الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

شهور القلق والغضب

ليس كل ما يتمنى المرء يدركه. قول يتأكد صدقه أكثر فأكثر يوما بعد يوم في زمن الكورونا المريب. ان محاولات العودة لما أسميناه "الحياة الطبيعية" بكافة أوجهها غالبا حذرة ومترددة، قد نشعر بالتفاؤل عندما يتردد الحديث عن بعض العودة في شهر سبتمبر المقبل ـ بإذن الله. ويبدو سبتمبر لناظره قريب خاصة أن بعض القراءات الأكثر واقعية للتحرر من كابوس كوفيد ـ 19 ترى أن بداية العام الجديد ـ يناير ٢٠٢١ ـ هو التاريخ المرجح. وهو ما يمكن النظر إليه باعتباره البوابة التي ستأخذنا إلى ما بعد كورونا.. والى بدايات الحياة التي اعتدناها بشكل أو آخر.



 

المشهد الحالي .. والمتواصل

 

بعيدا عن تصريحات المسئولين وغير المسئولين من الأمريكان فان الجدل المثار حول العنصرية المتغلغلة في المجتمع الأمريكي وأيضا حول الوباء المتفشي على امتداد الولايات المتحدة مازال قائما ومازال ساخنا لحين إشعار آخر. عندما يصل عدد حالات الإصابة بكورونا الى 55 ألف حالة في اليوم ـ بداية شهر يوليو. فالوباء مازال متواجدا ويمثل خطرا كبيرا يجب التعامل معه بجدية تامة!! 

 

ولا شك أن النقاش الأمريكي الخاص بالعنصرية حاد جدا وأيضا كاشف جدا للأبعاد التاريخية والسياسية والاقتصادية لملفات السود والعبودية والعنصرية والتفرقة وحقوق المواطنة. وكل هذه الملفات بتفاصيلها الدقيقة والمؤلمة مطروحة على الساحة بكل صدق وبكل جرأة .. وبدون استثناء لأى أمر. أمريكا تتحدث من جديد عن عام 1619 وما شهده من وصول لسفينة تحمل أكثر من 20 عبيدا من أفريقيا ومن ثم تاريخ طويل عبر القرون يكشف مظاهر وتبعات انتشار امتلاك العبيد واستغلالهم في البلاد. وأمريكا أيضا تعيد قراءة ومناقشة ما حدث في 19 يونيو 1865 من إنهاء العبودية في البلاد.وبالطبع ماذا تحقق وماذا لم يتحقق خلال النصف الثاني من القرن العشرين.. ان ما يثار حول العنصرية والتفرقة وعدم المساواة يكشف بلا شك الوجه القبيح لأمريكا ـ مهما كانت محاولات التجميل أو التغطية لأوجه التفرقة العنصرية. وكيف تحول السود في أمريكا ـ أو الأقلية السوداء في أمريكا الى ضحايا للعنف والمعاملة القاسية من جانب الشرطة .. وفي السجون!! ان الحوار المستمر والمتواصل هذه الأيام في وسائط التواصل الاجتماعي وأيضا على شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد هو حول التعدد والاختلاف وقبول الآخر والاصلاح الاجتماعي واعادة هيكلة أداء الشرطة خاصة في تعاملها مع الأقليات غير البيضاء. إنه حوار الأجيال المختلفة والتيارات السياسية المتصادمة ووسط هذا كله نجد الأصوات والحملات المتواصلة من أجل اعادة النظر في التماثيل التاريخية ـ ازالتها أو الابقاء عليها  ..كلها في أجواء مواجهة الذات (مهما كانت التبعات) وذلك من أجل فهم وإدراك أفضل لما حدث وما يحدث في أمريكا وإيجاد طرق لمواجهة كل هذه الأمراض الاجتماعية المزمنة التي يعيشها المجتمع الأمريكي. عفوا .. لم يغادر كورونا حياتنا

 

وفي أجواء كورونا المهيمنة على البلاد .. وعلى العاصمة الأمريكية على وجه الخصوص أعلنت ادارة كل من متحف الكتاب المقدس ومتحف الجاسوسية المتواجدان في واشنطن عن إعادة نشاطهما واستقبال الزوار بدءا من نهاية شهر يونيو وذلك مع تطبيق كل الإجراءات المطلوبة لضمان عدم تفشي الفيروس. متاحف سميثسونيان الشهيرة في واشنطن ـ وعددها 19 متحفا لم تعلن بعد أى موعد للعودة الى نشاطها المعتاد. والمرجح أن تكون العودة مع نهاية الصيف. وتكون البداية مع حديقة الحيوان ـ التابعة لمؤسسة سميثسونيان.

 

وإذا كانت مدينة نيويورك تستضيف زعماء ورؤساء دول العالم في نهاية شهر سبتمبر من كل عام مع افتتاح دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في مقرها الرئيسي فإن هذا العام لن يعقد هذا الاحتفال الدولي السنوي بشكله المعتاد. لا زيارات ولا جلسات واجتماعات  ولا لقاءات. لم تتحدد بعد طبيعة وشكل ما قد يتم  عن بعد وعبر الانترنت..  وحسب ما أعلنته الجهة المنظمة لجوائز أوسكار الشهيرة فإن حفل توزيع الجوائز عام 2021 لن يعقد يوم 28 فبراير كما كان مقررا من قبل بل في يوم 25 أبريل وذلك بسبب كورونا وتداعياته.  وطالما نتناول محاولات وتجارب العودة الى الحياة الطبيعية نشير الى أن مع بداية شهر يونيو خرجت مدينة لاس فيجاس من عزلتها وفتحت أبوابها للزائرين والمترددين على صالات القمار. وقد اتخذت لاس فيجاس ـ مدينة الخطيئة ـ (كما توصف) احتياطاتها الواجبة من أجل استعادة بيزنس السياحة التي تعيش بها. ودخلها من هذا البيزنس في العام الماضي كان قد بلغ ٥٨ مليار دولار.. وقد لاحظ مراقبو عودة لاس فيجاس وغيرها من أماكن السياحة والترفيه والتسلية الى نشاطها المعتاد أن الكمامة بشكل عام ليس لها حضور على وجوه أغلب المترددين عليها. كما أن العودة الى نشاطها المعتاد بالتأكيد لم تكن كما تصور البعض. الناس لسه بشكل عام مترددة وخايفة الا أن هناك أيضا رهان على ملل الناس مما عاشوه في الشهور الماضية .. ومن ثم نفاذ صبرهم واستعدادهم للخروج من العزلة المنزلية والهرولة الى التجمعات البشرية. هناك اعتقاد سائد الى حد ما بأنه كان كابوسا وانتهى.. أو ياريت ينتهي. عفوا ليس هذا هو الواقع ـ بل هذا ما يريده ويتمناه أغلب الناس. وان كان في كل الأحوال الاحتياط واجب وضروري والفيروس شرس ولا يمكن المزح معه .. أو السخرية منه . خاصة انه قاعد معانا شوية.. ومش ماشي بعد شوية!!