الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

داوستاشى: أدعو الفنانين إلى الرسم يوميا لمقاومة الجائحة

عن لوحاته التى يرسمها يوميا فى مواجهة كورونا، يقول الفنان عصمت داوستاشى  «إنها لوحات الحالة، فنحن نعيش حدثا غير مسبوق لم تعرفه البشرية بسبب هذه الجائحة، إننا محتجزون باختيارنا داخل بيوتنا حفاظا على حياتنا، وصحتنا، وكذلك يفعل الملايين فى أنحاء المعمورة، والفنان أو الرسام أو الكاتب أو السينمائى يعيش هذه الحالة فهو بداخلها بالفعل لذا فالتعبير عنها وارد، وسيكون بشكل صادق ولذا أرسم كل يوم لوحة، وأدعو الفنانين جميعا أن يفعلوا ذلك».



أول معرض على الفيس

سألته عن معرضه الذى سجل فيه قدوم خطر كورونا، وكان أول معرض عنها فى مجال الفن التشكيلى، على صفحته الشخصية على الفيس بوك

قال: « بل معرضى هذا كان أول معرض فنى تشكيلى عنها فى العالم على الفيس بوك، فقد رسمت 8 لوحات، ونشرتها على الفيس من أول يناير 2020، عندما بدأت بوادر ظهور الجائحة، وسميت اللوحات «الشيطان قادم»، وكلها تصِّور  كيانا غامضا يهدد البشر، كان ذلك قبل أن تتفاقم، وتعد هذه اللوحات من الفن الاستشرافى، فقد توقعت حدوث كارثة قبل الجائحة بل وقلت لأولادى: خففوا مصروفاتكم لأننى أشعر بمخاوف من حدوث شىء ما، لا قِبل لنا به، كان مجرد إحساس عميق انعكس فى لوحاتى فى يناير عن كورونا».

قلت: تفاعل الناس مع لوحاتك على الفيس، وكانوا يشاركون فى اختيار عناوين اللوحات. 

قال: نعم، تفاعل الناس مع لوحاتى على الفيس، أعتبر الفن من خطوط المواجهة الأولى، فالفن ينقل الإحساس بالتجربة، بكل مشاعر الإنسان: المخاوف، والأحزان، والأوهام، لحظات التفاؤل والتشاؤم، لحظات التعبد، وتنوعت اللوحات حسب الحالات الشعورية التى مررت بها، رسمت لوحات كورونا من أول يناير حتى 8 يناير، وهى إرهاصات لبداية عقد فارق فى تاريخ البشر، ندعو الله النجاة من هذه الجائحة، ثم واصلت الرسم يوميا دون توقف، ولا أزال.

 

 

قلت: لقد رسمت لوحات أخرى عن كورونا وهى تضرب الجميلات، وكانت اللوحات باسم «الجائحة السوداء تضرب الجميلات»

قال: نعم، وأقمت معرضا لهذه اللوحات بعنوان «لوحة كل يوم»، والذى تم افتتاحه فى 15 مارس فى جاليرى آرت كورنر فى الزمالك، واحتوى على 33 لوحة، ووافق المعرض يوم عيد ميلادى فقد بلغت عامى السابع والسبعين، وكان صاحب فكرة الاحتفال بلوحاتى كل عام فى هذا الموعد الفنان سمير عبدالغنى.

قلت: وما زالت لوحاتك كل يوم تسجل جرنيكا من نوع جديد مثلما سجلت ريشة بيكاسو فى لوحته الجرنيكا ضحايا البشر فى الحرب. 

قال: لقد ضربت الكورونا العالم كله، هى حرب من نوع جديد، كيان غامض تُكتشف أسراره الجديدة كل يوم، وغير مرئى، ربما تغير الكورونا أمورا كثيرة فى نظام الحياة اليومى، نصف سكان العالم يؤدون أعمالهم بالكمبيوتر والتواصل الاجتماعى أصبح من خلال الشاشة على الإنترنت، أتوقع أن يختلف شكل الملابس أيضا، وأن تحتوى فيما بعد على كمامة مثلا، وأن تكون واقية من الميكروبات، لا بد أن يدافع الإنسان عن نفسه، سيعاد صياغة نظام الحياة فى العالم، فالعالم يذهب من الماضى إلى المستقبل بشكل صاروخى، القرن الواحد والعشرون سيشهد تغييرات كثيرة وعميقة فى حياتنا، وبعضها تراه لوحاتى.

داوستاشى فى مسيرته الفنية التى بدأت منذ ستين عاما عبرت عن فن استشرافى يهتم بالحياة الإنسانية، وبتصوير الإنسان والبحر إذ يعيش فى الإسكندرية التى رسمها فى لوحاته بل فى رواية أدبية، وفى سيرته الذاتية.

وفى لوحاته اليومية الآن يعبر عن الإنسان فى مواجهة كورونا، ولوحاته بألوانها الصريحة، وتوهج اللون الأصفر المنذر فى معظمها، والقرون التاجية السوداء التى تطل بوجودها الجاثم وظلالها فى اللوحات، وملامح الدهشة والمباغتة على وجوه مرسومة بشكل تجريدى، وأجساد بلا أيد، وبلا أذرع، بينما تتسع العيون أمام أقواس كأنصاف دوائر غير مكتملة، والتاج الكورونى المُهدد يفرض هيمنته على اللوحات، داوستاشى الذى يرسم لوحاته يوميا فى مواجهة الجائحة قد بلغت لوحاته حتى الآن 106 لوحات، وأحدثها مجموعة لوحات رسمها من 9 أبريل إلى 16 أبريل 2020، وعنوانها «يا أنا يا كورونا، مع السلامة»، فى تحد للجائحة بأكبر قدر من اللوحات، وبقوة الفن فى التعبير عن الإنسان، وعن روح الإبداع والمقاومة.

يقول لى فى حوارى معه: «هذه الجائحة لن تستمر، فكما جاءت فجأة ستذهب، المهم البشر أنفسهم، لا بد أن يتضامنوا، وأن يتحابوا، وأن يكفوا عن الصراعات والحروب».

قلت: نعم، لتنتصر الحياة، بالحب والخير والأمل، لتنتصر الحياة.