الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
معلمو مصر.. تعظيم سلام

من ملحمة الثانوية العامة..

معلمو مصر.. تعظيم سلام

مع نسمات الصبح الندية، يخرجون ملبين فى أيام معدودات من كل عام، يقصدون فيها لجانا بعيدة، يحجون إليها فى كل فج عميق فى قرى مصر ومراكزها وأحيائها، فى مهمة مقدسة ومبهجة، بمشقتها وأجوائها واكتشافاتها التى لا تنتهى.



الأيام التى لا تنسى من ذاكرة كل معلم، يتباهى بمشاركته فيها، سواء من أحب أن يكون ضمن فريق مركز توزيع الأسئلة على لجان الامتحانات، أو من سعى لأن يكون ضمن فريق العمل فى الكنترولات الرئيسية التى يمتد العمل بها، لأيام طويلة قبل بدء الامتحانات، ولا ينتهى إلا بعد إعلان النتيجة وربما بعدها.

أو سواء من يشاركون فى أعمال الملاحظة والمراقبة على لجان الامتحانات، أو أولئك الذين يُختارون ضمن فرق تقدير الدرجات «المصححين»، كلهم فى هذا العام يواجهون فيروس كورونا إضافة لمهمتهم المقدسة فى الثانوية العامة أو الدبلومات الفنية، ويستحقون جميعا تعظيم سلام، حتى من اعتذر منهم عن المشاركة، ليفسح المجال لمن يستطيع.

يتعرض المشاركون فى امتحانات الثانوية والدبلومات لحوادث السير، خاصة من ينتقلون من مدينة لأخرى فى المحافظات البعيدة، ويضطر من يأتون من إدارات تعليمية بعيدة إلى ركوب أكثر من وسيلة مواصلات، ليصلوا إلى لجان الامتحانات.

ومازال المصححون «مقدرو الدرجات» فى كنترولات وسط القاهرة وغيرها من الكنترولات الرئيسية، يعملون فى ظروف صعبة، يصححون تحت المراوح، يحمل كل واحد منهم ما يمكن أن يتناوله من طعام، مع زجاجة مياه قد تركها طوال الليل فى «فريزر» الثلاجة، لتبقى مياهها باردة أطول فترة ممكنة.

وفى ظل كورونا التى منعت المراوح فى لجان الامتحانات، قد لا يتحمل البعض البقاء دونها، ويضطرون لفتحها، مع ارتفاع درجات والرطوبة الخانقة، والكمامة وقناع الوجه.

البعض تقدم بالاعتذار عن المشاركة فى أعمال الامتحانات، فلم يقبل اعتذاره، فاضطر غير باغ ولا عاد للذهاب والقيام بعمله، آخذا ما يستطيع من احتياطات الوقاية من الفيروس، حتى لا يصاب أو ينقل الفيروس إلى أسرته.

أكثر من 152 ألف معلم يشاركون فى الامتحانات التى يخوضها نحو 600 ألف طالب، ستبقى ذكرياتها لسنوات طويلة، توثقها الصور التى يبثها المعلمون عبر صفحاتهم وصفحات الإدارات التعليمية على فيسبوك، وهم مرتدون للكمامات والقفازات ويمرون خلال بوابات التعقيم، حتى بعد أن ذكر أن لا فائدة منها.

 بعد خروج المواد التى لا تضاف للمجموع، المعروفة بمواد الرسوب والنجاح، «التربية الدينية والاقتصاد والإحصاء والتربية الوطنية»، وصلت أيام الامتحان إلى تسعة أيام، قسمت على شهر، ينتهى فى 21 يوليو، مراعاة للتباعد الاجتماعى وظروف الوباء العالمى.

ليس على المعلم الذى يشعر بأعراض اشتباه فى الإصابة بكورونا، حرج فى إبلاغ رئيس اللجنة تليفونيا فقط، وتوفر اللجنة البديل من كشوف الاحتياطى، ولا يكون عليه سوى أن يقدم فيما بعد ما يفيد ذهابه إلى مستشفى حكومى لتوضيح الموقف الطبى من الاشتباه، فإما تثبت الإصابة فيحسب له كامل مستحقات المشاركة فى كل أيام الامتحانات، أو لا تثبت فيعود لما تبقى من أيام العمل.   امتحانات الشهادات العامة، ملتقى لمعلمين من مدارس مختلفة وإدارات مختلفة وأحيانا محافظات مختلفة، وكثيرا ما ينشأ عنها صداقات وعلاقات جديدة تدوم طويلا، أشبه بعلاقات الأسر التى تتعرف على بعضها فى أيام المصيف، وقد تصبح مثل علاقات صحبة الدراسة أو العمل فى الخارج، خاصة لعشاق العمل فى الكنترولات، وقد تتحول إلى ما هو أهم!!

وللخصوصية الاقتصادية، لا يبدأ موسم المصايف رسميا فى كل المحافظات الساحلية المصرية، إلا بعد امتحانات الثانوية العامة، التى تنشغل بها نحو المليون أسرة، من الطلاب والمعلمين، الذين سيحتفلون بانتهاء امتحانات دفعة كورونا بصور لا تخطئها العين فى ألبوم الذكريات.

هذا العام أيضا يخوض أساتذة الجامعات وموظفوها، نفس معركة كورونا، خلال امتحانات السنوات النهائية فى الكليات المختلفة، فلهم جميعا ولكل معلمى مصر..تعظيم سلام.