الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

المطاعم فى أمريكا.. تعيش أنت!!

«ربما مَللنا نحن من الكورونا، إلّا أن ما لا شك فيه الكورونا لم يمل بعد من انتشاره وتفشيه بيننا».. هذا التعليق الصادق والصادم يعكس الحالة التى تعيشها أمريكا سَمعته من أحد خبراء الأوبئة، والعودة إلى المدارس تحوّلت إلى جدل محتدم يجب حسمه بالعقل والمنطق، فابتكار حلول لضمان سلامة التلاميذ أمرٌ حتمى وإلا.. ستتوالى الكوارث!!



حكاوى المطاعم.. التى كانت!!

كل يوم نسمع أو نقرأ حكاية عن مطعم صار فى خبر كان. مطاعم كان لها تاريخ طويل امتد لعقود ولأجيال تعاقبت فى إدارتها وقد اشتهرت بأكلاتها المميزة ومشروباتها الخاصة وزبائنها المشهورين. نعم جاء الكورونا بتبعاته ليكتب نهاية الكثير منهم؛ خصوصًا فى المدن الأمريكية الكبرى وعلى رأسها نيويورك. هناك شبه إجماع على أن الأكل داخل جدران المطاعم (خصوصًا الصغيرة منها) أصبح أمرًا محفوفًا بالمخاطر.. من له مساحة لموائد خارج جدران مطعمه فرصته أكبر فى جذب الزبائن. ما بين 75 و80 فى المائة من المطاعم فى أمريكا قد لا تفتح أبوابها على الإطلاق. هكذا تحذر الجهات المهتمة والمهمومة بشئون المطاعم. وهنا أتحدث عن قطاع كان يوفر العمل والدخل لنحو 16 مليونًا من الأمريكيين. وكان قطاعًا مُهمّا وحيويّا فى منظومة المجتمع الأمريكى تدير وتُدر أموالًا تقدر بنحو 900 مليار دولار سنويّا. كل هذا اضطرب واختل وتوقف.. وصار مجرد ذكرى، ولا شك أن بعض أصحاب المطاعم يحاولون ابتكار أساليب جديدةـ لاستخدام مطاعمهم بقدر المستطاع من أجل تجاوُز الأزمة الراهنة ـ التى بلا شك ستمتد لفترة أطول مادامت مخاوف الناس من الوباء قائمة ولها ما يبررها.

وبما أن توارُد أخبار نهاية الكثير من المطاعم صار أمرًا معتادًا؛ فقد خصصت صحيفة «نيويورك تايمز» مؤخرًا مُلحقها الأسبوعى الخاص بالأكل للحديث عن ذكريات الأكلات المميزة فى مطاعم بعينها. وكما نبهت الصحيفة؛ فإن المطاعم أكثر من مجرد أكلة.. فعندما أغلقت المطاعم أبوابها فى الربيع لم نفقد فقط أماكن اعتادت أن تقدم لنا أكلات؛ لقد فقدنا أيضًا أماكن لقاء للتجربة الإنسانية؛ لأننا معها عشنا تجارُب حياتية نعتز بها ونتذكرها.. وأحيانًا عُدنا إلى تلك المطاعم ليس فقط لنستمتع من جديد بقائمة طعامها وأجوائها الحميمة؛ بل لنعيش من جديد مذاق المكان وذاكرة الطعم وحميمية اللحظة التى تقاسمنا فيها اللقمة مع الآخرين.. لذلك ظلت تلك اللحظة حاضرة فى البال.

حديث المطاعم لم يتوقف فى الأسابيع الماضية ولن يتوقف فى الشهور المقبلة؛ خصوصًا  أن الكتّاب بأقلامهم ـ أو كيبورداتهم والفنانين بفرشاتهم وألوانهم يحاولون أن يستعيدوا عَبَق المطاعم وسحرها وأثرها فى حياتهم وفى حياة أحبابهم.. وكم من مطاعم شهدت وعاشت قصص حب ووفاء وتواصُل إنسانى.. وحميمية أسرة وونس أصدقاء وصديقات.. واللقمة مع كل هذا ـ بالهنا والشفا.. كانت بالطبع لذيذة وطعمة. التاريخ الأمريكى مع المطاعم ومذاقها وعَبَقها ورائحتها وذاكرتها يجب أن يتم تسجيله وإنقاذه وكتابته وإعادة كتابته هذه الأيام .. قبل أن يطويه النسيان.. أو قبل أن نفقد ذاكرتنا!!

اللحوم فى زمن الكورونا

مع انتشار وباء الكورونا تأثرت وبشدة اقتصاديات أمريكا ذات الصلة بصناعة اللحوم ـ ويصل حجمها إلى 213 مليار دولار.. ويقدر عدد العاملين فى هذا المجال بنحو 585 ألف عامل. وقد كشف الوباء طبيعة الأجواء غير الصحية التى يعيشها العاملون فى تلك المصانع التى تقوم بتغليف اللحوم المختلفة ـ دواجن وأبقارًا وخنازير. وهذه المرّة لم تكن اللحوم والحيوانات مصدر الأمراض وأعراضها، ولذا صارت مواجهة الواقع المؤلم ضرورة لا مَفر. خلال شهرَى أبريل ومايو الماضيين عدد حالات الإصابة بالفيروس فى مصانع تغليف اللحوم تجاوز الـ 17 ألفًا و300 حالة، وذلك فى 29 ولاية أمريكية.. وبلغ عدد حالات الوفاة 91 حالة..وبسبب تعطيل العمل فى بعض المصانع الكبرى وتأثر حركة التجارة والبيع لهذه المنتجات اللحومية اختلت آليات بيع وشراء اللحوم، ومن ثم صارت مطاعم الوجبات السريعة مثل ماكدونالدز وويندى تعانى من نقص اللحوم.. وأيضًا معها تعالت دعوات الابتعاد عن اللحوم.. واللجوء إلى البدائل النباتية وغيرها حفاظًا على الصحة وما إلى ذلك!! وقد ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» - وهى تتابع هذه القضية - قيام مصانع تغليف اللحوم ـ مثل تلك التابعة لتايسون فودز - باللجوء إلى الروبوت فى عملية قطع اللحوم وتغليفها.. تايسون فودز بجميع فروعها تتعامل أسبوعيّا مع نحو 39 مليونًا من الدواجن.. قطاع اللحوم مهم وحيوى وبالتأكيد تأثر  بـ«كوفيد - 19».. هو كغيره من القطاعات يحاول أن يستعيد أمجاده السابقة؛ خصوصًا أن كميات كبيرة من هذه اللحوم كانت للتصدير وتحديدًا للصين!