الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«حلم الأستاذة عزة»

أعرف الأستاذة عزة عبدالحميد مؤسس جمعية  وطنية لتنمية وتطوير دور الأيتام، منذ 2009، أى بعد شهور من تأسيس الجمعية، طلبت أن نلتقى وحضرت لى خصيصا لتشرح لى قضيتها المهمومة بها، طريقتها تشعرك أنك من تستطيع أن تساعدها وليس شخصا آخر، وأظنها فعلت هذا مع إعلاميين آخرين من المهتمين بالقضايا التنموية.



وقتها، لم يكن لدى الأستاذة عزة تصورا كاملا عن كيفية تطوير دور الأيتام، كما لم يكن تقبل دور الأيتام لمهمتها سهلا، لكن كان لديها الحلم، وخلال خمس سنوات من التعلم والتواصل والاتصال مع مؤسسات وخبراء وخبرات، وتجارب ميدانية واستماع إلى الأطفال والشباب الذين يعيشون بدور الأيتام، استطاعت أن تضع المعايير العلمية لجودة الرعاية البديلة داخل دار الأيتام، ليكون كما تحلم «بيت الحلم». سعت الأستاذة عزة وفريقها من الشباب، وداعميها من مؤسسة دروسوس ومؤسسات أخرى، إلى أن تأخذ معاييرها الشكل الرسمى المعتمد فطورتها بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى، التى تتبعها كل دور الأيتام فى مصر، والبالغ عددها نحو 450 دارا تقريبا وترعى نحو 10 آلاف يتيم. حصلت وطنية خلال رحلتها تلك على الكثير من الجوائز المحلية والإقليمية، خاصة تلك التى تهتم بالممارسات التنموية وتحسين معيشة الناس.

أحد مميزات جمعية وطنية أنها ضمت إليها جامعيين وجامعيات ممن عاشوا حياتهم كلها فى دور الأيتام، فكانوا بمثابة القياس الحقيقى لكل معيار جودة، يطبق لتطوير الدار أو بناء قدرات العاملين والشباب والأطفال داخل الدور، بل وأيضا معايير جودة الرعاية لدى الأسر البديلة. فكرت «وطنية» أن يكون تخصيصها لجائزة لأفضل دار أيتام، حافزا للدور لتطبيق معايير الجودة، التى تحتاج إلى الكثير من التعليم ومن المجهود التوثيقى والتطبيقى لتوفر للأطفال والشباب تعليما جيدا ورعاية نفسية واجتماعية متميزة،  وبالفعل نظمت منذ 3 سنوات جائزة «بيت الحلم» بالشراكة مع وزارة التضامن الاجتماعى  والداعمين.

هذا العام فازت 8 دور، وهنأتهم وزيرة التضامن نيفين قباج الأسبوع الماضى على حصولهم على الجائزة التى خاضوا تقييمها خلال أزمة كوفيد 19، وهى دور «بيت آمنة بنت وهب»، الجمعية المحمدية «دار محمد عماد راغب»، دار الأورمان بالإسكندرية، دار الرحمة للبنات بالإسماعيلية، دار فجر الإسلام الخيرية بالمنصورة، جمعية رسالة الخيرية بنين فرع المعادى،  دار السابقون للخيرات لرعاية الأيتام.

أيتام على السوشيال ميديا

ضمن فعاليات الاحتفالية هذا العام، نظمت وطنية جلسة حوارية عن دور الدراما فى إبراز قضية فاقدى الرعاية الوالدية، بمشاركة الفنان آسر ياسين والكاتبة مريم نعوم مع مجموعة من الشباب الأيتام من مصر والمملكة العربية السعودية وأدارت الجلسة مريم فرج- مديرالمسئولية المجتمعية  بقناة إم بى سى الأمل. من بين الأيتام المشاركين، والفخورين بكونهم أيتاما، محمد عثمان، الباحث اجتماعى بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية  بالسعودية، وإبراهيم سلامة ، خريج كلية الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، ونجلاء فتحى،  طالبة السنة الرابعة بقسم الصحافة بأكاديمية أخبار اليوم، ومروان خليل الحصرى،  طالب السنة الثانية بمعهد الفنون المسرحية.

قالت نجلاء فتحى، إنه أصبح بإمكانها أن تعلن بفخر كونها تربت فى دار أيتام، لأنها الآن حققت بعض أحلامها، أما قبل هذا فلم تكن تستطيع، وهى الأزمة التى يعيشها كثير من الأيتام، ورغم هذا قالت إنها تخفى هوية أنها يتيمة حتى لا تحجب عنها فرصا فى التدريب أو العمل، لأن بعض الجهات مازالت تحجب مثل هذه الفرص عمن تربوا فى دار أيتام. أحاديث الشباب المشارك ركزت على أهمية أن يدرك صناع الدراما أن السلبيات التى تلصقها بالأيتام، تؤثر سلبا على الأيتام أنفسهم، لأن الدراما لا تهتم بالنماذج الإيجابية.

«لسنا بحاجة إلى الشفقة، بل بعرض كل ماهو واقعى عن حياتنا، بإيجابياتها وسلبياتها، كشاب لا أطلب غير حقى وما استحقه من فرص عمل، وزواج، وبناء أسره، فرص لبناء علاقات اجتماعية مع الناس كلها».

آسر ياسين ومريم نعوم اتفقا على أن على شباب الأيتام دورا كبيرا فى تغيير الأفكار السائدة عن الأيتام، ولتكن قصصهم الملهمة هى من تدفع المؤلفين والمنتجين لتناولها فى الدراما والسينما، خاصة ما ينشر منها على السوشيال ميديا، التى أصبحت «الملهمة» لكثير من المؤلفين!!

الرسالة والمهنة والعمل الوطنى

الفخر والثقة بالنفس التى يتحدث بها كثير من شباب الأيتام، والتى يعبرون عنها عبر صفحاتهم على فيسبوك أو خلال  بعض اللقاءات العامة، اكتسبوا الكثير منها خلال مشاركتهم فى المبادرات التى تبنتها «وطنية» لتشجيع الأيتام على المشاركة والحديث عن أنفسهم، خلال السنوات الماضية، مثل «اعرفنى أنا مش بس يتيم»، «ميهمنيش» وغيرها.

هذه الرؤية المهنية والإنسانية، لمستها -بخبرتها العملية- وزيرة التضامن الاجتماعى نيفين القباج، حين وصفت ما تقوم به مؤسسة وطنية ومؤسستها عزة عبد الحميد بأنه «عمل وطنى صريح، وليس مهنيا فقط».

وخلال كلمتها فى الاحتفالية التى أقيمت أونلاين، وعدت الوزيرة بمساندة ودعم أطفال وشباب الأيتام، وتعهدت بأنها لن تتسامح فى أن يخفق فى أى حق من حقوقهم، وستكون فى منتهى الشراسة فى مساءلة من يأذيهم، وناشدت الأمهات والآباء البدلاء بأن من لا يرى فى نفسه «رسالة» العمل مع الأيتام، فعليه أن يترك موقعه لغيره. كما وعدت الوزيرة بمنظومة متكاملة للرعاية، تشمل السكن والتوظيف والمتابعة والدمج لكل فاقدى الرعاية الوالدية.