الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
حكومـة أوضح من الحقيقة

حكومـة أوضح من الحقيقة

يعيش العالمُ المؤامرةَ العظمى. المَكيدةَ الكبرَى. حالة من المُكر الذى تزول منه الجبال صناعة الولايات المتحدة الأمريكية. دخل العالم كله خندق الأزمة بغير ضوء فى نهاية النفق المظلم. الإمبراطور وحده يملك من القوة والإرادة لوضع نهاية لهذه المأساة. فقد دفعت الشعوبُ الثمَنَ غاليًا. توقف اقتصادُ العالم ووصل إلى الصفر. وهنا ظهرت قوة صمود الأمم بقوة رجالها. رجال الأزمة. 



دخلت مصر نفق وباء «كورونا» وهى غير جاهزة لتلك الأزمة. فقد كان الاقتصادُ بدأ فى التعافى وبدأت بوادر الإصلاح الاقتصادى تتضح وعادت السياحة رُوَيدًا رُوَيدًا إلى حالتها الطبيعية قبل عشر سنوات مضت. جاءت كارثة الوباء فجأة. كان من الطبيعى أن يرتبك الناسُ ويتوهون وسط الشائعات ويغرقون فى الخوف ويدورون فى دوائر متشابكة من فُقدان الثقة فى كل شىء. إلّا أن ثبات الدولة برئيسها وحكومتها أدار دفة البلاد بحذر وعِلْم ودقة وحزم وشفافية. فكانت الخسائرُ اعتيادية فى مثل تلك الأزمات. لقد أدار رئيسُ مجلس الوزراء الدكتور «مصطفى مدبولى» الأزمة بثبات وانضباط. أدار الدكتور «مدبولى» فريقَ عمله من الوزراء بتنظيم غير معتاد على الدولة منذ إدارة الدولة لحرب أكتوبر. الرجُل يشبه كثيرًا أسلوبَ الدكتور «عبدالعزيز حجازى» فى إدارة الدولة أثناء حرب أكتوبر. ثبات وهدوء أعصاب وقدرة على اتخاذ القرار وتواصل ببساطة مع الشعب. واجَه الشعبَ بالحقيقة كاملة. وهو أسلوبٌ تستخدمه الحكومات القوية المخلصة عندما تواجه الكوارث. يُستخدَم عندما يرى قادة الدولة خطرًا محدقًا بهم ولا يتمكنون من إقناع الشعب برؤية الذئب الماثل أمام أبوابهم من دون اللجوء إلى حملات مكثفة للمواجهة. فقد كان وزير الخارجية الأمريكى «دين اتشيسون»- فى الفترة ما بين (1949 - 1953م)، وهى الفترة التى حَكم الرئيس الأمريكى «هارى ترومان»- يعانى قلقًا شديدًا لإحساسه بأن الشعب الأمريكى لا يعير الخطر الآتى من الاتحاد السوفيتى فى أواخر الأربعينيات اهتمامًا كافيًا. لذا كان يرى أنه من الضرورى أن يحرص القادة الأمريكيون على أن يكونوا (أوضح من الحقيقة) وإلّا فإنهم لن ينجحوا فى الحصول على دعم الشعب لتنفيذ الإجراءات التى كان يراها ضرورية للتعامل مع هذا التهديد. وهو ما تفعله الحكومة بالفعل فى مواجهة أزمة فيروس «كورونا». المواجهة والمصارحة والحزم واتخاذ القرارات القاسية لمصلحة الأمة دون النظر إلى الخسائر الاقتصادية التى قد تنتج من تلك القرارت. استراتيجية (أوضح من الحقيقة). لقد فرد الرئيس «السيسى» مظلة الأمان والثقة للحكومة للتصرُّف فى الأزمة. كان أسلوبُ الحكومة فى فرض الحظر وغَلْق المحال التجارية والمقاهى وغيرها وإلغاء جميع الأنشطة الثقافية والفنية وتأجيل الدراسة فى المدارس والجامعات أسلوبًا واضحًا فى طريقة التعامُل مع الأزمة. استراتيجية واضحة تمامًا. يتضح لنا جوهرها فى تصريح شهير لكمال أتاتورك (من أجل الشعب رُغمًا عن الشعب). ما فعلته الحكومة فى الأسابيع الماضية وما اتخذته من قرارات كان نابعًا من إخلاص حقيقى فى العمل والخوف الواضح والحرص على الشعب. فمصر بلد لها تاريخ طويل حزين مع الأوبئة. فقد كانت تعيش سنوات سوداء تحت ظِلِّ توحُش المرض وافتراسه للمئات من الشعب. أحد تلك الأوبئة حصَد ستمائة ألف مصرى فى بداية القرن العشرين. كان وباء الطاعون. لقد كانت مصر تعانى من وباء كل عام يحصد الآلاف من أبنائها. كان ذلك حتى نهاية أربعينيات القرن العشرين. وانتهت تلك المرحلة تحت قيادة «جمال عبدالناصر» حتى وقتنا الحالى. لكن هذه المَرّة لم يكن الوباءُ نابعًا من مصر. لم يكن نابعًا من قُراها أو مُدُنها الساحلية، بل وباءٌ عالمىٌّ اجتاح البشرية كلها، وأصابَ مصرَ وهو فى طريقه لغزو العالم. وهو ما جعل الحكومة تعمل جاهدة لمواجهة الوباء بتلك الطريقة. فلو نظرنا إلى دول أخرى متقدمة اقتصاديّا وعلميّا ودققنا النظر فى أسلوبها فى التعامُل مع الوباء لوجدنا أن مصرَ لا تَقل مطلقًا فى إدارة أزمتها عن هذه الدول. بل كان أسلوبُ التعامُل فى مصر أوضحَ وأقوَى فى التنفيذ. هناك دولٌ عادت إلى العصور الوسطى فى علاج أزمتها، ودولٌ أخرى وقفت عاجزة تمامًا عن التصرف. لكنْ مصر بما تملكه من تاريخ طويل فى التعامُل مع الأوبئة وفى ظِل حكومة قوية كالتى تدير البلاد الآن وتحت مظلة رئيس مُخلص فى قيادة البلاد جعلتْ الأزمة مسألة وقت وستنتهى بأقل الخسائر.

بالطبع هناك أخطاءٌ. لكنها أخطاءٌ اعتيادية نابعة من المفاجأة التى تعرضت لها مصرُ.

وستكون هناك خسائرُ لكنها خسائرُ طبيعية فى حالة الوباء. وهو ما جعل الحكومة تتبع أسلوبَ المصارحة القاسية مع الشعب. فهناك أسبابٌ كثيرة تجعل المواطنين العاديين لا يُدركون المخاطر التى تواجه البلاد. فربما لا تكون لديهم معرفة كافية بالشئون الدولية لمعرفة الأخطار المحاطة بدولتهم، وإن قدّم لهم قادتهم أدلة واضحة عليها. علاوة على ذلك قد لا يملكون الذكاءَ المطلوبَ للتعرُّف على الخطر ومن الممكن أيضًا أن يجبنوا أمام التهديدات. باختصار؛ فإن العامّة قد يكونون عرضة لبعض الجهل والغباء والجبن. بل استغل أعداءُ الأمّة الأزمة بوقاحة بتنظيم مسيرات فى عدة محافظات ترفع التكبيرات فجرًا ليرفعَ اللهُ عنّا البلاء. مزايدة رخيصة وقذرة واستخدام أسلوب الضغط النفسى على شعب خائف مرتجف وهو يرى دولًا تتساقط أمامه من قسوة الوباء. لقد استغل «الإخوان» الفاشيست لحظة ارتباك الشعب وضغطوا على أعصابه بجهل. وغفلوا- كما هى عاداتهم- أن هذا الشعب يملك من الخبرة التاريخية والموروث الشعبى الساخر ما يجعله يقابل تلك الأزمات التاريخية بالسُّخرية. فحَوَّلَ الشعبُ مسيرات «الإخوان» إلى قفشات ونكات انتشرت على السوشيال ميديا ضربتهم فى مقتل، بل أحبطت مخطط زعمائهم فى تركيا الذين هللوا بنزول أتباعهم واعتقدوا أنها بداية. وفوجئوا أنها كانت بداية بالفعل، لكنها بداية النهاية. نهاية سريعة لمُخطط قذر. مخطط واجهه الشعبُ بسخرية فقتله ضحكًا. ووفْق هذا المنطق عندما يحدث ذلك الفعل فعلى النخبة أن تشعل حماس الشعب لكى ينهض للتصدى وللتحدى الماثل أمامهم. لكن نخبتنا مختفية تمامًا، أو بالأدق غير موجودة؛ لأنها غير حقيقية ومنتفعة تظهر فى وقت الراحة. وقت الاسترخاء لتقول كلامًا فارغًا تتقاضى عليه أموالًا طائلة بلا فعل حقيقى يفيد الأمّة. عند الأزمة تختفى تحت الموائد كى تمُرَّ الأزمةُ بسلام دون التورط فيها وبَعد الأزمة يظهرون بصوت عالٍ مُدّعين أنهم كانوا فى أول الصفوف!!. لكن الدولة فى هذه الأزمة أفرزت رجالها بدقة. وظهَر مَن المتردد ومَن الضعيف ومَن الجبان ومَن صاحب المصلحة الشخصية وَمن المزايد. وعرفتْ مَن المُخلص. ستمر الأزمة لأن قدسَ الأقداس بخير. وبَعدها سيأتى وقتُ الحساب والتغيير الشامل والتخلص من كراكيب الماضى البغيض. التخلص من رجال الخيبة والفشل وفقر الفكر. مصرُ بخير تحت حُكم ذلك الرئيس المخلص وتلك الحكومة القوية المتماسكة الأعصاب. اطمئنوا قدس الأقداس بخير. وستظل بخير.