الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

صاحب المقام

نجح فيلم «صاحب المقام» فى إثارة الكثير من الجدل بين النقاد وفى منصات التواصل الاجتماعى، بعد أيام قليلة من عرضه الأول على منصة «شاهد»، فى موسم عيد الأضحى، وكانت التساؤلات الأكثر تداولا فى هذا الجدل، أولها هو «هل أخذ الكاتب إبراهيم عيسى الخيط الأساسى لسيناريو الفيلم الإسرائيلى «مكتوب» الذى تم إنتاجه عام 2017، «ليمصّره» ويخرج علينا بفيلمه «صاحب المقام»؟



كان التساؤل الثانى الأكثر تداول هو: ما الرسالة التى يريد إبراهيم عيسى توصيلها من خلال الفيلم؟ فهل يدعو حقًا للإيمان بالقدرات الخرافية لأصحاب المقامات والأضرحة، بعد أن حاربت السينما جهالة هذه الفكرة من خلال فيلم «قنديل أم هاشم» الذى أنتج عام 1968 عن رواية للكاتب الكبير يحى حقي؟ وتساءل الكثيرون على منصات التواصل هل يريد إبراهيم عيسى الترويج لخرافات التبرك بمقامات الأولياء عام 2020 لينفض عن نفسه الاتهام بمعاداة رجال الدين من خلال الترويج لبعض أفكار الصوفية؟

لنعرف هل اقتبس إبراهيم عيسى قصته عن فيلم «مكتوب» الإسرائيلى أم لا، نلخص أولا قصة الفيلمين ونترك الحكم للقارئ حيث تدور أحداث الفيلم الإسرائيلى حول نصابين ينجيان من حادث طائرة، فيحاولان بعد نجاتهما أن يتوبا ويقترح أحدهما على الآخر أن يذهبا للأماكن اليهودية المقدسة ويطلبان الغفران، وهناك يجدان رسائل يتوسل أصحابها إلى الله لتحقيق بعض أمنياتهما، فيحاولان تحقيق هذه الأمنيات تقربًا إلى الله، بينما يدور الخط الدرامى الرئيسى فى فيلم «صاحب المقام» حول رجل أعمال شاب،لا يهتم إلا بالثروات والأموال وغير مقتنع بكرامات أصحاب المقامات، ويهدم «مقام» لأحد الأولياء الذين يزورهم المريدون للتبرك بهم، أثناء إنشائه «كومابوند» ضمن مشروعاته العقارية، وبعد هدمه للمقام يتعرض لمشاكل كثيرة وتصاب زوجته بنزيف فى المخ، ويؤكد له المقربون، وتأتيه رسائل «روح» لتؤكد له أن ما يتعرض له هو لعنة وغضب صاحب المقام الذى هدمه، فيبدأ فى زيارة مقامات أولياء الله الصالحين، ويعثر فى مقام الإمام الشافعى على خطابات تركها المتبركون يطلبون فيها شفاعته، فيقرر أن يحقق أحلام أصحاب هذه الخطابات قربانا لشفاء زوجته.. صاحب الكرامات أو «سيدنا الولى» ربما يكون وهما ليس له أثر ولا وجود لرفاته داخل الضريح الذى يتبرك به المريدون، بدليل وجود عدد من الأضرحة للحسين مثلا فى مصر وسوريا والعراق وكل منهم يدعى بوجود الحسين رضى الله عنه فى ضريحه، ولذلك فالترويج للفكرة من خلال الفيلم، أمر استنكره الكثير من النقاد ومن شاهدوا الفيلم، لأنها تعود بنا للخلف لأكثر من نصف قرن، وربما حاول كاتبها إبراهيم عيسى استغلال حالة الهلع واللجوء إلى الله تضرعًا للنجاة من وباء كورونا، ليداعب المزاج الشعبى العام بفكرة ربما كان هذا هو التوقيت الأنسب لترويجها؟.

انتقد الكثيرون المبالغات الواضحة فى الرؤية الإخراجية، وقصر زوايا الكاميرا فى بعض المشاهد، فيما نالت الموسيقى التصويرية إعجاب الكثيرين،فيما عدا ارتفاع مستوى صوت الموسيقى فى بعض المشاهد التى كانت تحتاج إلى خلفية خافتة.. لاقى أداء آسر يس بطل الفيلم قبولا وإعجابًا واسعًا فيما تباينت الآراء حول دور وأداء يسرا التى جسدت شخصية «روح»،وقال الغالبية إن دورها مختلق وليس له أى فائدة فى البناء الدرامى للأحداث، سوى الفصل بين المشاهد، ونجح بيومى فؤاد فى نشر روح البهجة والأداء المتميز لشخصية التوأمين المختلفين فى الأفكار والمعتقدات، ولم تحصل أمينة خليل من خلال دورها بالفيلم على المساحة التى تستطيع من خلالها إثبات قدراتها العالية كممثلة.. وكان الظهور الأخير للفنان الراحل إبراهيم نصر من خلال دوره كضيف شرف فى هذا الفيلم، وكأنه أراد أن يضع بصمته الأخيرة بدور يعد نقطة فارقة فى تاريخه الفنى، ونجحت إيمان السيد فى خطف الأضواء من نجوم الفيلم بقدرتها العالية على انتزاع الضحكات، رغم ظهورها الخاطف فى الفيلم.