الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
كورونا.. بين الواقع والخيال

كورونا.. بين الواقع والخيال

فى الوقت الذى تعاملنا فيه مع الفنون باعتبارها رفاهية، ومن وسائل الترفيه والمتعة فقط، تعامل غيرنا مع الفنون بجدية، فأدركوا دورها وتأثيرها، واستخدموها لتحقيق أهدافهم فى جميع مناحى الحياة.. وعرفوا من خلالها كيف يقودون الشعوب ويخضعونها.. وأبرز مثال على ذلك فنون السينما والدراما الأمريكية، والتى استطاعت من خلالها الولايات المتحدة غزو العالم وأمركة الشعوب، بعد أن أبهرتهم بنمط الحياة وتفاصيلها، وطاردتهم بالحلم الأمريكى، والحرية والديمقراطية الوهمية!.. 



كما اتخذت من السينما والدراما والرسوم المتحركة وسائل للتفكير والخيال، بالاقتران بالعلم، بحيث يستفيدون منه أو يفيدونه..وربما لا يعرف البعض أن كثيرًا من مؤلفى ومخرجى الأفلام العالمية لا يعملون بمعزل عن المختبرات ومعامل البحوث، بل يتعاونون مع العلماء، ويستمدون منهم الأفكار المستخلصة من أبحاثهم، والتى لا ينقصها سوى التطبيق العملى فقط!.. ففنون الخيال العلمى لا تعتمد على خيال مبدعيها فقط، بل تعتمد إلى حد كبير على النظريات العلمية، والتوقعات التى تصاحب تطورها.. وكما تستعين بنظريات العلم، فإنها قد تكون أحيانًا دافعًا للعلماء للتفكير والتأمل حول ما تطرحه من أفكار تساهم فى الاكتشاف والتطوير.. فتظهر لنا تقنيات حديثة مستوحاة من هذه الإبداعات، أو تقدم استشرافًا للمستقبل، وفقا لما يفرزه تزاوج العلم والخيال..ومنذ انتشار وباء كوفيد 19(الكورونا)، وما أصاب شعوب العالم من خوف وقلق، وترقب لمعدلات العدوى وأعداد المصابين والوفيات، والأجواء الكئيبة التى نعيشها، بدأنا نسترجع ما شاهدناه فى السينما العالمية من مشاهد مشابهة، وتداول الناس فى أنحاء العالم الأعمال الفنية والأدبية التى تناولت انتشار الأوبئة، واعتبروا البعض منها تنبؤًا بواقعنا الآن.. وعلى رأسها الفيلم الأمريكى كونتجيون «contagion»  إنتاج عام 2011، والذى تصدر الآن قائمة الأفلام الأكثر مشاهدة ومبيعًا وبحثًا.. نظرًا لشدة تشابهه فى كثير من تفاصيله بما يحدث للعالم الآن، وكأنه محاكاة لما يحدث فى الواقع، فهو يتحدث عن انتشار فيروس انتقل من الخفافيش أيضًا، وله نفس سرعة العدوى الهائلة، وحضانته التى تمتد إسبوعين، واجتياحه للعالم، والفزع والفوضى التى سيحدثها، إلا أنه ينتهى بنجاح العلماء الأمريكيين فى اكتشاف مصل مضاد ينقذ البشرية..وقد أحدث الفيلم مؤخرا اهتمامًا عالميًا، وجذب أيضًا كبار الشخصيات والنجوم فى العالم لمشاهدته مجددًا، ومن شدة قربه للواقع وصفه المخرج والسيناريست الأمريكي/بارى جينكينز (الحائز على جائزة الأوسكار لأفضل كتابة سيناريو مقتبس عن فيلم ضوء القمر عام 2016) فى حواره مع نيويورك تايمز: «شعرت أننى أشاهد فيلمًا وثائقيًا وكل الممثلين المشاركين فيه أشخاص حقيقيون».. ومن ضمن الأعمال الفنية الأخرى التى قيل أنها تنبأت «بكورونا» مسلسل الرسوم المتحركة الامريكى the simpson  الشهير بعائلة سيمبسون..والذى عرض لأول مرة عام 1989، وقُدم فيما يزيد على 650 حلقة، فى حوالى 30 جزءًا..ورغم أنه يندرج تحت فئة «الكوميدى» إلا أن العالم يتفاجأ كل فترة بتحقق الكثير من أحداثه! فقد تناول عام 1993 انتشار وباء فيما يشبه الكورونا، ولم يكن الوباء أول التنبؤات، بل ظهر فى الحلقات فوز دونالد ترامب قبل أن نعرف ترشحه، كذلك استعرض الهجوم على برجى التجارة فى ١١ سبتمبر، وفساد الفيفا، وغيرها من أحداث وكوارث كانت تظهر بين الحين والحين فى طيات المسلسل!!.. ومن ضمن ما تم تداوله أيضًا، باعتباره من التنبؤات بكورونا، رواية «عيون الظلام» التى نشرت عام 1981، للروائى الامريكى/دين كونتز(عضو الحزب الجمهورى الذى ينتمى له ترامب ومن قبله بوش الأب والابن والعديد من الرؤساء الأمريكيين) وقد ظهر فى الرواية نوع من السلاح البيولوجى باسم وهان ٤٠٠، تم تصنيعه داخل مختبر ليتحول لوباء ينتشر بالعالم، والغريب وفقا لصحيفة «ديلى ميل» البريطانية، أن الطبعة الأولى من الرواية كان الاسم الأصلى للفيروس «جوركي400»، وهى تسمية مأخوذة عن اسم مدينة روسية، وعندما انهار الاتحاد السوفيتى عام 1991، أعاد كونتز كتابة روايته وغير اسم الفيروس ليصبح صينيا!!.. ورغم أن كثيرين يرون أن تلك الأعمال الفنية والأدبية تنبأت بالوضع الحالى، وآخرين يرون أنها أمور مدبرة ومخططة مسبقًا، هناك من يرون أنها مجرد مصادفات، ولم تكن سوى إعادة صياغة لأحداث واقعية حدثت على مر التاريخ، فقد عرفت البشرية أوبئة كثيرة بسبب فيروسات، كوباء «الأنفلونزا الإسبانية» الذى ضرب العالم عام 1918 وتسبب فى موت أكثر من 50 مليون إنسان، وفيروس «أنفلونزا آسيا» الذى ظهر فى الصين عام 1957 وانتشر فى العالم، وتسبب فى وفاة ما يقرب من 4 ملايين، وفيروس «سارس» عام 2003، الذى ظهر فى الصين أيضًا وينتمى إلى عائلة «كورونا فيروس».. فهل هذه النوعية من الأعمال -كما يعتقد البعض- مجرد خيال علمى أم تنبؤات بالمستقبل؟! أم أنها كانت مثال تطبيقى لتنفيذ بعض ما يتم فى المعامل ومراكز البحوث؟! أم ربما عرضت لنا مصير البشرية المحتوم، حتى نرى ونرتعد خوفًا حين يأتينا، ونتأكد أن الخلاص لن يكون إلا بأيادى من يحكمون العالم، وجديرين بالتحكم فيه، وإخضاعنا جميعا لنظامهم العالمى الجديد؟!