الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

من الحملة الفرنسية إلى شهور كورونا..تاريخ وحكايات: البنسيون

مكان، يمكن أن يجمع كل أطياف المجتمع، ويمكن أن تدور فيه نفس صراعاتهم، وتتجسد فيه أحلامهم وآراؤهم فى لحظة ما.



ربما لهذا اختار نجيب محفوظ أن يسمى روايته «ميرامار» على اسم بنسيون، فربما هو البطل الحقيقى، وربما هو الوطن، والخادمة «زهرة» هى المرأة المصرية بعد ثورة يوليو، وربما المديرة اليونانية هى رمز أيضا كما يقول نقاد أدبيون.

هو أيضا الأمان والراحة للغرباء، وربما لهذا اهتم الرحالة منذ الحملة الفرنسية بالكتابة عن البنسيونات التى أقاموا بها، وتصويرها ووصفها، وقدموا نصائحهم للقادمين الجدد للإسكندرية والقاهرة وحلوان.

ازدهرت البنسيونات، ثم خفت ضوؤها، ثم عادت للظهور، وكأنها تحكى التاريخ السياسى والاجتماعى الحديث لمصر، فضلا عن التاريخ المعمارى..

وفى رحلة البنسيونات المصرية، تحكى الوثائق عن بنسيونات اندثرت، رغم أن ما كتب عنها وصورها ترد إليها الروح مع كل عودة للقراءة، ويحكى الأدباء والرحالة والجغرافيون عن مقامهم فى أشهر البنسيونات التى مازالت شاهدة تلك المحطة التى رسو فيها طويلا، خلال رحلة حياتهم.

 

 مع قدوم رياح كورونا واختفاء السائحين من وسط القاهرة، بدت بنسيونات وسط البلد الشهيرة، فى حالة ترقب، تستقبل أعدادا قليلة من نزلاء جدد، وتنتظر عودة الحياة..

بنسيون منيرفا

يشغل البنسيون الطابق السادس بالعمارة رقم 29 بشارع طلعت حرب بوسط القاهرة، يقابلنا مدير البنسيون ريمون عماد الذى تنقل فى العمل بأكثر من بنسيون بوسط القاهرة، مؤكدا أن وسط البلد به ما يقرب من 170 «بنسيون»، معظمها يتسع لنحو 8 غرف، ويحتل الواحد منها طابقا أو طابقين بالعمارة. يشرح ريمون الوضع قبل كورونا: «نزلاؤنا  كانوا من الطلبة الأجانب والسائحين من ألمانيا وروسيا والصين واليابان، يأتون للسكن لفترات تمتد من أسبوع لأسبوعين، ويتم الحجز عن طريق موقع إلكترونى خاص بالبنسيونات والفنادق فى مصر، يشترك فيه كل أصحاب البنسيونات».

إيجار الغرفة فى بنسيون منيرفا 450 جنيهاً يوميا للشخص، و550 لو سكنها شخصان، مع وجبة الإفطار التقليدية المصرية«فول، بيض، جبن، مربى»، وفى بعض الأيام تستبدل البطاطس المقلية والطعمية بالفول». 

بكل غرفة سريران وتليفزيون وطرابيزة، وتكييف وثلاجة، وملحق بها حمام به الشامبو والشاور والصابون.

يرى ريمون أن ما يميز بنسيون منيرفا، هو الخدمات الإضافية التى يقدمها للنزلاء، «نساعد السائحين على الذهاب إلى الأماكن السياحية، وشراء ما يلزمهم، وعموما يقصدنا من يريد أن ينفق أغلب ميزانية الرحلة على الفسح وزيارة المزيد من الأماكن، بدلا من إنفاق أغلب ميزانية الرحلة على فندق 5 نجوم».

لكن الحال تغير بعد أزمة كورونا، كما يصف ريمون: لم يعد هناك نزلاء، فاضطررنا لتخفيض أسعار الغرف إلى 200 جنيه، وأصبح أغلب نزلائنا من القادمين من المحافظات لقضاء مصالح بالعاصمة، وليوم أو يومين غالبا، ولا نقدم وجبة الإفطار التزاما بالإجراءات الاحترازية. بنسيون روما

يحتل «روما» الطابقين الرابع والخامس من إحدى عمارات شارع عماد الدين، وهى العمارة التى تمتلكها شركة جاتنيو، وبها فرع لشركة الصالون الأخضر.

يستقبل طه عباس، مدير البنسيون، الزائرين فى الاستقبال أو الاستعلامات بالطابق الرابع، ويصف البنسيون بأنه يتكون من 40 غرفة، ومؤثث بأثاث كلاسيكى يعود إلى الستينيات، «لكن صاحبة البنسيون الإنجليزية مدام كريساتى، التى تعيش فى مصر منذ أكثر من 50 عاما، تجدد وترمم الأثاث أولا بأول، لتحافظ على الطابع التراثى للبنسيون».

سعر الغرفة بروما فى اليوم يبدأ من 250 جنيها، وحتى 315 للشخص، وللشخصين من 415 إلى 550، بحسب وجود حمام ملحق بالغرفة، أو استخدام الحمام المشترك.  

ولا يوجد بالغرف تكييف ولا تليفزيون ولا ثلاجة، لكن يوجد غرفتا صالون وسفرة يشترك فيها كل نزلاء البنسيون، وثلاجة بالمطبخ، وليس بالحمام سوى الصابون وورق التويلت.

ويقول طه إنه مع كورونا، أغلقت الكثير من بنسيونات وسط البلد، أبوابها، بعد توقف توافد أى من السائحين، الذين كانت تمتلئ بهم غرف البنسيونات طوال العام، خاصة خلال السنوات الأخيرة، التى بدأت فيها السياحة تستعيد عافيتها.

البنسيون.. امرأة

«الكثير من بنسيونات القاهرة والإسكندرية كانت  شاهدا على كفاح العديد من المشاهير وحياتهم وأسرارهم، الذين قضوا فيها أسابيع وأحيانا شهورا، فى رحلة بحثهم عن المجد والشهرة، يساعدهم فى ذلك الأسعار الرخيصة وتوفير بعض الوجبات، وارتبطت عمارة البنسيونات بملاك أجانب حتى الربع الأول من القرن العشرين».

عن تاريخ البنسيونات يحكى صاحب رسالة الدكتوراه المعنونة «التأثيرات الأوروبية فى عمارة فنادق القاهرة والإسكندرية فى عهد أسرة محمد على من 1805 -1952 « د. محمد حمودة عبد العظيم، مدرس الآثار الإسلامية بآداب المنيا.

 يكمل د. محمد حمودة: بعد الربع الأول من القرن العشرين، تملّك العديد من المصريين بعض البنسيونات، وكانت أغلب البنسيونات تديرها أو تمتلكها أو تستأجرها سيدات من مختلف الجنسيات.

 كان بعض هؤلاء السيدات يدرن البنسيون نيابة عن أزواجهن، أو بعد أن يؤول إليهن البنسيون بالميراث عن أزواجهن، لذلك ارتبطت أسماء معظم هذه البنسيونات بأسماء هؤلاء السيدات.

 وكما يقول د. حمودة فى رسالته أن أقدم ما وصلنا عن مشاركة النساء فى إدارة البنسيونات يرجع لعام 1818 حيث لوكاندة السيدة روزينا فانوتشى فى الإسكندرية «signora rosina vannucci»   بمنزل «Vasilaki» الإيطالية، وفى القاهرة منذ ما قبل عام 1843م حيث نزل مدام فازيلاكى عثمان أفندى بالحى الأوروبى بالقاهرة، وبلغ عدد النساء اللاتى تملكن فنادق وبنسيونات فى القاهرة والإسكندرية، أكثر من 250  سيدة.من إجمالى 349 بنسيونًا فى القاهرة والإسكندرية.

البنسيون فى المعجم

يؤصل الدكتورمحمد حمودة، فى دراسته لمعنى كلمة بنسيون «pension»  بأنها كلمة قديمة مشتقة من اللاتينية «pensio   « بمعنى إيجار منزل، أو معاش يحصل عليه الموظف عند تقاعده، وأيضا بمعنى المقايضة، واستخدمت الكلمة فى العديد من اللغات الأوروبية بنفس المعني، ففى فرنسا تستخدم كلمة بنسيون للدلالة على مدرسة داخلية أو منزل بالإيجار.

 «أرنو» أول بنسيون فى مصر

اعتمد  الدكتور حمودة على  كتب الرحالة الأجانب ومشاهداتهم أثناء زيارتهم لمصر، كأحد مصادر معلوماته عن أوائل البنسيونات التى أقيمت فى مصر، ويؤكد فى رسالته على أن مصطلح «بنسيون» لم يطلق على مكان إقامة غرباء ونزلاء أجانب قبل بنسيون«أرنو»الفرنسى الذى عاش فى الإسكندرية قبل الحملة الفرنسية.

ويعود د. حمودة إلى مذكرات « دوجيرو» أحد ضباط الحملة الفرنسية على مصر، ورئيس أركان المدفعية فى جيش الشرق الفرنسي، التى ذكر فيها أنه نزل فى بنسيون التاجر الفرنسى «أرنو» بالإسكندرية وأنه يعتبر أقدم بنسيون عرف فى مصر. 

فيقول فى مذكراته:«وصلنا الإسكندرية فى 28 أكتوبر عام 1798م وحصلت أنا وصديقى فولر «Fouler» على غرفة فى منزل أرملة القنصل الهولندي، وذهبنا إلى بنسيون المواطن أرنو «Arnaud» وهو تاجر فرنسى يعيش منذ فترة طويلة فى الإسكندرية، الذى قدم لنا هذا العرض بعد أن عرف بوصولنا، وكان الجنرال دو مارتين «le général Dommartin» ينزل فى إحدى غرفه، وقد أنقذنا هذا الرجل من الملل، ففى المساء كانت زوجته تعقد اجتماعات لطيفة للغاية، رغم أنها  ولدت فى حلب إلا أنها ذات سلوك أوروبى وكانت ودودة للغاية».

ويفهم  من إشارة دوجيرو إلى بنسيون التاجر الفرنسى أرنو المقيم فى الإسكندرية،  وجود البنسيونات فى الإسكندرية قبيل عصر الحملة الفرنسية على يد التجار الفرنسيين المقيمين فى مصر كما يوضح د. .حمودة.

بنسيونات مصر أغلى من أوروبا

وكتب الرحالة الأجانب الذين زاروا مصر عن أسعار البنسيونات التى أقاموا فيها ووصفوها، فمثلا فى عام 1867م يشير «ويلكنسون» إلى أن سعر البنسيون مع النبيذ والخدم والسكن 8 قروش لليوم الواحد، وعام 1885م يشير «باديكير» إلى أنه كان يمكن الحصول فى البنسيونات على الطعام والسكن والإقامة بـ 250 – 500 فرنك شهريا حسب حجم وموضع الغرف والحصول على النبيذ كما فى بنسيون فينك.

ويشير الرحالة  د/ ساندويث عام 1889م إلى أن سعر الإقامة فى البنسيون فى الإسكندرية 6 فرنك يوميا و 150 شهريا مقابل غرفة النوم والحمام مع مترجمين لجميع اللغات.

وتوقف الرحالة  «رينولدز بال» عام 1891 – 1892م  عند أن البنسيون بالقاهرة، يختلف عن الفنادق الكبرى فى أنه أقل تكلفة، لإعطاء فرصة للزوار للبقاء لأسبوع أو لفترة أطول ومعظمهم بالقرب من ساحة الأزبكية. 

كما أشار «مانفريدو كاجني» فى عام 1896م إلى أن القاهرة تضم عددا من الفنادق والبنسيونات «alberghi e le pensioni» ،تغرى الغريب أن يذهب مباشرة إلى عاصمة مصر، بالإضافة إلى المناخ الثابت والهواء الصحى والإقامة الممتعة. 

ويصف « جيروم هارت» فى عام 1901 م البنسيون «pension»:  بقوله: هو كبير مع المبانى الأنيقة والممرات الواسعة وغرف للتدخين مفروشة فاخرة وغرف للكتابة والقراءة والشاى وقاعات للبلياردو، مفروش بالسجاد الفارسى الرائع ونوافذ المشربية الخشبية المنحوتة، وحتى الطوابق وغرف النوم والسلالم مغطاة بالسجاد الفارسي، والنوادل شرقيون والطهاة أوروبيون والمطبخ فرنسى والخادمات أيضا أوروبيات والخدمة فى هذه البنسيونات ممتازة. 

وفى عام 1910م يشيرالرحالة «دوجلاس سلادين» إلى كيفية معيشة الأجانب فى مصر، فيقول إن بعضهم يعيش فى منازل أو شقق أو الفنادق، وفئة أخرى يعيشون فى البنسيونات وهم الموظفون أو البائعون أو التجار، ورغم أن عدد البنسيونات يتزايد فى مصر الآن، فالخديوى الذى لديه الكثير من الأراضى فى القاهرة، يمكن أن يطرح المبانى المناسبة للبنسيونات «pensions» ويسمح لأصحاب البنسيونات بأخذ سعر معتدل، ويتعهدون برسوم خمسة شلن يوميا للإقامة، خمسة شلن مصرية تأتى حوالى سبعة فرنك، والبنسيونات مريحة مثل تلك الموجودة فى فلورنسا «Florence» بإيطاليا بخمسة شلن يوميا، البنسيون المصرى يكلف سبعة او ثمانية شلن يوميا.»

 وفى عام 1905م يشير «دنينج» أن بالقاهرة العديد من البنسيونات التى تديرها السيدات الألمانيات والفرنسيات حيث يمكن الحصول على إقامة مريحة بأسعار معتدلة.

وأثناء الحرب العالمية الأولى  يشير «سيدنى موسيلي» فى يناير 1917م  إلى قانون المؤسسات العامة الجديد بالقاهرة، والذى يضم فى الفئة الثانية الفنادق والبنسيونات، وأنه يمكن للشرطة والمفتشين المعنيين من قبل وزارة الصحة دخول المؤسسات العامة، بما فيها البنسيونات للاطلاع على سجل به الأسماء بالكامل، الجنسية، ومكان الإقامة الأصلى أو الميلاد لكل المقيمين، حيث يجب ملء هذه التفاصيل فور الوصول، وتاريخ المغادرة…

 أقدم البنسيونات

وكما يوضح حمودة ازدهرت البنسيونات فى مصر، ما بين عام 1918إلى 1952، بسبب وجود الجاليات الأجنبية، وضعف السياحة كنتاج للحرب العالمية الأولى، والتى أدت إلى ضعف حركة السياحة، ما قلل الإقبال على بناء الفنادق وارتفاع تكلفة بنائها، بخلاف البنسيونات الأرخص سعرا، ليصل عدد البنسيونات إلى 560 «بنسيون»، منها 378 فى القاهرة و182 فى الإسكندرية.

لكنها انحسرت بعد ثورة 1952، نتيجة لسفر الجاليات الأجنبية من مصر، وتأميم معظم البنسيونات ولايزال بعضها يعمل إلى الآن، مثل بنسيون «أنجلوسويس» بشارع محمود بسيونى، بنسيون روما بشارع عماد الدين، بنسيون منيرفا بشارع متفرع من طلعت حرب، بنسيون اكستادى بشارع 26 يوليو والذى بنى 1905، بنسيون جريشام بشارع طلعت حرب والذى بنى عام1909، وهو من أروع المبانى التى شيدها المعمارى اليونانى» ديمترى فابريسيوس، وأغلب نزلاء هذه البنسيونات الآن من المغتربين من الأقاليم، وبعض التجار وصغار الفنانين والممثلين والموظفين المترددين على القاهرة.

ومن البنسيونات التى شيدت كمبنى مستقل وليس طابقا أو طابقين فى مبنى، بنسيون «كنجز» بشارع نجيب الريحاني قنطرة الدكةعام 1874 ، ثم بنسيون فيننواز الذى شيد عام 1894 ، ثم  «بنسيون هلتزل»المبنى عام 1897 والموجود بحلوان ولم يعد يعمل كبنسيون وتحول الآن إلى محلات وشقق سكنية.

 بنسيونات أسرة محمد على باشا

يؤكد د. حمودة فى رسالته، أن عدد البنسيونات فى عهد محمد على باشا وخلفائه، لم يزد عن عشرة بنسيونات، لكن وصلت لأوج ازدهارها وانتشارها فى عهد الخديوى عباس حلمى الثاني، حيث وصلت (145) بنسيونًا فى القاهرة والإسكندرية. وفى عهد السلطنة والمملكة انتشرت البنسيونات حتى وصلت إلى (349) «بنسيون» فى القاهرة والإسكندرية.

ووصل عدد البنسيونات فى حلوان لـ (31) «بنسيون»، وفى هليوبوليس (20) «بنسيون»، والبنسيونات فى الرملة (15) «بنسيون»، وبلغ إجمالى البنسيونات فى القاهرة والإسكندرية منذ عهد عباس حلمى الثانى حتى نهاية عصر الملك فاروق فقط ما يقرب من (560) «بنسيون».

 «بليفيو» أول بنسيون على النيل

يعتبر بنسيون بليفيو «Pension Bellevue» بالقاهرة، أهم وأقدم وأكبر البنسيونات المستقلة التى ضمتها القاهرة، وشيد كمبنى قائم بذاته ليؤدى وظيفة البنسيون فى جزيرة المنيل، أى الإقامة الطويلة بأجر مخفض وكلما طالت مدة الإقامة كلما خفض الأجر، ويرجع بناؤه لما قبل عام 1857م .

ويتميز بأنه أول بنسيون يقام على النيل مباشرة، قبل فندق سميراميس الذى بنى عام 1907م.

ووصفه فى كتاباته الرحالة «مورتز بوتش» الذى زار مصر عام 1857م ، وذكر أن بنسيون بليفيو «Pension Bellevue» «للمسافر الذى يهتم بالصحة ويريد أن يتوقف لفترة أطول، بالقرب من القاهرة القديمة فى جزيرة الروضة، ونحن نوصى ببنسيون بلفيو حيث السكن والطعام جيد جدا ويكلف 5 «شلن» فى اليوم».

 وكتب عنه الدكتور رايل فى 1857 – 1858م فقال»هو مؤسسة ليست فندقا بل نزل وبنسيون للأجانب، «pension des Etrangers nennt»  وعلى نحو متزايد فى الشتاء تأتى الإقامة به أكثر وأكثر فى فصول الشتاء الأخيرة، ويختار خصوصا للمرضى، ولأننى عشت هناك خمسة أشهر، أوصى به للمرضي».

ظل بنسيون «بليفو» موجودا حتى عام 1861م ، لكن لم يعد له وجود  الآن، لكن د. رايل وصف شكله عام 1857، وقال إنه  يتكون من 7  أجنحة بين بارزة وغائرة، مقسمة إلى ثلاثة بيوت فى الخلف، وأربعة بيوت فى الأمام، ويملكها الباشا «gehört einem Pascha» .

ويصف أثاث البنسيون بأنه على الطراز العربي، لكن النوافذ والتجهيزات والذوق العام على الطراز الأوروبي، ويتكون من صالون «Salon» يقع بين 3 غرف، يمكن غلق أبوابها واستخدامها غرف معيشة أوغرف نوم فى حين أن الصالون شائع أو مشترك، وتقع الغرف فى الطابق الأرضى والأول فقط .

 يرتفع البنسيون إلى النيل، والواجهة الأخرى تطل على جزيرة الروضة وأهرامات الجيزة، وللصالونات شرفة مفتوحة والغرف أو الأجنحة الأمامية تطل على شارع مزدحم جدا، وتوجد غرفة طعام فى الدور الأرضي، وأفنية صغيرة مفتوحة بين الأجزاء المختلفة من المنزل لدخول الهواء والشمس، وسقفه مسطح.

 عبر الطريق إلى البنسيون هناك حديقة برتقالية جميلة، يستخدمها الضيوف، وهناك جناح مع حجرة للقراءة قيد الإنشاء، والخدمة أو التشغيل بالعربية، والمطبخ الإيطالى جيد جدا، وصاحبا البنسيون إيطاليان وهما الأخوان اميلون ورونشى «Imbelone und Ronchi» اللذين يولون اهتماما كبيرا لجميع رغبات  المقيمين، ويسعيان لضمان تحسين مرافقه وضمان رضا ضيوفهما، وكما هو الحال فى جميع القصور العربية يوجد حمام رخامى تركى. وسعر البنسيون 6 شلن فى اليوم للشخص الواحد.

 بنسيون ‏ روسمور هاوس «شركة الاتحاد الأدرياتكى»

 يتوقف د. حمودة فى رسالته للدكتوراه عند  بنسيون ‏روسمور هاوس الذى بنى عام 1901م «Rossmore House»: لصاحبته مدام فريزل « Misses Frizell « ويقع فى عمارة كورونيل «imm. Coronel»، فى 15 شارع شريف، من شارع قصر النيل بالقاهرة. ويتكون البنسيون من أربعة طوابق، وله واجهتان إحداهما تطل على شارع شريف والثانية على شارع عدلى. 

وظل البنسيون يعمل حتى 1916 ، مقابل من 8-10 شلنات يوميا للفرد، وكان به  24 غرفة وحمام بارد، وطاولات صغيرة للطعام، الضوء بالكهرباء، وفى عام 1914م تملكته مدام جرينوول وشيكلmisses greenwell & chicell».

وجدد مبنى البنسيون ليكون مقرا لشركة التأمين الإيطالية ، على يد المعمارى الإيطالى فلورستانو دى فوستو «architetto Florestano di Florio» فى الثلاثينيات، ليعكس الطراز الكلاسيكى الحديث وهو طراز وجد فى النصف الأول من القرن العشرين، حيث الفتحات المحاطة بإطارات حجرية بارزة، والبلكونات ذات الأسوار الحديدية.

وأضيف طابق خامس للمبنى، مع كورنيش كبير يتوج المبنى، وإضافة شعار القديس مارك واسم شركة الاتحاد الأدرياتكى «التأمين الإيطالية» بالعربية والإيطالية بأعلى الواجهة، ومازال المبنى موجودا.

فندق هلتزل «HÖTEL HELTZEL» 

 يصف الرحالة كارل باديكير فيما كتبه عام 1897م، ‏فندق هلتزل «HÖTEL HELTZEL»:  أنه بيت ألمانى مفروش جيدا ويتردد عليه الألمان كثيرا، ونوصى بفندق وبنسيون هلتزل ، فندق وبنسيون حديث ألمانى للعائلات بحلوان، والترتيبات الصحية فيه إنجليزية مثالية، والأسعار معتدلة، قريب من الحمامات والسكك الحديدية، تحت إشراف مباشر من المالك هلتزل «Mr. Heltzel مجهز تجهيزا جيدا‏، وأسعاره تبدأ من 8 «شلن» يوميا. 

بينما كتب عنه لامبلوج فى 1907م أن هاتف البنسيون رقم « Telephone No. 41 Helouan»، يفتح طوال السنة، مكون من 60 سريرا، سعر الغرفة للفرد 20  قرشا يوميا، والغرفة المزدوجة: 40 قرشا يوميا .» مقابل لمكتب البريد، مجهز ويفتح على مدار السنة عائلي، دافئ، وحمامات الشمس فى الحديقة مجانا .

وهلتزل هو أحد الأجانب الذين صنعوا الحمامات بحلوان، وشارك فى الأعمال المتعلقة بالفندقة وعهد إليه خديوى مصرعباس حلمى، بإدارة الفندق الكبير «فندق الحمامات» الذى شيده بجوار عيون المياه الكبريتية وحرص هلتزل على تسجيل اسمه  «هلتزل» على واجهته الغربية الرئيسية ، بين الشباكين بالطابق الثاني، وكان عضوا بالقومسيون المكلف بإصلاح مدينة حلوان سنة 1891م. 

والبنسيون، الذى لا يزال مبناه باقيا إلى الآن، ويطل بواجهته الشمالية على شارع محمد سيد أحمد والغربية على شارع نوبار باشا «أحمد أنسى حاليا». 

فندق وبنسيون فيننواز «Hotel -Pension Viennoise»

بحسب الوثائق التى عاد لها د. حمودة فى رسالته للدكتوراه، وثيقة تعود لعام 1929م كتبها أحد السائحين، مكتوب فيها عن بنسيون فيننواز الكائن فى  «Pension Viennoise»: 14 شارع الانتيكخانة،  ومكون من 16 غرفة، وأسعاره تبدأ من 50 «شلن» يوميا وهوملك لسيلفيو كروباز او كروباث  Silvio Krobath».

  وفى 1949م أصبح «عيسى» المالك الجديد للبنسيون وظل صاحبه حتى 1952 ، ووصل عدد الغرف به إلى  35 غرفة،  والبنسيون فى موقع ممتاز وسط القاهرة، وجميع وسائل الراحة متوفرة به، مياه جارية ساخنة وباردة داخل جميع الغرف، مأكولات فخمة، مشروبات فاخرة من الأنواع العالمية، خدمة ممتازة، أسعار معتدلة. 

ويعود تاريخ بناء فيننواز إلى الفترة من 1903 – 1905م ، وشيد المبنى على طراز عصر النهضة، مع ملامح من طرازالباروك كما يؤكد دكتور محمد حمودة، والمبنى الآن ملك شركة الإسماعيلية التى أعادت تجديده وترميمه ، لكن اختفى الكثير من معالمه ومنها الكتابات التى كانت تحمل اسم البنسيون.  

قبل عام 1898م لم تكن توجد أى مبانٍ فى موقع «مبنى بنسيون فيننواز» الذى يقع فى تقاطع شارع الانتيكخانة أو محمود بسيونى الحالى مع شارع وابور المياه أو شمبليون حاليا، والذى كان يضم فى هذه الفترة اثنين من البنسيونات الأول بنسيون لانكوستر هاوس « Lancuster House» ملك السيدة جولدا كير ويرجع الى ما قبل عام 1907، والثانى بنسيون جوفريت « Jauffret» ويرجع بناؤه إلى ما قبل عام1912، ويقع فى 20 شارع وابور المياه وهو ملك أرملة لوستينبرج .

بنسيون فيلا وندا  « Villa Wanda»

يقع البنسيون  فى 5 شارع منصور باشا بحلوان وبنى عام،1901  وعرف بفيلا وندا «Villa Wanda»   أو واندا الروسية « Wanda, Russian»، لصاحبتها مدام وندا بيلينسكا، وكان يرتاده الروس بكثرة ويتكون من 42 غرفة، جيد وأسعاره تبدأمن 8 «شلن» يوميا، وظل البنسيون موجودا حتى عام 1941م. 

وكان البنسيون يتكون من طابقين ويحيط به حديقة بسور، ويتميز بطرازه المعمارى الفرعونى ويتميز بكونه ليس فقط يضم جناحًا او جناحين او غرفة على الطراز الفرعوني.كما يظهر فى صوره. 

بنسيون جريشام هاوس «Pension Gresham House»

يقع بنسيون جريشام هاوس فى  20 شارع سليمان باشا استخدم كفندق قبل عام 1928م، وكانت مالكته أرملة بيرين Mme. V. A Perrin»»، ثم أصبح ملكا للسيدة كلايتون منذ عام 1946م وحتى عام 1952م ، ويتكون من 34 غرفة، ومازال يعمل حتى الآن بنفس مسماه القديم، ولكن ليس بنفس عدد الغرف بل يشغل البنسيون طابقا واحدا فقط من المبني.. وبنى عام 1909م لشركة جريشام للتأمين على الحياة، على يد المعمارى الإنجليزى جون دايمانت، وهو من رعايا بريطانيا العظمى، وكان المبنى يمثل مبنى مهما لجمعية جريشام للتأمين على الحياة المحدودة «Gresham Life Assurance Society, Limited» . والمبنى  مكون من ستة طوابق، على مساحة حوالى 1270مترا مربعا بنى على طراز عمارة عصر النهضة الإنجليزية مع ملامح طراز من النهضة الإيطالية والفرنسية.

مهندس الفنادق

بنى عام 1929م وتحول لبنسيون كبير فى نفس العام حيث كان يشتمل على 100 غرفة وهو مجاور لفندق ليدو هاوس،  بناه المهندس المعمارى الإيطالى جياكومو اليساندرو لوريا « على الطراز الفينيسى أو طراز البندقية من عصرى القوطى والنهضة..  والمعمارى لوريا «1878 - 1937م» هو مهندس فندقى سيسل وفندق ليدو هاوس وبنسيون سرياكوس بميدان إسماعيل الأول بالإسكندرية، ومن أغزر المعماريين الإيطاليين إنتاجا، وخاصة بمدينة الإسكندرية، تميز أسلوبه بخلط الطراز القوطى والفينيسى القديم المقتبس من قصر دوكالى بفينسيا مع طراز عصر النهضة الحديث.