الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

خطط الباب السرى والشقة المخفية

رغم تخفيف الإجراءات الاحترازية ضد انتشار فيروس كورونا، فمازال الأطباء فى المستشفيات والعيادات الخاصة، يحتاطون بإجراءات الوقاية الشخصية بشكل أكثر التزاما، خوفا على أنفسهم وعلى مرضاهم، وعلى أسرهم أيضا.



الأطباء والطبيبات لجأوا لحيل مختلفة يمكنهم بها حماية أسرهم من انتقال العدوى، عندما يعودون للمنزل، بعضها مكلف وبعضها لم يكلفهم شيئا، لكن فى جميع الأحوال حمى أولادهم.

 

 «شقق العائلة الطبية»

رقية حمادة، طبيبة فى مستشفى جامعى، «آخر مرة نزلت إلى بلدى الشرقية لرؤية أهلى كان فى عيد الفطر المبارك»، اضطررت لتأجير شقة هناك، لتجنب السكن مع أسرتى هذه الفترة من أجل الحفاظ على سلامتهم.  والد رقية، طبيب جراحة، وأختها صيدلانية فى مستشفى حكومى، وأختها الثانية تعمل فى معمل تحاليل فى مستشفى، مما يجعل الأسرة تعيش فى قلق دائم من أجل ألا يصاب الأب أو الأم بفيروس كورونا، خاصة بعد إصابة الأخ الأكبر لرقية بكورونا، وحجزه فى المستشفى بعد تطور حالته.. «منزلنا أصبح قاصرا على أبى وأمى، بعد حرص كل واحد منا أنا وإخوتى على الاستقلال فى سكن خاص، حتى تمر الأزمة على خير».

لا تتهاون رقية فى ارتداء الكمامة والتعقيم وغسل الأيدى باستمرار، وفى حالة وجود ازدحام مع زملائها فى العمل تلتزم هى وهم بالتباعد فيما بينهم، وحين تعود إلى حياتها الطبيعية تتخلص من ملابس العمل، وتعقم جميع مُتعلقاتها كالنظارة والموبايل، وأخيرا الاستحمام بغسول معقم، فضلا عن امتناعها عن تناول الطعام من الخارج واستخدام أدوات الطعام البلاستيكية لمرة واحدة ثم التخلص منها مباشرة.

«دادة مقيمة للأطفال»

 آية الهضيبى، الطبيبة فى مستشفى تخصصى، لم تر أهلها إلا ثلاث مرات فقط طوال فترة جائحة كورونا، رغم أنها حصلت على إجازة من عملها طوال هذه الفترة، كونها أما لطفلين، لكن زوجها طبيب، وتحرص على غسل ملابسه فورا وتعقيمه وتعقيم جميع مُتعلقاته حرصا على سلامة الأطفال.

«تكفلت براتب إقامة دائمة لعاملة النظافة فى بيتى، خلال هذه الفترة بدلا من حضورها ليومين فقط فى الأسبوع كما كنا معتادين، رغم عدم حاجتى لذلك، ولكن لكيلا تكون أداة ناقلة لا قدر الله للعدوى، لتنقلها بين العمل فى تنظيف البيوت، حرصا على سلامتنا وسلامة أولادى».

«العيادة مغلقة.. الدكتور فى المستشفى»

ويقول عبدالعاطى اللهوانى، مدير مستشفى عزل الحوامدية، إن 98 % من وقته يمضيه مقيما فى المستشفى ونادرا ما يعود إلى المنزل، بعد مكوثه لفترة العزل 14 يوما للتأكد من سلامته، كما يلتزم فى منزله بالتواجد فى غرفته ومنع الاختلاط والاحتكاك مع أفراد أسرته خوفا عليهم مع ضرورة استخدامه للواقيات الشخصية والمعقمات.  أما عن وقت العمل فيقول اللهوانى إن هناك لوائح صارمة داخل المستشفى باتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية، كالتباعد وارتداء الواقيات الشخصية أثناء قيامه بمهام عمله، من حل أى مشكلة تتعرض لها المستشفى واستقبال الحالات والإشراف عليها ومتابعاتها فضلا عن متابعة زملائه الأطباء والمعاونين والعمال فى المستشفى. وأضاف اللهوانى: «لقد علقت عملى فى عيادتى الخاصة للتفرغ للمستشفى فى هذا الوقت العصيب، وكذلك حرصا على سلامة المترددين على العيادة من التعامل المباشر معى حتى لا أتسبب لا قدر الله فى إصابة أى منهم بفيروس كورونا».

«الحل فى سكن الطالبات»

 نهى أحمد الطبيبة فى مستشفى جامعى، انتقلت لسكن الطالبات بعيدا عن أسرتها فى المنوفية، حتى لا تتسبب لا قدر الله فى نقل عدوى فيرس كورونا لهم، وتمنع نفسها زيارتهم، مكتفية بالتواصل هاتفيا للاطمئنان عليهم، ورغم صعوبة هذا الأمر عليها إلا أنها تراها الوسيلة الآمنة للحفاظ عليهم.

«العودة بحذر»

يحكى أحمد أبواليزيد، الطبيب فى الرعاية المركزة فى مستشفى خاص، كيف حاول فى بداية تفشى فيروس كورونا، الاعتزال عن بيته وأسرته خوفا عليهم، «لم أتمكن من الاستمرار فى العيش بعيدا عنهم لفترات طويلة وهم أغلى ما أملك، فبدأت بالعودة بحذر إلى بيتى بعد ما اتضح أن الأزمة ستطول».

 بعد فترة أصيب أحمد بعدوى كورونا من أحد الحالات المحتجزة فى الرعاية المركزة، ونقل العدوى إلى زوجته وأولاده، «خضعنا جميعا للعزل والعلاج حتى تم شفاؤنا بفضل الله، وعدت بعد التأكد من شفائى إلى مزاولة عملى فى المستشفى، ومازلت فى صراع ما بين خوفى الدائم على أسرتى أمام عجزى عن الابتعاد عنهم، وهل سأتسبب فى إصابتهم مرة أخرى؟

«الباب الثانى»

أحمد عبدالباسط طبيب فى مستشفى جامعى، يقضى أغلب وقته مقيما فى المستشفى، ويتجنب الذهاب إلى أسرته خوفا عليهم، ويتخذ أقصى الإجراءات الاحترازية أثناء التعامل مع المرضى خوفا على أهله قبل نفسه، ويتهرب من الإجازة.

 لجأ أحمد لحيلة عمل باب آخر لبيته، ليتمكن من الدخول منه دون المرور أو الاقتراب من أهله أو الصالة وغرفة والدايه، «أبلغ أهلى هاتفيا بموعد عودتى للمنزل لتجنب وجودهم قدر الإمكان قريبا من الباب، حتى  أنهى جميع الاحتياطات من اغتسال وتعقيم وتغيير ملابسه وارتداء الواقيات الشخصية قبل مقابلتهم، والتى أقتصر فيها على الحديث معهم مع وجود المسافات الآمنة فيما بيننا».

 وفيما يتعلق بتعامل أسرته معه فلم يعد هناك تواصل مباشر بينهم فممنوع السلام أو الجلوس سويا، ولو اضطررنا للجلوس سويا فلا بد من وجود مسافة كبيرة بيننا حتى لا أؤذى أحدا لا قدر الله.