًا حملة هجوم ضارٍ على ترامب!!

باختصار؛ نجح «الديمقراطيون» فى أن يفقد ترامب جزءًا من حشود الشارع الأمريكى،  وبالتالى نجحوا  فى إضعاف قدرته على الحشد.. لذلك تقديرى أن ترامب سيركز جهده الانتخابى على محاور أخرى هذه المرة- إلى جانب الاستمرار فى محاولات الحشد الجماهيرى بطبيعة الحال- وذلك لتأمين فوزه بفترة رئاسة ثانية.

أراه سيعتمد أكثر على طرح نجاحات سياساته الخارجية والاقتصادية والصحية والتجارية، وسيحاول مضاعفتها فى الأيام والشهور المقبلة.

فعلى سبيل المثال، حقق ترامب إنجازًا كبيرًا باتفاق وقف إطلاق النار الأخير بليبيا- فقد ضغط مؤخرًا على تركيا التى كانت قد دحرت حفتر وقواته، وأعادته من طرابلس والواطية ومصراته غربًا، ليتقوقع هو وقواته على خط «سرت- الجفرة» شرقًا- لتقبل «تركيا» وقفًا لإطلاق النار مع حفتر فى ليبيا، فى رسالة للعالم، أن ترامب سيستكمل العمل ضد إرهاب الإسلام السياسى، وأنه مع حق مصر فى تأمين حدودها الغربية مع ليبيا ضد هذه الميليشيات، لكنه فى الوقت نفسه جعل منطقة «سرت- الجفرة» منزوعة السلاح، فى رسالة جلية للمجتمع الدولى أنه يحترم الشرعية التى أولاها هذا المجتمع لحكومة الوفاق، وبرسالة أوضح- أنه لا يرغب فى كسر أنف تركيا عضو الأطلنطى- وأنه يكافئها على الدور الناجح الذى لعبته بالوكالة عن أمريكا فى تحجيم النفوذ الروسى بليبيا. أى أنه يقول للناخب الأمريكى، أنه قادر على حماية المصالح الأمريكيه، وأنه  يستطيع توجيه دول الأطلنطى، وأن يقود العالم، ويحافظ على مصالح دول ترتبط بأمريكا استراتيجيّا كمصر، ويُبعد العالم عن مواجهات عسكرية خطيرة، لو حدثت لهزت وقلبت توازنات القوى بالمنطقة. 

رسالة ترامب أيضًا، أنه استطاع أن يفعل كل ذلك بشكل أفضل كثيرًا من سابقه أوباما الديمقراطى؛ لأنه لا يُعَرّض جنديّا أمريكيّا واحدًا للخطر، أو يكلف الخزانة الأمريكية أى تكاليف. 

ثم إنه يرسل رسالة أخرى لناخبيه ولروسيا والعالم، أن البحر الأبيض المتوسط سيبقى بحيرة للنفوذ العسكرى البحرى الأمريكى؛ حيث إن  مَن يملك القوة البحرية، يملك التأثير فى العلاقات الخارجية.

وفى مثال آخر، نجد الرئيس الأمريكى وقد حقق مؤخرًا إنجازًا دوليّا كبيرًا آخر برعايته لاتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل- ضربة مُعَلم - تجعل اللوبى اليهودى،  صاحب التأثير الأكبر فى الانتخابات الأمريكية، يقف لا محالة معه؛ لأنه أعطاهم فرصة العمر للتطبيع والتعاون مع اقتصاد الإمارات القوى،  وأدخل إسرائيل- مُعترفًا بها- إلى قلب الخليج العربى ومفتاحه الاقتصادى.

وأمثلة النجاحات الأخرى فى السياسة الخارجية والاقتصاد والتجارة والأمن والصحة، التى سوف يبرزها ترامب فى سباقه الانتخابى كثيرة.

لكنى أستأذن فى عرضها عليكم حضرات القراء المحترمين، فى مقال الأسبوع المقبل.