الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لوكاندة فؤاد«ميرامار» و«زهرة» رمز المرأة المصرية

 هو المكان الذى ألهم نجيب محفوظ كتابة روايته«ميرامار» التى تدور أحداثها داخل أحد البنسيونات فى الإسكندرية، ومازال موجودا حتى الآن، بجوار مقهى «أتينيوس» التى جلس عليها الأديب الكبير متأملا العمارة الضخمة، وعندما علم أن بها «بنسيون»، تعرف على صاحبته اليونانية «كلارا»، ليقرر أن يكتب رواية «ميرامار» تدور أحداثها داخل البنسيون، ثم تتحول الرواية إلى فيلم سينمائي، تصور بعض أحداثه داخل البنسيون أيضا فى أواخر الستينيات.



مازالت العمارة الإيطالية الطراز الضخمة الشاهقة فى منطقة محطة الرمل بالإسكندرية على حالها، منذ بنيت فى 1928 على يد المعمارى الإيطالى «لوريا»، الذى بنى العديد من المبانى الضخمة المميزة فى الإسكندرية.

ومازال بنسيون فؤاد أو «لوكاندة فؤاد» التى صورت فيها شادية معظم مشاهد الفيلم، موجودة، وتديرها جيهان كمال، التى دائما ما تحكى أن البنسيون كان ملكا للسيدة اليونانية كلارا، وأن عائلتها اشترت البنسيون عام 56، وتولوا الإدارة من بعدها، وبعد وفاة والدها ووالدتها تولت هى وأشقاؤها إدارته. ومازال البنسيون يحتفظ بطابعه الكلاسيكى وبأثاثه التراثي، خاصة الغرف المطلة على البحر مباشرة.

وقد يكون موقع البنسيون وطابعه وما لمسه نجيب محفوظ فيه، هو ما جعله المكان الأنسب، ليرمز فيه نجيب لكفاح المرأة المصرية بعد ثورة 1952. فقد سألته أستاذة الأدب العربى الحديث فى جامعة جنيف بسويسرا، فوزية العشماوى، عام 1983 أثناء إعدادها رسالة الدكتوراه عن «المرأة فى روايات نجيب محفوظ» :هل هناك شخصية نسائية فى إنتاجك الأدبى تصور المرأة كما ترونها؟ فأجاب: «نعم، شخصية زهرة، بطلة رواية ميرامار».

اكتشفت العشماوى الرمز فى شخصية «زهرة» كما تقول، بعد أن درستها وحللتها، واعتبرت أن زهرة هى أفضل رمز للمرأة المصرية بعد ثورة 1952، فهى المرأة التى اعتمدت على نفسها وسلكت طريقها فى المجتمع وهى متسلحة بالعلم وبالثقة بالنفس وبالأخلاق وبالشجاعة والمثابرة وقوة الشخصية، فهى تجسد الفلاحة التى تنزح من القرية إلى المدينة  الكبيرة الإسكندرية فى بداية الستينيات، لأنها رفضت الخضوع للتقاليد البالية، والزواج من رجل مسن وثرى أراد أهلها أن يزوجوها له رغم إرادتها (ويرمز هنا إلى الاستعمار الإنجليزى العجوز الذى طردته مصر ورفضت الخضوع له).

وتلجأ الفلاحة إلى صديقة قديمة لوالدها من الإسكندرية، وهى سيدة يونانية تدير بنسيون ميرامار حيث تجد زهرة فى بنسيون ميرامار عملا  شريفا كخادمة ومأوى وحماية.  وتصمد الفلاحة وترفض الانقياد لمحاولات النزلاء جرها إلى التخلى عن أخلاقها، لكنها تفشل  فى الحب والزواج بمن تحب، هذا الفشل (هزيمة يونيو 67) ، لكنها تستمر فى مواصلة تعلم القراءة والكتابة، لمستقبل أفضل.