الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

عن النوبة وأهلها

بدأت رحلتى إلى أسوان من محطة قطار الجيزة نبدأ الرحلة ليلًا كى نصل أسوان مع بداية اليوم الجديد  كى لا نُفلت أى وقت من رحلتنا الفنية للإقامة والرسم فى جزيرة نوبية لأول مرة، زرت أسوان كثيرًا، ولكن بعين عابرة تتابع آثار بلدها اتنقل بين المعابد والجزر السياحية، أقيم فى فندق هنا أو عائمة هناك ولنا عنها حديث آخر، أحمل أوراقى وأستعد لرحلة مختلفة فلا تنقلات مبالغ فيها فقط هدوء واسترخاء أو هذا ما أعتقدته.



 

فى أرض الذهب

 وصلنا إلى غرب سهيل بالسيارة فوق خزان أسوان وكنت أظن أننا سنعبر النهر فى قارب شراعى، ولكن دليلنا النوبى ضحك قائلًا: كل الطرق تؤدى إلى روما، وصلنا إلى طريق ضيق متعرج تلتصق الدكاكين ببعضها البعض رائحة أعشاب وبهارات تعبق الجو تطل علينا منحوتات شعبية وفرعونية، حلى وأدوات زينة، صاح بعضنا بحماس نريد جولة على الأقدام رد السائق الذى لا تفارق البسمة وجهه البشوش «عيونى»، بسمته رائقة ليس بها تصنع يريد أن يُرينا كل شبر، الأرض والنيل والفنون والتوابل والعطور ليس من أجل التجارة وحسب بل بقلبه حب صادق للمكان والنيل، نحن ضيوفهم قبل التجارة ليس مهما أن نتسوق الأهم إكرام الضيف، لأهل النوبة عزة نفس تجعلهم متسامحين ضاحكين عزة نفس تجعلهم يتجاوزون عن تقلدينا للهجتهم بل يضحكون معنا ويمنحونا مفردات جديدة.

 

وصلنا إلى بوابة زرقاء تزينها الرسوم الشعبية المميزة لأهل النوبة وتؤكد على فرعونية الصلة بينهم وبين الأجداد العظام، الهدوء والنيل يتملك الداخل قلت لنفسى وكأنى دلفت للجنة، يغطى الأبنية ذات القباب اللون الأزرق النيلى، الزخارف الهرمية بألونها الأصفر والأحمر والأزرق فى تنوع فطرى يصل بك لسكينة خالصة وربما هى سر أهل النوبة، فالسيف رمز البطولة ويوحى الهلال والنجمة والقطة السوداء بالتفاؤل، فى حين ترمز الزهور والورود للصداقة والمحبة أما الإبريق وسجادة الصلاة فيرمزان للطهارة والنقاء. أهل النوبة فنانون دون استثناء تجرى الألوان فى عروقهم ما إن شرعت بالرسم بدأ الاهتمام يملء عيونهم.

 

يسرعون بتلبية أى طلب، وكأنك مبعوث ملكى لرسم الأرض الذهبية، يبجلون الفن وخصوصا لو كان يتناول حياتهم ومنازلهم وفنونهم،  شربنا الشاى بنكهته العشبية الخاصة، استمعنا لمنير يغرد فى كل مكان وكل مرة أسمعه هنا أشعر أن صوته ينبعث من عمق النيل والزرع صوت منير هنا مختلف وسامعوه أيضًا.

جزيرة هيسا

تقع جزيرة هيسا بين السد العالى وخزان أسوان، تعود قصة هيسا إلى عهد الأسرة السابعة أيام أجدادنا الفراعنة، وجاءت التسمية على اسم هيسا أهم ملوكهم لا وسيلة للوصول لها إلا عبر النيل كل شبر فيها لوحة، لا تنتظر رسام هى كعروس نيل تمنح بركتها أو لا، تمنيت البقاء ولم يمكننى الوقت إلا برسمه من خلال القارب ونحن نستمع إلى أغنية فيلم «مافيا» عن الجزيرة وجمالها.

عن الطيبين

ضحكنا من القلب رسمنا بالحناء، أكلنا البلح وشربنا الدوم والخروب، أما عن الفول السودانى فحدث ولا حرج، نصحونا ببعض الأعشاب الطبية التى أشرب منها الآن لرفع المناعة فى حروب الفيروس عفانا الله من شره، مازلت أتلقى اتصالات من أهلها الطيبين يسألون عنى ويصفون طرقا جديدة لرفع المناعة وسواء أفادت أو لا، فالحب والطيبة والخير هو علاج لكل داء.