الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

المرحلة الثانية لـ«كورونا»

فى الوقت الذى رحبت فيه الأنظمة الأكثر تساهلًا، مثل فرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا، بإجراءات التخفيف من الإجراءات الاحترازية لمواجهة «كورونا»، لا تزال المشكلة الأساسية وهى كون «الفيروس المعدى» لا يزال حرًا طليقًا فى مجتمعاتنا يفتك بما شاء وكلما زاد اختلاطنا ازداد انتشاره.. أهلًا بكم فى المرحلة الثانية من جائحة فيروس كورونا.



  العديد من البلدان استغلت الانخفاض – المحدود – لأعداد الإصابات وقلة الوفيات وخففت إجراءات الإغلاق القاسية التى نفذت على مدار عدة أشهر لحماية الأنظمة الصحية من الانهيار وتنامى الخسائر الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن «العزلة الإجبارية» التى عاشها العالم على مدار الفترة الماضية. 

«المرحلة الثانية»

كوريا الجنوبية التى تعد نموذجًا يحتذى به فى مكافحة الوباء، أمرت نهاية الأسبوع الماضى العاصمة وإقليم «جيونغجى» المحيط بها وبلدة «إينشيون» القريبة بإغلاق كل الملاهى الليلية والحانات بعدما سجلت أعلى عدد إصابات بفيروس كورونا منذ أكثر من شهر بسبب ظهور بؤرة جديدة للعدوى فى حى يضج بالحياة الليلية فى سيول بعدما بدأت البلاد تخفيف القيود، وهو ما أثار مخاوف الموجة الثانية من الوباء. تأتى عودة الإصابات فى وقت بدأت فيه العديد من الدول الأوروبية رفعًا تدريجيًا للإغلاق فيما يحذر خبراء الصحة من أن رفع إجراءات العزل بسرعة سيؤدى إلى ارتفاع فى الأرقام.

وفى ألمانيا – التى قدمت نموذجًا فى التعامل مع الفيروس- بمجرد أن خففت إجراءات الحظر امتلأت الحدائق وتسارع معدل الإصابة من جديد، ناهيك عن ارتفاع الحالات فى الصين وإيران بسبب السماح بعودة الاختلاط، أما لبنان فقرر تشديد حظر التجول الذى خففه فى وقت سابق بعد ارتفاع عدد الحالات مجددًا مطلع الأسبوع. 

استراتيجيات التعايش 

 يشير خبراء الأوبئة إلى أن الفيروس سيظل كامنًا خلال الأشهر – وربما السنوات المقبلة – لعدم وجود لقاح، والتجمعات ستكون نقطة انطلاقه، مثلما حدث فى جنازة فى فرنسا أدت إلى تفشٍّ جديد للفيروس، أو مصانع تعبئة اللحوم فى ألمانيا والولايات المتحدة التى ارتفعت بها الحالات مؤخرًا.

وفى المقابل هناك بعض الدول التى استطاعت السيطرة على الفيروس، مثل أستراليا ونيوزيلندا، هى على الأرجح الأماكن الأكثر انضباطًا وبالتالى أفضل ميادين التجارب، لمعرفة هل سيتمر الأمر حال تخفيف الإجراءات الاحترازية بشكل كامل أم لا.

وبحسب الخبراء فإن أبرز استراتيجيات التعايش مع المرحلة الثانية لجائحة كورونا تتضمن إجراء الفحوصات بانتظام على نطاق واسع واعتماد أدوات مثل الكمامات لتكون أحد اللوازم الأساسية لمغادرة المنزل، والتباعد الاجتماعى قدر الإمكان.

وإذا كانت المرحلة الأولى تتعلق بحماية الأرواح وأنظمة الرعاية الصحية، فالمرحلة الثانية تطرح المسكوت عنه وهو «تكلفة إعادة الملايين إلى العمل» والتى ستتضمن وفاة الآلاف منهم لأن الاختلاط سيصاحبه ارتفاع الحالات والتى ستؤدى بدورها لارتفاع الوفيات. 

اختبار للعالم 

الأسابيع الأولى للمرحلة الثانية ستكون بمثابة أكبر اختبار للصحة العامة فى العالم، والمجتمعات ستظهر كفاءتها الحقيقية فى إدارة مخاطر الأشياء غير الآمنة ولكنها ضرورية فى الوقت نفسه، فمثلا النوادى الليلية ستكون أحد أبرز بؤر المرض حيث يكون الناس فى النوادى الليلية على مقربة من بعضهم ويقلل الكحول من وعيهم، ولذا تبدو مكانًا بديهيًا لانتقال المرض بين أعداد كبيرة من الناس، وفى العالم العربى فإن المقاهى خاصة التى تقدم (الشيشة) تمثل خطرًا داهمًا، وبحسب وزارة الصحة فإن خطر انتقال عدوى كورونا من خلال تدخين الشيشة مرتفع، لأن كل جزء فيها قد يكون مصدرًا للعدوى بالفيروس.

وفى المملكة المتحدة، يسود ارتباك هائل حول ما يمكن السماح به. وتجاهد ألمانيا، التى نجت من أسوأ ويلات الفيروس، لإقناع مواطنيها بالالتزام بالقيود المستمرة، إلا أن ضرورة استئناف الحياة الاقتصادية فى البلدان التى لا تحوى شبكة أمان اجتماعى سترتفع بدرجة كبيرة، وقد تدفع الحكومات للتخلى عن التجربة بالكامل. 

 وبالرغم من سعى العديد من الأماكن للخروج من هذه الجائحة، لكن الحقيقة التى لا يستطع أحد إنكارها هي أن المرض مستمر إلى أجل غير مسمى حتى ينخفض معدل انتقاله إلى مستوى يختفى فيه الفيروس من تلقاء نفسه، أو حتى يتوصل العلماء إلى لقاح لعلاجه، وما دون ذلك فالأمر سيظل مثار قلق للعالم أجمع.