الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

من وحى الاستعراض الدورى الشامل لمصر

المكايدة السياسية..كلمة السر فى«الدولى لحقوق الإنسان»

ريشة: عمرو الصاوى
ريشة: عمرو الصاوى

فى الثالث عشر من مارس الجارى، أعلن المجلس الدولى لحقوق الإنسان بمدينة جنيف السويسرية، اعتماد التقرير المصرى لدورة الاستعراض الثالثة الذى بدأ فى العام 2009 مرورًا بـ2014 حتى وصلنا للثالث فى 2019 - 2020، ومصر كان لها نصيب من هذا الاستعراض، ثلاث مرات. 



 ويعد «الاستعراض الدورى الشامل أو UPR» أحد أبرز و أهم آليات متابعة حالة حقوق الإنسان على مستوى العالم، حيث تعمل الدول على عرض ما قامت به من أعمال لتعزيز حالة حقوق الإنسان فى أراضيها، حيث تتلقى توصيات الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بشأن تطوير آليات عملها لتعزيز حالة حقوق الإنسان.

وقد شهدت قاعة قصر الأمم المتحدة -وتحديدًا فى شهر نوفمبر من العام الماضي- سجالًا طويلًا، حينما عرضت الدولة المصرية لاستعراضها فى الجلسة التى عقدت فى 13 نوفمبر –تحديدًا-  التى شهدت مداخلات لعدد 133 دولة  تقدمت بـ 372 توصية للحكومة المصرية بشأن حالة حقوق الإنسان بها.

ويتلخص الاستعراض فى أن تقدم الدولة تقريرًا عن حالة حقوق الإنسان- كل أربع سنوات- ويمكن أن تتخذ شكل تقرير وطنى، وأى معلومات أخرى تعتبر وثيقة الصلة بالدولة المعنية، ويمكن تقديمها شفاهة أو كتابة، وأيضًا معلومات ترد فى تقارير الهيئات المنشأة بموجب معاهدات، والمقررين الخاصين، بما فى ذلك ملاحظات وتعليقات الدولة المعنية، وغير ذلك من وثائق الأمم المتحدة الرسمية الوثيقة الصلة، حيث يتم تجميعها فى تقرير تعده مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.

وهناك معلومات يقدمها «أصحاب المصالح الآخرون الوثيقو الصلة» إلى الاستعراض الدورى الشامل، وتقوم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بتلخيصها فى وثيقة تضم أصحاب المصلحة، المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، المدافعين عن حقوق الإنسان، المؤسسات الأكاديمية ومعاهد البحوث، المنظمات الإقليمية، علاوة على ممثلى المجتمع المدنى.زوفى حالة مصر يقدم المجلس القومى لحقوق الإنسان التقرير- كمؤسسة وطنية- حيث تتم مناقشة هذه التقارير، كما تتاح للدول الأعضاء بالمجلس تقديم التوصيات التى تراها للدوله قيد الاستعراض.ز.. ولكن كيف ينظر النشطاء الحقوقيون رؤساء الجمعيات الأهلية المصرية، لآلية الاستعراض الدورى الشامل، وهل لهم ملاحظات على هذه الآلية المهمة وكيف تتدخل الرؤى السياسية- أحيانًا- بالضغط على بعض الدول دون الأخرى؟!.

تداخل بين السياسة وحقوق الإنسان

وليد فاروق - رئيس مجلس إدارة الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات  NADRF- له رأى عبر عنه بقوله: «بمتابعتنا لآلية الاستعراض الأخير للملف المصرى، وجدنا أن مصر تقدمت بملفها الذى حصل على ٣٧٢ توصية من الدول الأخرى، أغلبها على ملفات المرأة والحقوق المدنية والسياسية، وبناء عليه أصدرت الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات تحليلًا رقميًا فى هذا الصدد».. وأضاف: «لكننا- ومن متابعتنا للاستعراض- اكتشفنا تداخلًا بين السياسة وحقوق الإنسان فى عملية الاستعراض، حيث إننا لاحظنا «المكايدة السياسية» فى بعض التوصيات التى تخرج عن الدول والتى على خلاف سياسى مع الدولة (مصر) قيد الاستعراض، مما يعرض عملية التقييم -المبنى عليه الاستعراض- للكثير من الشوائب وعدم الدقة فى تقييم الملف».. وتابع فاروق الذى رأى  بنفسه من خلال تواجده مرتين بجنيف، الأولى فى نوفمبر من العام الماضى أثناء تقديم مصر لاستعراضها الدورى والثانية الأسبوع الماضى، حديثه قائلًا: «لقد لمسنا أيضًا تهميشًا لدور منظمات المجتمع المدنى داخل أعمال الاستعراض والدورات العامة للمجلس الدولى وتقليل مساحتها بشكل ملحوظ وإلغاء كلمات، ما يقلل من مصداقية الآلية الدولية التى تبنى أساسًا على التقارير والبيانات المقدمة من المجتمع المدنى الذى يعمل على الأرض فى كل دولة، ويرصد ويوثق الانتهاكات الخاصة بحقوق الإنسان».زوأشار فاروق إلى أنه- وعلى ضوء ذلك - فإن الجمعية الوطنية (والتى حصلت أخيرًا على الصفة الاستشارية بالمجلس الدولى) تعد مذكرة لرفعها الى المفوض السامى لحقوق الإنسان، من أجل العمل على تطوير آلية الاستعراض الدورى الشامل، وإعطاء مساحة أكبر للمنظمات الحقوقية. وختم فاروق كلامه بقوله: «إننا نسعى إلى إصلاح الملف الحقوقى المصرى للتوافق مع الآليات الدولية من خلال رؤية صحيحة ومحايدة عن الوضع الراهن دون تهويل أو تهوين، فمصر -خلال عرض ملفها فى المجلس الدولى- أعلنت عن مواقف جيدة وقبلت عدد كبير من التوصيات، الأمر الذى يؤكد أن هناك نية طيبة لإصلاح الملف من أجل حياة حقوقية أفضل للمواطن المصرى الذى يستحق أن يتمتع بجميع حقوقه التى كفلها الدستور والقانون والآليات الدولية».

«تسييس» العمل الحقوقى

أما الناشط الحقوقى سعيد عبدالحافظ - رئيس مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان والذى تواجد أيضًا خلال شهرى نوفمبر الماضى ومارس الجارى- فأكد أنه لا يمكن أبدًا إنكار الدور المهم الذى لعبه المجلس الدولى لحقوق الإنسان فى مساعدة الدول على ضمان احترام حقوق الإنسان لمواطنيها، كما  أن المجلس أصبح أكثر مرونة وعدالة من لجنة حقوق الإنسان فيما يتعلق بمناقشة ملف الدول والتزاماتها بالاتفاقيات التى صادقت عليها، لكن فى واقع الأمر- وبعد مرور نحو ١٣ عامًا- فقد كشف الواقع العملى أن آليات المجلس الدولى تحتاج إلى تطوير وتدخل أكثر إيجابية  للتغلب على أهم تحدٍ يواجهه المجلس وهو «تسييس» العمل بداخل هيئاته من قبل بعض المنظمات والدول واستخدام ساحاته لتمرير رسائل سياسية أو مكايدة بعض الدول لدول أخرى، مما أفقده حيويته فى حث الدول ومساعدتها على التنفيذ والالتزام بتعهداتها لتحسين حياة مواطنيها  وأضاف عبد الحافظ: «.. ومما زاد الأمر سوءًا أن بعض الدول باتت تستخدم منظمات بعينها لخدمة مصالح تلك الدول من خلال مؤسسات المجلس وعبر منصاته، وهو ما يحتاح إلى ضرورة بذل جهد من قبل المنظمات الحقوقية لتصحيح مسار عمل المجلس».

 أدوات جديدة للمجتمع المدني

المحامى  شادى أمين -رئيس مؤسسة الحق لحرية الرأى  والتعبير وحقوق الإنسان –له وجهة نظر تقول: «فى أعقاب انتهاء جلسة الاستعراض الخاصة بمصر و صدور التوصيات، تبارى المهتمون للإدلاء بدلوهم بشأن تلك التوصيات، حتى إن البعض أشار إلى أن المعدل الكمى المرتفع للتوصيات، هو دليل على تردى حالة حقوق الإنسان فى مصر، بينما سارع آخرون للتأكيد على أن محاور التوصيات لا تخرج عن خمسة موضوعات رئيسة فقط لاغير،  وهو ما يعنى أن حالة حقوق الإنسان فى مصر ليست بالشكل المتردى الذى حاول أن يصوره البعض»..وأوضح أمين: «حقيقة الأمر أن كلًا من الطرفين قد تسرع فى أحكامه على التوصيات التى تلقتها الدولة المصرية، ولم يمنح أى منهما لنفسه الفرصة لدراسة وتحليل التوصيات بشكل متأنٍ، فالمطلع على آلية الاستعراض الدورى الشامل يعلم أن المعدل الكمى للتوصيات لا يعنى أن هناك ترديًا لحالة حقوق الإنسان فى الدولة محل الاستعراض، وإنما يعبر عن اهتمام الدول الأعضاء بفحص ملف الدولة محل الاستعراض، فعلى سبيل المثال تلقت الحكومة الأمريكية فى استعراضها عام 2018، عددًا من التوصيات تجاوز 340 توصية وكذا فرنسا التى تلقت فى استعراضها السابق ما يتجاوز 250 توصية، وهذا  لا يعنى أن تلك الدول تعانى من تردٍ لحالة حقوق الإنسان بها».زوأضاف: «بعيدا عن التحليل الكمى للتوصيات من حيث العدد، فإنه بالنظر إلى التوصيات ذاتها وما تتناوله من موضوعات، فإننا نجد أنها تعبر عن وجهة نظر الدولة مصدرة التوصية بشأن حالة الدولة محل الاستعراض ولا تعبر بدقة عن حالة حقوق الإنسان لدى الأخيرة، ليس هذا فحسب بل إن بعض  الدول عادة ما تبنى توصياتها على توجهاتها السياسية وعلاقتها بالدولة محل التوصيات، فيأتى التوافق أو الخلاف السياسى فى المقدمة على حساب حقوق الإنسان، حتى إن المتابع للتوصيات التى تصدر خلال جلسات الاستعراض يجد أن العديد من تلك التوصيات لا يتفق مع حالة حقوق الإنسان على أرض الواقع لدى الدولة محل الاستعراض» .

وقال أمين: يدفعنا هذا الأمر إلى بحث مدى جدية آلية الاستعراض الدورى الشامل بحالته تلك وتأثيرها فى حالة حقوق الإنسان فى العالم، خاصة أنه لا يوجد آلية محددة تُمكِّن الدول الأعضاء من التعرف بحق على حالة حقوق الإنسان لدى الدولة محل الاستعراض، وهنا يبرز وبشدة دور منظمات المجتمع المدنى المحلية التى تلمس على أرض الواقع حالة حقوق الإنسان ومدى التزام الدولة محل الاستعراض بتنفيذ التوصيات من عدمة، وعليه فإننا بعد مرور عشر سنوات من استحداث آلية الاستعراض الدورى الشامل، نجد أنه لزامًا على المجلس الدولى أن يبحث جديًا عن أدوات جديدة تمنح منظمات المجتمع المدنى المحلية، مساحة أوسع فى عرض تقاريرها وآرائها بشأن حالة حقوق الإنسان بشكل دورى، بما يمكنها من إيضاح المشهد بشكل أوسع، كما يمكن الدول الأعضاء من التعرف على حالة حقوق الاإنسان لدى الدولة محل الاستعراض ومدى تطورها أو تراجعها من عام لآخر.

وختم أمين بقوله: إن آلية الاستعراض الدورى الشامل هى واحدة من أهم الآليات المستحدثة أخيرًا، إلا أن تلك الآلية تحتاج الى البحث عن سبل للتطوير والتحديث، للتعرف على المدى الفاعلية والنجاح فى دفع الدول إلى احترام حقوق الإنسان والحد من الانتهاكات المرتكبة، لذا أعتقد أن على المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن تعمل على عقد مجموعة من اللقاءات مع خبراء حقوق الإنسان وممثلى منظمات المجتمع من أجل المدنى حول العالم، لبحث كيفية تطوير منظومة الاستعراض الدورى الشامل، من أجل رفعة حقوق الإنسان فى العالم .

 

أرقام من استعراض مصر الدورى

تلقت مصر 372 توصية.

قبلت 78.73 % من إجمالى التوصيات.

- 270  توصية مقبولة كليًا.

- 24 توصية منفذة.

- 31  قبولًا جزئيًا.

- 30  توصية تم رفضها، منها توصيتان غير متعلقتين بمجلس الإنسان وتوصيتان رفضت مصر التعامل معهما من أساسه، لتضمنهما ادعاءات مسيسة وغير صحيحة.

- 15 توصية غير دقيقة وخاطئة.

- 14  دولة طلبت التعليق على التقرير المصرى وهى: إثيوبيا، الجابون، اليونان، هايتي، إيران، العراق، الأردن، الكويت، غانا، الصين، ليبيا، ليسوتو، مالاوى وموريتانيا.